الثورة طائرة مخطوفة - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 12:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثورة طائرة مخطوفة

نشر فى : الخميس 19 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الخميس 19 يناير 2012 - 9:05 ص

لا معنى لهذه الحالة من الفزع الرسمى من فاعليات يوم 25 يناير إلا أن القائمين على أمور البلاد يدركون جيدا أنهم فشلوا فى إدارتها بعد الثورة، ومن ثم يتعاملون بسيكولوجية الخائف من الامتحان والمواجهة، ولذلك يلجأ إلى أساليب وحيل تهدف إلى إلغائه أو تأجيله وحتى إحراق مقر اللجنة كحل أخير.

 

لقد كان من المفترض أن يتعجل المجلس العسكرى والحكومة مجىء هذا اليوم، وأن يشعروا بالفخر لأنهم أدوا الأمانة التى أوكلها إليهم الشعب، كان من المفترض أن يحدث ذلك لو أنهم حافظوا على الثورة، ورعوا مطالبها وحموا أهدافها، وتمثلوا غاياتها ومعانيها الكبرى بالفعل.

 

لكن المفترض شىء والواقع شىء آخر، يقول بوضوح إن الشعب عهد بثورة ناصعة البياض نظيفة المقاصد إلى المجلس العسكرى بناء على طلب الأخير وإلحاحه على أنه شريك فيها وحامٍ لها، ووكيل عن صانعيها فى تحقيق غاياتها، لكنه من أسف تلقت الثورة طعنات وصفعات وركلات أدمت وجهها وتركت جراحا غائرة فى جسدها.

 

وبعد مرور سنة إلا عدة أيام كان لابد أن تفرض أسئلة الثورة نفسها: ماذا حدث وأين تقف الآن.. ماذا فعلت إدارة عموم الثورة فى قائمة المطالب والأحلام والحقوق التى انتفض المصريون من أجلها، ودفعوا ثمنا باهظا من دمائهم ولحمهم الحى؟

 

إن ما حدث ببساطة طوال كل الشهور الماضية أن الذين جلسوا على مقعد قيادة الثورة أصابوها بصدمات وخدوش وسببوا لها أعطالا جسيمة، وفى نهاية الأمر غاصوا بها فى بحر من الرمال، وبدلا من الاعتراف بالأخطاء ومراجعة الذات، أو الإقرار بعدم القدرة على القيادة، لجأوا إلى أطرف وأعجب أساليب التملص من المسئولية بإلقائها على عاتق الركاب، على طريقة سائق قفز بسيارة أو طائرة إلى قاع النهر، ثم خرج ليقول إن العيب ليس فيه ولا فى السيارة، بل إن الركاب هم الذين لا يعرفون أصول الركوب.

 

لقد اعتبر السائق أن وجود بشر فى الشوارع والميادين يعطل انطلاقه بالسيارة، ورأينا حملات شرسة وحروبا عنيفة ضد الميادين لإخلائها من الثوار والمتظاهرين والمعتصمين، ورغم ذلك لم نلمس تحسنا فى مستوى القيادة.

 

وإذا أضفت إلى ذلك أن السيارة ملك ركابها، وليست من أملاك السائق ولم يدفع فيها مليما أحمر، فإننا نكون أمام مشهد عبثى بامتياز حين يصر سيادته على تصوير أصحاب السيارة وملاكها الحقيقيين على أنهم يمثلون خطرا عليها ويريدون إهلاكها.. وبالتالى لا غضاضة فى اعتقالهم والزج بهم فى عنابر المجانين، أو فى غياهب السجون، واستبدال آخرين بهم إذا هم طالبوه بالترجل من فوقها وتركها لمن يرونه الأجدر والأقدر على القيادة.

 

إن هذا بالضبط ما يريده الذين قرروا النزول يوم الأربعاء المقبل.. تسليم السيارة لمن يفهم فى إصلاحها وقيادتها قبل أن تحترق بالجميع.

وائل قنديل كاتب صحفي