الحشاشون.. مرة أخرى - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحشاشون.. مرة أخرى

نشر فى : الجمعة 12 أبريل 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الجمعة 12 أبريل 2024 - 7:30 م

ها قد انتهى شهر رمضان المبارك بمسلسلاته المتنوعة منها الاجتماعى الكوميدى ومنها الدرامى ومنها التاريخى المثير للجدل ومنها.. ومنها.. إلخ، وقد استطاع مسلسل الحشاشين، أن يفرض نفسه بقوة خلال شهر رمضان، وأثار حالة جدل كبرى بسبب أحداث العمل.

المسلسل الذى يقوم ببطولته كريم عبدالعزيز، وهو من تأليف عبدالرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمى، حصل على إشادات كبرى، لكنه لم يسلم أيضًا من بعض الانتقادات.

ذلك الأمر الذى تحدث عنه الناقد الفنى طارق الشناوى فى تصريحات خاصة لموقع «العربية. نت»، مؤكدًا أن الترقب كان متوقعًا بسبب اسم النجم بطل المسلسل كريم عبدالعزيز، والكاتب عبدالرحيم كمال، وكذلك المخرج بيتر ميمى.

واعتبر أن المخرج لديه عين جاذبة تجعل المشاهد لديه تطلع لاستكمال الحلقات، ليبدأ بعدها الحديث عن جدل اللغة، وما ذكره البعض أن المسلسل الذى يتحدث أبطاله باللغة العامية المصرية وكان على صناعه استخدام اللغة العربية الفصحى.

وهو ما علق عليه الشناوى بأننا نضع أحيانا قواعد نتوارثها، وهى ليست صحيحة، حيث جرى العُرف أن الأعمال التاريخية تقدم باللغة العربية الفصحى، وهذا أمر خاطئ ولا يمثل الحقيقة المطلقة.

وضرب الشناوى مثلًا بفيلم «نابليون» الذى يدور جزء كبير من أحداثه فى فرنسا، لكن مخرجه «ريدلى سكوت» اختار أن يكون ناطقًا بالإنجليزية رغم أن المنطق يقتضى الحديث بالفرنسية.

وبحسب رأى د. محمد عفيفى أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة فإن استخدام اللهجة العامية البسيطة ساهمت فى وصول العمل إلى شرائح أوسع من المتابعين. وهذا أفضل ما فعله صناع العمل من وجهة نظرى حتى يصل رأيهم وفكرهم إلى شرائح أوسع (كما قال د. محمد عفيفى).

وتحدث الناقد الفنى عن مسلسل «الحشاشين»، معتبرًا أن البداية الخاصة به جيدة تحمل أداء مغايرًا، وهناك موسيقى تصويرية رائعة، غير أن المشكلة التى تواجه الكاتب تتمثل فى ضرورة توضيح الحكاية، لذلك يتعمد إيقاف الإحساس الدرامى، من أجل سرد المعلومات والحديث عن الشخصيات.

• • •

وفيما يخص هجوم الجماعات الإرهابية المتعددة على المسلسل، أكد الشناوى أن تلك الجماعات لديها توجس مسبق، خاصة أن بيتر ميمى مخرج المسلسل، هو من أخرج مسلسل الاختيار.

لذلك هناك توجس لديهم أن المسلسل سيتعرض لهم، رغم اختلاف الحقبة الزمنية، لكن العمل ينتقد التيار الإسلامى المتشدد، الذى يختلف باطنه عن ظاهره.

واعتبر الشناوى أن هذا التيار المتشدد يرى أن تلك الجماعات قريبة منه، لكن الهدف العميق الذى يتناوله المسلسل هو التقريب بين المذاهب، والطوائف المختلفة ليست بأكملها حقيقية فى الدين، لكن هذا الأمر يضرب توجهًا لدى هذا التيار المتشدد .

ففور بثه على شاشات الفضائيات المصرية، تصدر مسلسل "الحشاشين" بطولة النجم المصرى كريم عبدالعزيز الترند على مواقع التواصل الاجتماعى، وشنت لجان التيار الدينى المتشدد الإلكترونية حملات شرسة ضد المسلسل وصنّاعه، واتهموا القائمين على العمل بمحاولة لصق صفات الحشاشين بهم وعمل مقاربة بينهما.

ورغم أن أحداث المسلسل تكشف نهج الجماعة التى أرعبت العالم ونشرت الظلام والضلال والقتل والاغتيالات باسم الدين، فإن إحدى جماعات التيار الدينى المتشدد اعتبرت أن المسلسل يستهدفها عينها ويستهدف أفكارها، خاصة أن حسن الصباح زعيم الحشاشين انتهج مبدأ (السمع والطاعة) الذى سار على نهجه أنصاره، ونجح فى إقناعهم بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، مستخدمًا الحشيش لتخديرهم ودفعهم نحو تنفيذ عمليات القتل والاغتيالات .

يقول الدكتور سامح إسماعيل، الباحث فى شئون وملفات جماعات الإسلام السياسى لموقع «العربية. نت» وموقع «الحدث. نت» إن المقاربة الأساسية بين جماعة الحشاشين، وتلك الجماعة كان المبدأ الأول فيها هو الولاء والبراء، فإذا قامت الجماعة على هذا المبدأ وبايعت الأمير أو المسئول أو القائد أو شيخ الجبل حسب التوصيفات التى تطلقها أى جماعة على قادتها، فهذه البيعة تعنى حمولة نفسية ومعرفية وفقهية من العضو للقائد أو الأمير، مضيفًا أن العضو فى الحشاشين أو فى أى جماعة أخرى يمنح تفويضًا للأمير يحركه كيفما شاء، وليس له أى حقوق، بل عليه السمع والطاعة والانقياد.

