القانون على الجميع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القانون على الجميع

نشر فى : الإثنين 18 يناير 2010 - 9:22 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 يناير 2010 - 9:22 ص

 عصر أمس الأول اتصل بى مشكورا السياسى الكبير منصور حسن وزير الإعلام والثقافة وشئون الرئاسة الأسبق، معلقا ومؤيدا ما كتبته فى هذا المكان من عدد السبت بعنوان «هل انقلب السحر على الساحر؟»، بشأن العلاقة بين الحكومة والمسيحيين فى أعقاب الجريمة النكراء ليلة عيد الميلاد فى نجع حمادى.

منصور حسن ــ الذى يعد أحد القلائل فى مصر المؤمنين فعلا بالحريات وحقوق الإنسان والليبرالية من دون ادعاء أو صراخ ــ قال فى الاتصال التليفونى إنه لا حل للمشكلة من دون تطبيق القانون بلا هوادة على الجميع خصوصا فى مثل هذه الأزمات التى تهدد بزيادة الشرخ الموجود فى المجتمع.

لو حدث فعلا وطبقنا القانون بلا هوادة على الجميع وفى كل القضايا لتحولنا إلى دولة متقدمة فعلا، وما كنا قد شهدنا معظم الكوارث التى نعانى منها الآن.

الجرائم موجودة منذ قتل قابيل هابيل، وموجودة فى كل المجتمعات المتقدمة والمتخلفة، وستظل موجودة حتى تقوم الساعة، لكن الفرق أنها محدودة ومسيطر عليها فى الدول التى تحترم نفسها وتطبق القانون لكنها فى المجتمعات الأخرى، والتى تطبق القانون حسب المزاج والشخص والحالة والظرف والمواءمة تتحول إلى الأصل والأساس وليس الاستثناء.

فى بلد صار فيه شعار غالبية الناس «أنت ماتعرفش أنت بتكلم مين»، يصبح طبيعيا أن نصل إلى ما وصلنا إليه.

لو طبقنا القانون بجد وصرامة فى قضايا الاحتقان الطائفى الكثيرة السابقة ما كنا قد وصلنا إلى مأساة نجع حمادى الحالية.

لو كانت الحكومة تريد فعلا إصلاحا حقيقيا لغالبية المشكلات ومنها المشكلة الطائفية لبدأت فى تطبيق اتخاذ خطوات ملموسة تجعل المساواة بين الجميع على أساس حق المواطنة واقعا ملموسا وليس شعارا انتخابيا وإعلاميا يعلم الجميع أنه غير موجود، عليها أن تقضى على التمييز بين الناس على أساس العرق واللون والدين والمذهب والجنس.

الوصول إلى دولة المواطنة الكاملة للجميع سوف يستغرق وقتا، ويحتاج إلى تغيير ثورى وانقلاب جذرى فى المفاهيم والعقول والذهنيات المتمترسة خلف الأنماط والقوالب والثوابت. لكن علينا أن نبدأ فورا إذا كنا جادين فعلا فى الخروج من النفق الذى أدخلنا فيه الحكومة بنظرتها القاصرة.

وسياستها «الترقيعية» لكل المشكلات.

لكن.. وآه من لكن، فكل ما سبق يبدو أقرب إلى الأحلام.. فالحكومة المستندة إلى أغلبية برلمانية مشكوك فى نزاهتها، والتى تحكم فى مرات كثيرة بالقمع، لا يمكن أن تؤمن بين يوم وليلة بالمواطنة وسيادة القانون، ويبدو صعبا أن تنفذ سياسات رشيدة لأنها لو فعلت ذلك لقضت على نفسها.

رحم الله المبدع الكبير صلاح عبدالصبور حينما قال فى «ليلى والمجنون»: فى بلد لا يحكم فيه القانون، ويساق الناس فيه إلى السجن بمحض الصدفة لا يوجد مستقبل.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي