إثيوبيا.. واللعب بالنار! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إثيوبيا.. واللعب بالنار!

نشر فى : الجمعة 19 مارس 2021 - 10:20 م | آخر تحديث : الجمعة 19 مارس 2021 - 10:20 م

إصرار إثيوبيا على فرض الأمر الواقع فى أزمة سد النهضة، والانتهاء من أعمال البناء دون التوصل إلى اتفاق قانونى واضح وملزم بشأن آليات الملء والتشغيل، يعد محاولة خطرة للعب بالنار، لن تسمح بها مصر والسودان تحت أى ظرف.

فى الأسبوع الماضى، وبمناسبة مرور عشر سنوات على بدء بناء السد، خرج وزيرا الخارجية والمياه فى إثيوبيا بتصريحات تتسم بالتعالى والصلف والعجرفة، تمحورت فى النقاط التالية:

ــ لا يمكن لأحد أن يحرم إثيوبيا من نصيبها البالغ 86% فى نهر النيل.

ــ الملء الثانى لسد النهضة سيتم فى موعده، وهذه الخطوة لن تمدد بأى حال من الأحوال.

ــ ليس فى إمكان أحد منعنا من الحق فى استخدام مياه نهر النيل.

ــ استكمال مشروع سد النهضة هو مسألة ضمان لسيادة البلاد.

هذه التصريحات العنترية للمسئولين فى إثيوبيا، بخصوص الإصرار على تنفيذ الملء الثانى لسد النهضة المقرر فى يوليو المقبل، حتى بدون اتفاق مع دولتى المصب، لا تدل مطلقا عن قوة موقفها كما يظن البعض، لكنها تؤشر إلى «هستيريا» ناجمة عن ضعف منطقها، بعد توحد الرؤيتين المصرية والسودانية تجاه المخاطر التى يحملها هذا السد على الحياة فى البلدين، وكذلك نتيجة للدعم الذى أبدته القاهرة، لطلب الخرطوم بشأن تشكيل لجنة رباعية دولية، لحل الخلافات المتعلقة بملء وتشغيل السد.

الرد المصرى والسودانى على تلك التصريحات كان عاقلا جدا؛ حيث شدد المسئولون فى البلدين على رفض محاولة أديس أبابا فرض الأمر الواقع على دولتى المصب «لما يمثله من تهديد لمصالح شعبيهما ولتأثير مثل هذه الإجراءات الأحادية على الأمن والاستقرار فى المنطقة»، كما أكدا أن «الإصرار على الملء الثانى من دون التوصل لاتفاق، يُعد مخالفا للقانون الدولى فيما يتعلق باستخدام مصادر المياه العابرة للحدود».

وأوضحوا أنه «من المؤسف أن المسئولين الإثيوبيين يستخدمون لغة السيادة فى أحاديثهم عن استغلال موارد نهر عابر للحدود، فالأنهار الدولية هى ملكية مشتركة للدول المُشاطئة لها ولا يجوز بسط السيادة عليها».

لا نعتقد أن أديس أبابا قد تتجاوب مع مثل هذه اللغة الدبلوماسية العاقلة والمتزنة، لكنها بحاجة إلى لغة أخرى وطريقة تعامل جديدة، تشعرها بأن هناك خطوطا حمراء لا تستطيع تجاوزها فى هذه القضية، التى تعد بالنسبة لدولتى المصب، قضية وجودية ترتبط بالحياة لشعوبهما، وأن مصر والسودان لن يسمحا لأحد بأن يهددهما أو أن يكون هذا السد سيفا مسلطا على رقاب مواطنيهما، بحيث يتحكم فى هذا المورد الطبيعى الذى يتدفق فى أراضيهما منذ آلاف السنين.

السؤال الآن.. كيف يمكننا التعامل مع التصريحات الإثيوبية الأخيرة التى اتسمت بالعنترية والصلف والتعنت، بشأن عدم الاكتراث بالحقوق التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل، والإصرار على الملء الثانى للسد حتى بدون اتفاق؟

هناك أكثر من طريقة للتعامل مع هذا الموقف المتعنت من قبل أديس أبابا، أهمها مواصلة تعميق التقارب والتعاون بين القاهرة والخرطوم، لبناء تحالف قوى من أجل التصدى لمحاولة إثيوبيا «خنق» الشعبين المصرى والسودانى بهذا الجدار المائى الذى يهدد أكثر من ١٢٠ مليون مواطن فى دولتى المصب.

كذلك الإصرار على تنفيذ مقترح الخرطوم، بضرورة وجود وساطة رباعية دولية، لحل وتسوية النقاط الخلافية العالقة فى هذه القضية، وعدم إعطاء أديس أبابا الفرصة للهروب أو المراوغة كما فعلت ذلك على مدار السنوات العشر الماضية من المفاوضات.

أيضا يجب إشعار المجتمع الدولى، بأن هناك مخاطر أزمة حقيقية تلوح فى الأفق فى منطقة حوض النيل، وقابلة للانفجار فى أى وقت، ومن شأن ذلك تهديد الأمن والسلم والاستقرار فى القارة الإفريقية، وأن مواقف إثيوبيا المتعنتة تجاه الحقوق المصرية والسودانية، يمكن أن تجعل من الاحتكام للسلاح أمرًا لا مفر منه فى النهاية، لحماية وحفظ حقوق ومستقبل شعوب دولتى المصب.

التعليقات