وقال إن أوجه الشبه بين الجماعتين واضحة ولا لبس فيها، فالأمير فى الجماعتين يفتح طريق الجنة للأعضاء –حسب معتقداتهم– وشيخ الجبل أو الأمير هو من بيده مفتاح الأخرة، ولذلك فهذه الجماعات هى الأخطر لأنها تعتمد على شخص واحد يحكم مجموعة من البشر بتفويض إلهى مزعوم، ويمنحهم الجنة المزعومة والخلاص، ويصبح فى نظرهم المنقذ والمخلص، مشيرًا إلى أن الأمير فى الجماعتين يحرك المجموعات التابعة له حسب إرادته، وهو ما يمثل أحد أوجه التشابه بينهما.

ويضيف الباحث المصرى أن الحشاشين وتلك الجماعات المتشددة لديهم مشترك آخر متشابه وهو وجود ما يعرف بـ"الفدائيين" الذين ينفذون عمليات الاغتيال والعمليات الانتحارية لصالح الأمير أو القائد أو الجماعة، ويقتل هذا وذاك بتوجيه مثلما حاول الحشاشون اغتيال القائد صلاح الدين الأيوبي، مضيفًا أن الحشاشين قتلوا عددًا من القادة فى الجيوش الإسلامية، وهو ما حاولت هذه الجماعات تنفيذه فى عدة بلاد خلال فترات وجودهم فى سدة الحكم واستهدفوا قادة عسكريين وأمنيين وقضاة بعمليات اغتيال، وسعوا لهدم الجيوش الوطنية.

ويقول إن وجه التشابه الثالث بين الجماعتين هو تشابه تشكيل البنية الهرمية والإدارية لهما، حيث يجلس على قمة الهرم شخص واحد يحكم قاعدة من الموالين له مثل حسن الصباح فى الحشاشين والظواهرى فى القاعدة.. إلخ، ويقدم الأتباع فى الجماعتين أرواحهم للأمير أو القائد مقابل الحصول على الجنة الموعودة، مضيفًا أن هذه القاعدة يوجد بينها وبين بعضها ترابطًا شبكيًا وتتحرك وفق أوامر ونواه محددة، وتؤمن بعقيدة واحدة وتنفذ المهام الموكلة إليها، مؤكدًا أنه هنا يتحقق الخطر، حيث ينظر هؤلاء الأتباع للآخر كعدو يجب الاستنفار والاحتشاد للقضاء عليه وقتله. وكان فدائيو الجماعتين يقاتلون القادة فى الجيوش والحكومات ويوجهون سمومهم للحركات الوطنية وليس للمحتلين، كما كانوا أداة وخنجرًا مسمومًا فى ظهور أوطانهم ومجتمعاتهم.

• • •

كما أن المؤرخ المصرى الدكتور أيمن سيد فؤاد، يقول إن كثيرًا من هذه الأفكار ومنها «حلم الجنة» –الموجود بالمسلسل – مأخوذة من كتب الرحالة الأوروبيين، ومنهم ماركو بولو الذى تحدث عن هذه الحقبة التاريخية، والذين عايشوا جانبًا من أفراد فرقة الحشاشين الذين انتقلوا من قلعة "آلموت" فى إيران إلى بلاد الشام، وحدث هذا التلاقى فى فترة الحروب الصليبية، وهذه الأفكار غير موجودة فى المصادر العربية التى تناولتها.

كما قال إن الأفكار حول حلم الجنة فى القلعة التى بها أنهار وغابات خضراء لا تتوافق مع الطبيعة الجبلية لقلعة «الموت»، وربما أتت من وجود الجيل الثانى للجماعة فى بلاد الشام حيث توجد أنهار ومروج خضراء.

وأشار إلى أن مسلسل الحشاشين يجب التعامل معه على أنه عمل درامى فقط، يقدم صورة جميلة ومشاهد مميزة، ولا يعتد بما ورد فيه من معلومات تاريخية لأن أغلبها غير صحيح.

بدوره يقول أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة الدكتور محمد عفيفي، إنه لا يوجد ما يؤكد أو ينفى وجود حلم الجنة لدى الحشاشين، لأنها طائفة سرية بطبعها ولا يوجد أى وثيقة من مصادرهم تتحدث عن الموضوع، لأن كل تراثهم أُحرق بحرق قلعة الموت، وإن الحديث عن شرب الحشيش قبل التعرض لما يسمى بـ«حلم الجنة»، تم ذكره بعد فترة ليست قليلة من القضاء عليهم.

وأضاف عفيفى لموقع العربية.نت، أن هناك خلافًا حول صحة الرواية فالبعض يؤكدها، والبعض الآخر يقول إنها موضوعة عليهم من قبل خصومهم. ولم يستبعد وجود أنهار فى القلعة خاصة خلال فصل الشتاء بسبب وجود أمطار تتساقط على سفوح الجبال، ما يؤدى إلى ظهور مناطق خضراء، لكن خلال فصل الصيف يكون الأمر صعبًا، وربما تمكنوا من زراعة هذه المنطقة بشكل أو بآخر.

وأشار إلى أنه رغم الجدل حول الحقائق التاريخية فى المسلسل، إلا أنه خلق مساحة واسعة من النقاش حول التاريخ وعاد للمجال العام من جديد.

 

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات