استثمارات رأس الحكمة.. وإنقاذ الاقتصاد - إكرام لمعي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استثمارات رأس الحكمة.. وإنقاذ الاقتصاد

نشر فى : الجمعة 15 مارس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 15 مارس 2024 - 7:25 م
ما إن تم الإعلان عن صفقة استثمارية كبرى فى رأس الحكمة على البحر المتوسط فى مصر حتى انطلقت عاصفة مدوية على كل أصعدة وسائل التواصل واستمرت النقاشات لساعات، لتفصيل الصفقة التى تأتى فى وقت دخلت فيه البلاد إلى أتون أزمة اقتصادية طاحنة.
فالدولار الأمريكى وصل فى السوق الموازية فى فترة ما قبل الصفقة إلى 72 جنيها مصريا، وارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه، إضافة إلى إحجام الاستثمار الأجنبى المباشر وتراجع دخل قناة السويس لأسباب أمنية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج لأسباب متعددة، حسب أرقام رسمية.
واختفت سلع من السوق المصرية، بالإضافة إلى شلل جزئى فى حركة البيع والشراء قبيل رمضان بسبب الأسعار، وبدا أن الأزمة آخذة فى التنامى قبل أن تطل «رأس الحكمة» باستثماراتها.
أما رأس الحكمة فهى مدينة تحتوى على مناظر طبيعية خلابة، تمتزج فيها المياه الصافية، مع الشواطئ الرملية الرائعة وتوفر المدينة وما زالت الكثير من فرص العمل بها، كما تحتل المدينة موقعا استراتيجيا، حيث تقع بالقرب من ميناء العلمين الجوى، وميناء الحمرا للبترول وبالقرب من مطار مرسى مطروح الدولى، ومطار برج العرب الدولى، وبعد إنشاء طريق الفوكا الجديد أصبح من السهل جدًا الوصول إلى هذه المدينة، عبر هذا الطريق المختصر.
وأعلن رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولى، عن استثمار بنحو 35 مليار دولار لتطوير رأس الحكمة القريبة من مرسى مطروح، لتصبح وجهة سياحية ومنطقة حرة وأخرى استثمارية ومساحات سكنية وتجارية وترفيهية.
وقال مدبولى: إن حكومته ستخصص نحو 170 مليون متر ما يوازى أكثر من 40 ألف فدان للمشروع، متوقعا أن يتم ضخ استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدى عمر المشروع من دون تحديد هذا المدى.
وأضاف مدبولى أن حكومته وقعت عقدا مع شركة أبو ظبى القابضة (ADQ) وأنه سيتم إنشاء شركة مساهمة مصرية باسم شركة رأس الحكمة بين الحكومة المصرية والشركة، لتقوم الشركة المصرية بتنفيذ المشروع.
وأكد مدبولى أنه فى خلال أسبوع سيكون هناك مقدم نقدى للصفقة 10 مليارات دولار، وأن دولة الإمارات تنازلت عن وديعتها لدى البنك المركزى المصرى والتى تبلغ 11 مليار دولار لصالح الصفقة، بحيث يتم تحويل 5 مليارات دولار منها للجنيه المصرى مع تسليم الدفعة الأولى لشركة أبو ظبى القابضة.
بينما الدفعة الثانية ستكون خلال شهرين وسيدخل منها 14 مليار دولار نقدًا إلى مصر بالإضافة إلى الجزء المتبقى من الوديعة الإماراتية 6 مليارات دولار يتم تحويلهم جميعًا لصالح الشركة المنفذة للمشروع.
وذكرت شركة أبو ظبى القابضة (ADQ) على موقعها، إنها استحوذت على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار وأن الحكومة المصرية ستحتفظ بحصة قدرها 35 فى المائة فى مشروع رأس الحكمة وعوائده، ومن المتوقع أن يبدأ العمل فى أوائل عام 2025.
وأكدت الشركة أن مجموع استثماراتها فى مصر سيبلغ 35 مليار دولار وأن أموال الوديعة الإماراتية 11 مليار دولار سيتم استخدامها للاستثمار فى مشاريع رئيسية فى جميع أنحاء مصر لدعم النمو الاقتصادى.
وتوقع رئيس الحكومة المصرية أن يزيد حجم السياح إلى مصر بمقدار 8 ملايين سائح سنويا بعد إتمام المشروع.
• • •
يرى البعض أن مشروعًا بهذا الحجم يشير إلى أن الاتفاقات الاستثمارية هى «اتفاقات سياسية ذات صبغة اقتصادية»، وذلك من حيث المدى الزمنى المحدد لدخول 24 مليار دولار إلى البلاد وهو شهرين، وذلك بالرغم من أن المشروع سيتم البدء فيه فى أوائل عام 2025 حسب بيان شركة أبو ظبى القابضة (ADQ) على موقعها.
كما أن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولى أرجع الفضل فى إنجاز الصفقة بهذه الشروط إلى القيادة السياسية فى البلدين.
وتنشط شركة أبو ظبى القابضة (ADQ) فى الاستثمار المباشر فى مصر منذ فترة حيث استحوذت هى وشركة «أدنوك» على حصة 40.5 فى المائة فى مجموعة «آيكون»، ذراع قطاع الضيافة التابع لمجموعة «طلعت مصطفى القابضة» (TMG) من خلال زيادة رأس المال. وتمتلك «آيكون» مجموعة من الفنادق التاريخية فى مصر، حسب موقع الشركة.
