هل يعود المحافظون الجدد إلى أمريكا؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يعود المحافظون الجدد إلى أمريكا؟

نشر فى : الأربعاء 18 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 ديسمبر 2013 - 8:00 ص

كتب على رضا خانى، رئيس تحرير صحيفة إطلاعات الإيرانية، مقالا نشر على موقع Iran Review، نقلا عن الصحيفة بعنوان «هل يعود المحافظون الجدد إلى أمريكا؟» تحدث خلاله عن ضرورة عدم السماح للمحافظين المتشددين بأن يكون لهم القول الفصل فى شئون الدولتين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، كيلا يفسد ذلك جهود المصالحة الحالية بشأن إنهاء أزمة الملف النووى الإيرانى.

استهل خانى مقاله بعرض وجهتى النظر السائدتين فى إيران بشأن شكل العلاقات والتفاعل بين إيران وحكومة الولايات المتحدة، سواء قبل أو بعد توقيع الاتفاق النووى الأخير فى مدينة جنيف السويسرية.

ترى وجهة النظر الأولى: إن الولايات المتحدة بلد مثل جميع البلدان الأخرى فى العالم. وهى بطبيعة الحال، تتمتع بقوة اقتصادية هائلة ومكانة سياسية عالية، يمكن أن تلعب دورا فعالا فى تحديد مسار القرارات التى تمس أجزاء كثيرة من العالم، بما فى ذلك الشرق الأوسط. وهذا هو السبب فى الدرجة العالية لتأثير فرض واشنطن عقوبات على إيران وممارسة كل أنواع الضغوط الاقتصادية والسياسية على بلادنا. وكنا قد قررنا فى السابق، تماشيا مع مصالحنا الروحية والمادية، الحد من علاقاتنا مع هذا البلد لأننا اعتبرنا الولايات المتحدة دولة معادية. وبالمثل، يمكننا ــ بل ويجب علينا ــ تحسين علاقاتنا مع هذا البلد من أجل التخلص من الضغوط المفروضة على بلدنا. وفى الواقع، كان المعيار الرئيسى لذلك هو مصالحنا الوطنية. وفى وقت سابق، دعتنا مصالحنا الوطنية إلى وقف أى علاقات أو حوار سياسى مع هذا البلد. والآن، تستلزم مصالحنا الوطنية أن نحل مشاكلنا مع الولايات المتحدة؛ بنفس الطريقة التى نقيم بها العلاقات الحالية مع دول أخرى مثل بريطانيا وروسيا، وكان هذا بوجه عام فى مصلحة أمتنا حاليا، ويمكننا أيضا فتح الأبواب أمام حوار مع الولايات المتحدة يهدف إلى حل المشكلات القائمة بين البلدين. كما نستطيع استخدام العلاقة المحتملة مع الولايات المتحدة كوسيلة لتحقيق منافع لبلادنا ومعالجة الأضرار التى لحقت بالأمة الإيرانية. فلا يوجد من الناحية الدينية ما يحرم الحوار والمفاوضات وحتى وجود العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة.

•••

وعن وجهة النظر الأخرى، ذكر رؤيتها للولايات المتحدة كدولة متغطرسة بطبيعتها وهو ما لا يمكن تصحيحه. وأى نوع من المفاوضات والاتفاق معها سيكون تقبلا لخداع هذا العملاق المتغطرس. وليس لدينا أى قاسم مشترك بين مصالحنا ومصالح الولايات المتحدة، وسيكون أى نوع من العلاقات بين طهران وواشنطن على حساب إيران. لذا، يجب علينا ألا نسمح بأن يخدعنا هذا الشيطان ويجب الوقوف فى وجهه بكل ما أوتينا من قوة. وقد سببت الولايات المتحدة أضرارا لإيران وهو ما لا يمكن غفرانه ولا تعويضه. ويتسم المسئولون فى الإدارة الإيرانية والأجهزة الدبلوماسية، الذين وضعوا ثقتهم فى المفاوضات كوسيلة لإقامة علاقات مع الولايات المتحدة من أجل إيجاد حلول للمشاكل والضغوط الناتجة عن العقوبات ضد إيران ــ بالعجرفة. وهم يجهلون أن لغة القوة هى اللغة الوحيدة التى يمكن أن تعمل بشكل فعال مع هذا الشيطان الاستعمارى. ونتيجة لذلك، ينبغى ألا نتورط أبدا فى أى نوع من أنواع التفاعل مع الولايات المتحدة.

•••

ومن نافلة القول إن وجهة النظر الأولى ينادى بها الشخصيات المعتدلة فى حين يتم اعتماد وجهة النظر الثانية من السياسيين المحافظين. حتى فى ذروة المفاوضات بين إيران ومجموعة 5 +1 فى جنيف، وخلال المحادثات الثنائية بين وزراء الخارجية الإيرانية والأمريكية فى نفس المكان، كان كل من التيارين يعلن وجهة نظره التى يصر عليها. وكان الإصرار على وجهة النظر، خاصة على جانب المحافظين، من القوة بحيث كانوا يستخدمون حتى نوافذهم الإعلامية لتقديم التنبؤات حول مصير اتفاق جنيف. وأشاروا إلى أن الولايات المتحدة لن تلتزم أبدا مع الاتفاق وأن مصير اتفاق جنيف واضح جدا منذ البداية. ومن أجل دعم وجهات نظرهم، ظلوا يبحثون عن الأخبار والتصريحات من المستوى الثانى أو الثالث من المسئولين السياسيين الأمريكيين، التى من شأنها أن تشير بشكل غير مباشر حتى، إلى معارضتهم أو مخالفتهم للاتفاق.

وعن الوضع على الجانب الإيرانى، ذكر خانى مماثلته التامة للجانب الأمريكى. فقد أصر المحافظون الجدد الأمريكيون، فى مجلس الشيوخ والكونجرس، على أن أى اتفاق مع إيران سيكون عبثا. وشددوا على أن إيران لا يجب أن تعامل إلا بلغة القوة، وضرورة أن تستمر العقوبات ضد إيران مع الحفاظ على كل الخيارات الأخرى على الطاولة.

وفى الوقت نفسه، دعا أعضاء أكثر اعتدالا وحكمة فى الكونجرس ومجلس الشيوخ، معظمهم من الحزب الديمقراطى القريب من الإدارة الأمريكية الحالية، إلى وقف فرض عقوبات جديدة ضد إيران. كما حثوا الإدارة الأمريكية على تجميد الموارد المالية المجمدة لإيران، ومن ثم، تمهيد الطريق أمام التوصل إلى اتفاقات أكبر مع الجمهورية الإسلامية.

وكان الإجراء الأخير الذى اتخذته وزارة الخزانة الأمريكية بالنظر فى فرض عقوبات جديدة على 15 شركة وأشخاص متهمين بالتبادل التجارى مع إيران علامة منبهة على صعود قوة مكونة من الشخصيات الراديكالية فى السياسة الأمريكية. وهؤلاء لديهم على ما يبدو استعداد هائل لإثبات النظرية التى يعتز بها المحافظون الإيرانيون، وفحواها أن أى نوع من الاتفاق والتفاهم والتفاعل وحتى المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة سيكون خاطئا.

ومن الواضح أن الإشارات المرسلة من قبل جزء معين من حكومة الولايات المتحدة، تهدف للدلالة على هيمنة الشخصيات المتطرفة فى كلا البلدين. وهم بهذا، يصممون على دفع المفاوضات النووية إلى طريق مسدود، وإفشال الاتفاق الذى وقعته وزيرة الخارجية الامريكية، ممثلة الولايات المتحدة.

•••

وختاما، فإذا كانت الإدارة الأمريكية والرئيس باراك أوباما، الذى جاء إلى السلطة تحت شعار «التغيير» كأهم شعارات حملته، يريدان منع الشحصيات المتطرفة من تقويض نتائج كل الجهود التى بذلت خلال المفاوضات، فعليهما بذل قصارى جهدهما للدفاع عن مصداقية وشرف «مؤسسة الدولة» فى الولايات المتحدة. وبذلك، يمكن لأوباما حتى استخدام السلطة المخولة له كرئيس للولايات المتحدة، حيث لن تكون قرارات الكونجرس صالحة، بدون توقيعه ومصادقته النهائية عليها. وعلى الإدارة الأمريكية ألا تسمح لجميع الأسباب التاريخية، التى تم تحطيمها بعد سنوات طويلة من الصبر والمثابرة وبفضل تمكين الساسة المعتدلين فى كلا البلدين، وسيادة «قوة المنطق» بدلا من «منطق السلطة»، بأن تبطل هذه الجهود وتلغيها. باختصار، لا ينبغى السماح بأن يكون القول الفصل للشخصيات الراديكالية والمحافظة فى أى من البلدين.

التعليقات