خصوصية «النكبة» فى ذكراها الثانية والسبعين - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خصوصية «النكبة» فى ذكراها الثانية والسبعين

نشر فى : الثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:30 م

نشر موقع «القدس دوت كوم» مقالا للكاتب سعيد عريقات... نعرض منه ما يلى:
يطلق الفلسطينيون مصطلح «النكبة» على عملية تهجيرهم من أراضيهم، على أيدى «عصابات صهيونية مسلحة» عام 1948، التى تستمر سمتها الأساسية ليومنا هذا: سرقة الأرض الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطينى منها، وإخضاع الأراضى التى لم يتم طردهم منها بعد للاضطهاد والسيطرة التامة. ولذلك فإن «النكبة» عملية مستمرة، يجب رفض التعامل معها كحدث منفصل بدأ وانتهى فى حرب عام 1948 وتداعياتها، بل أكثر من ذلك، فهى مستمرة منذ 140 عاما، أو منذ بدء وصول الغزاة الصهاينة الأوائل واستيطانهم للأرض الفلسطينية بتشجيع ودعم كولينيالى أوروبى فى نهاية القرن التاسع عشر.
يتوجب علينا أن نتذكر أن أول من استخدم تعبير «النكبة» لوصف الإجرام والفتك الصهيونى الغربى بفلسطين والفلسطينيين كان المفكر القومى العربى السورى قسطنطين زريق، الذى خرج بوصفه أثناء عملية الذبح الصهيونى والتنظيف العرقى للفلسطينيين (فى حرب 1948)، وسجلها بكتابه الشهير الذى صدر فى شهر أغسطس من عام 1948 «معنى النكبة».
لكن مصطلح «النكبة» بات أكثر شيوعا وأكثر دقة لوصف الهجمة الصهيونية الغربية المتوحشة لإلغاء الوجود الفلسطينى، أصبح منقوشا فى الذاكرة الفلسطينية بعد أن نشره المؤلف والمفكر والصحفى الفلسطينى عارف العارف فى كتابه الكبير، المؤلف من مجلدات عدة وأرخ فيه أحداث 1947– 1952.
آخرون لقبوها بألقاب مختلفة: المفكر الأردنى عبدالله التل وصفها بـ«الكارثة» فى كتابه «كارثة فلسطين» (1959)، فيما سماها المفكر القومى الفلسطينى محمد عزة دروزة بـ«المأساة» فى كتابه «مأساة فلسطين» (أيضا عام 1959).
ذكرى هذا العام مختلفة، فى ظل هجمة غير مسبوقة تستهدف الإجهاز مرة وإلى الأبد المشروع التحررى الفلسطينى، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة وإجبارهم على الاستسلام الكامل والأخير. ولكن قبل أن نفسر خصوصية الذكرى الـ72، دعونا نسجل الحقائق التالية:
فى العام 1948، هجرت العصابات الصهيونية قرابة 800 ألف من أصل 1,4 مليون فلسطينى، من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة. كما تم تهجير آلاف آخرين، لكنهم ظلوا داخل نطاق الأراضى التى خضعت لسيطرة إسرائيل لاحقا. وبحسب بيانات رسمية فلسطينية، ارتكبت العصابات الصهيونية، خلال «النكبة»، أكثر من 70 مجزرة ومذبحة بحق الفلسطينيين؛ ما أودى بحياة ما يزيد عن 15 ألف فلسطينى، فيما سيطر الاحتلال الإسرائيلى خلال حرب 1948، على 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمر 531 منها بالكامل، وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.
ووفقا للجهاز المركزى الفلسطينى للإحصاء، فإن عدد الفلسطينيين تزايد 9 مرات منذ النكبة، ليبلغ بنهاية 2019 عام نحو 14 مليون نسمة، منهم 6,02 مليون لاجئ. وبحسب الجهاز، فإن نحو 28,4 بالمائة من اللاجئين يعيشون فى 58 مخيما رسميا تتبع لوكالة «أونروا» الأممية.
وبحسب الجهاز أيضا، فإن البيانات الإحصائية أظهرت أن اللاجئين يشكلون 43 بالمائة من الفلسطينيين المقيمين فى فلسطين (فى نهاية عام 2017).
لكن تلك التقديرات تمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين؛ لوجود عدد غير مسجل لدى «أونروا»، إذ لا يشمل الإحصاء من تم تشريدهم بعد 1949، وحتى عشية حرب يونيو 1967، وأيضا من تم ترحيلهم على خلفية تلك الحرب.
ومن بين العدد الإجمالى للفلسطينيين حول العالم، يعيش حوالى سبعة ملايين نسمة (49 بالمائة) فى «فلسطين التاريخية»، وهى: الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة وإسرائيل (الأراضى المحتلة عام 1948).
بعد حوالى ثلاث سنوات من صعود ترامب إلى السلطة، أقدمت إدارته على نشر خطتها الأحادية المعروفة باسم «صفقة القرن» التى كانت قد روّجت وسرّبت عناصرها الرئيسة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والمستوطنات، بعد أن وضعتها موضع التنفيذ العملى وفقا لمبدأ فرض السلام بالقوة وفرض الحلول والإملاءات. وحاولت، بالشراكة مع سلطة الاحتلال، تغيير الحقائق وتزييف التاريخ واختلاق رواية إيديولوجية تفرضها على العالم بما يتوافق مع مصالح إسرائيل العنصرية، ويضمن تفوقها الأمنى والإستراتيجى عسكريا واقتصاديا ليس على فلسطين فحسب بل على المنطقة برمتها، ملقية بذلك قواعد القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة فى سلة المهملات لصالح اتفاق أحادى يتم تنفيذه بين الوسيط الأوحد وأحد طرفى الصراع من خلال لجان مشتركة بين ثنائى الصفقة ترامب ونتنياهو.
وفقا للتجربة فإن من يسيطر على الأمن يسيطر على كل شىء، فمنح إسرائيل الحق فى الحكم على الأداء الأمنى للسلطة الوطنية الفلسطينية يعنى بقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية إلى الأبد. والمطلوب اليوم هو ترسيخ هذا الاحتلال الاستعمارى لفلسطين بموافقة فلسطينية، وبمساعدة دول عربية.
خطة صفقة القرن اخترعت تاريخا جديدا مزيفا ينسجم مع المستقبل الذى تلبى فيه إدارة ترامب أحلام وطموحات إسرائيل بإلغاء الوجود الفلسطينى وهويته الوطنية لصالح ضمان وجودها وهيمنتها على فلسطين والمنطقة برمتها. كما أن «صفقة القرن» بلغتها الاستعلائية والعنصرية المتعجرفة، تحط من شأن وتاريخ الشعب الفلسطينى وحقه المتجذر فى أرضه.
والحقيقة هى أن هذه الخطة امتدادا لوعد بلفور ووليدة «قانون القومية» العنصرى، بما فى ذلك الاعتراف بالاحتلال والقبول باستمراره، مرورا بضم القدس والأغوار والمستوطنات، وترسيم نظام الفصل العنصرى، وإلغاء لأى سيادة محتملة للفلسطينيين فى أى جزء من أرضهم، وانتهاء برفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التى شردوا منها قسرا.
كل ذلك حدث وتطور تحت أوهام «رحلة الضياع الفلسطينى» سعيا وراء حل الدولتين الذى يظهر اليوم على حقيقته: مستحيلا.

النص الأصلى

 

التعليقات