وظهر هشام طلعت مصطفى بصحبة رئيس الوزراء المصرى مع رئيس دولة الإمارات المتحدة فى أبو ظبى أوائل فبراير الماضى، ما رآه البعض «تحضيرًا لصفقة رأس الحكمة».
كما استحوذت الشركة الإماراتية (ADQ) فى إبريل 2022 على حصص فى البنك التجارى الدولى (CIB) أحد أكبر البنوك الخاصة المصرية، وشركة المدفوعات الإلكترونية «فورى»، وشركة «الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع».
بالإضافة إلى شركتى «مصر لإنتاج الأسمدة» (موبكو)، و«أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية»، وهما من الشركات الصناعية الرئيسية فى البلاد، وتم الاستحواذ على شركة آمون للأدوية، إحدى أكبر الشركات فى تصنيع الأدوية، حسب موقع شركة أبو ظبى.
• • •
تتعلق مخاوف البعض من الاستثمار فى رأس الحكمة بالأرض ومزاعم بيع مدينة كاملة، كما يقول منتقدون، والإشارة بأن الاستحواذات الأخيرة من الإمارات تثير القلق على مستقبل البلاد الاقتصادى، من قبيل عدم وضع البيض كله فى سلة واحدة، حسب المنتقدين.
الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فى حديثه مع قناة BBC، قال إن «الشركة التى ستنفذ المشروع هى شركة مساهمة مصرية، وتحتفظ الحكومة فيها بـ 35% وهى أرض مصرية موجودة داخل البلاد، والاستثمار نفسه داخل البلاد، فلا داعى للقلق».
وأضاف الدكتور هشام إبراهيم أن الدولة حينما تصدت للمشروعات الكبيرة والعقارية منها على وجه الخصوص، مثل العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية، أرهقت بشكل كبير، ووجه إليها انتقادات: لماذا تقوم الدولة بذلك وتُرهق نفسها بهذا الحجم من الاستثمار؟
لكن مصر فى مشروع رأس الحكمة «تُغير التوجه وتُعطى القطاع الخاص فرصة إنشاء وتدوير المشروع وتساهم هى بشكل جزئى»، وفق قوله.
ويضيف الدكتور هشام إبراهيم أن الشركات المصرية هى من ستقوم بعمل المشروع بالكامل سواء كانت شركات المقاولات والموردين والعمالة، وهى «مصرية خالصة».
وقال الدكتور رشاد عبده إنه مرتاح من كون مشروع رأس الحكمة هو شراكة وليس بيعًا صحيحًا للأصول، فإن المساحات المخصصة كبيرة جدا، حسب وصفه، لكن الحكومة فى النهاية تمسك بـ 35 فى المائة والشراكة بها ميزة خدمة الجيل الحالى والأجيال القادمة.
ويشير الدكتور رشاد عبده إلى أن الصفقة ستدخل دولارات تزيد من الاحتياطى الأجنبى بالبلاد، وسيتاح الدولار لاستيراد مستلزمات الإنتاج الهامة والسلع الاستراتيجية، وتلبية احتياجات المستوردين والبضائع التى فى الجمارك.
وتبطل الحجة التى يقول بها المستوردون ولو بشكل مؤقت، بأنهم يشترون الدولار من السوق السوداء بـ 70 جنيها، وهو ما يؤثر على الأسعار.. لكن الهدوء الذى قد يصيب سوق الصرف سينعكس على الأسعار.
يؤكد الدكتور هشام إبراهيم أن الأسعار ستتراجع ولكن ليس بهذا المشروع فقط، ولكن بالإضافة إلى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى ــ وهو ما يضمن دخول نقد أجنبى ــ الأسعار ستهدأ ولو قليلا.
وقال إبراهيم إن الاضطرابات التى تعانى منها سوق الصرف التى تؤثر على سوق المأكل والمشرب والعقار والسيارات والذهب، كل هذا سيهدأ نسبيا مع توفير النقد الأجنبى واستقرار سوق الصرف إلى حد ما.
ويرى رشاد عبده أن الحكومة المصرية يجب أن تتمتع بالرشادة فى إنفاق هذه المبالغ، وأن تتخذ إجراءات قوية فى السوق المصرية لضبط الأسعار بعد إتاحة النقد الأجنبى.
ويرى خبراء أن المشكلات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى تبقى قائمة طالما لم تتوسع الدولة فى الإنتاج الذى يمكن تصدير فوائضه، وليس تصدير ما على مائدة المصريين، الأمر الذى يضمن مدخولات من النقد الأجنبى لاستقرار السوق المصرية.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى: إنه بمساعدة تمويل جديد بعشرات المليارات من الدولارات من الإمارات وصندوق النقد الدولى، بات من الممكن التحول إلى سعر صرف مرن للجنيه. وأضاف أنه أوقف تعويم الجنيه العام الماضى لأسباب تتعلق بالأمن القومى لأن كانت هناك حاجة إلى مبلغ كبير من التمويل قبل اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وكانت هذه الكلمات هى أول تصريحات علنية للسيد الرئيس منذ أن سمحت مصر للجنيه بالانخفاض إلى نحو 49.5 مقابل الدولار من 30.85 جنيه.
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات