المبالغة في المخاوف من الذكاء الاصطناعي - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المبالغة في المخاوف من الذكاء الاصطناعي

نشر فى : الإثنين 19 يونيو 2023 - 7:20 م | آخر تحديث : الإثنين 19 يونيو 2023 - 7:20 م

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب مايكل سترين، يرى فيه أن موجة القلق تجاه التأثير السلبى للذكاء الاصطناعى على الديمقراطية والوظائف ليست فى محلها، بل على العكس يمكن استخدام هذه التكنولوجيا فى تعزيز النظم الديمقراطية وحماية الوجود البشرى.. نعرض من المقال ما يلى.
هل ستؤدى هذه التكنولوجيا الجديدة إلى تقليل التوظيف بشكل كبير وذلك من خلال القضاء على الحاجة إلى معظم العاملين من البشر؟ هل سوف تقوض الديمقراطية؟ هل ستشكل تهديدا وجوديا؟
إن القلق بشأن التغيير التكنولوجى ليس بالأمر الجديد، لكنه يتعلق عادة بما قد يصفه الاقتصاديون بأنه تأثيرات هامشية: سواء ما إذا كانت نسبة أكبر من العمال بدون شهادات جامعية سيجدون صعوبة طفيفة فى الحصول على وظائف أو ما إذا كان عدم المساواة فى الدخل سيزداد إلى حد ما، ومن ناحية أخرى فإن القلق بشأن الذكاء الاصطناعى يختلف من حيث حجم التأثير حيث يتوقع بعض الخبراء أنه يمكن أن يقوض الحضارة أو حتى القضاء على تلك الحضارة برمتها.
لقد جادل قادة التكنولوجيا بأن هناك أنظمة محددة للذكاء الاصطناعى «تشكل مخاطر جسيمة على المجتمع والإنسانية»، وهو شعور ردده علماء الذكاء الاصطناعى البارزون. لقد أظهر استطلاع حديث للرأى أن أكثر من الثلثين يدعمون التوقف المؤقت لبعض أنواع تطوير الذكاء الاصطناعى، لأن هناك احتمالا أن يتسبب الذكاء الاصطناعى فى نهاية الجنس البشرى على الأرض.
دعونا نبدأ بالحقيقة الأساسية ــ التى يبدو أنه قد تم التغاضى عنها ــ وهى أن التقدم التكنولوجى يحسن من رفاهية الإنسان. فى عام 1800، توفى 43٪ من الأطفال قبل سن الخامسة. ولكن فى القرون التالية، أدى التقدم التكنولوجى إلى تطوير الأدوية والعلاجات بالإضافة إلى طرق جديدة لعلاج الأمراض وزيادة الإنتاجية والأجور. بحلول عام 1900 مات نحو ثلث الأطفال فى سنوات حياتهم الأولى وفى عام 2017 انخفضت وفيات الأطفال العالمية إلى 4٪.
علاوة على ذلك، عززت التقنيات الزراعية من إنتاج الغذاء والحفاظ عليه والحد من الجوع كما أدى التقدم فى تكنولوجيا الطاقة مثل الكهرباء إلى تحسين حياة المليارات من البشر، وبشكل عام أدى الابتكار التكنولوجى إلى الحد من الفقر وذلك من خلال جنى الثروات.
إن من المؤكد أن عملية «التدمير الإبداعى» التى أطلقها الذكاء الاصطناعى التوليدى ستلغى الحاجة إلى العمالة البشرية فيما يتعلق بالعديد من مهامها الحالية. لكن على المتشائمين أن يتذكروا أن التدمير الخلاق يقوم بالإنتاج مثلما يقوم بالتدمير.
لم يكن بإمكان الاقتصاديين وغيرهم من الخبراء فى أوائل القرن التاسع عشر توقع أنواع المهام التى يؤديها العمال فى عالم اليوم. كيف كان يمكن لجون ستيوارت ميل أن يتوقع أن التقدم التكنولوجى سيؤدى فى يوم من الأيام إلى وظائف مثل محلل الأنظمة، ومصمم تخطيط الدوائر بالإضافة إلى عالم مختص بالألياف؟ ليست هناك حاجة لأن نعود بالزمان إلى هذا الحد، فلقد وجد الاقتصادى بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ديفيد وتور وزملاؤه من المؤلفين بأن غالبية الوظائف الحالية هى وظائف تم استحداثها بعد سنة 1940.
وبالمثل، فإن المخاوف من أن الذكاء الاصطناعى يشكل تهديدا للديمقراطية تعكس تشاؤما لا داعى له. بينما يمكن استخدام «التزييف العميق» ــ وهى الصور ومقاطع الفيديو التى يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى والتى تكون اصطناعية ولكنها تبدو حقيقية ــ للقادة السياسيين والمرشحين بأساليب شريرة، فإن التقنيات الجديدة يمكنها أيضا التحقق من صحة مقاطع الفيديو والصور. يتم بالفعل تطوير مثل هذه الأدوات، وستضمن المكاسب المالية من تلبية الطلب عليها بأن تظل موثوقة.
فى واقع الأمر، يمكن تعزيز الديمقراطية من خلال التقدم الحاصل فى الذكاء الاصطناعى. تكمن أكثر الفرص الواعدة للتكنولوجيا فى التعليم حيث يمكن أن تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعى كمعلمين خاصين لكل طالب، ومن المفترض أن يؤدى هذا إلى تحسين فرص بقاء الديمقراطية على المدى الطويل، وكما كتب جيمس ماديسون، «المعرفة ستحكم الجهل إلى الأبد: والشعب الذى يريد أن يحكم نفسه بنفسه، يجب أن يسلح نفسه بالقوة التى تمنحها المعرفة».
هل سوف يقضى الذكاء الاصطناعى على البشرية؟ من المرجح أن يفعل العكس حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعى بالفعل فى تطوير الأدوية بما فى ذلك من أجل لقاحات كوفيدــ19. إن من الممكن التصدى لأى جائحة مستقبلية ــ ربما واحدة تكون أكثر فتكا بكثير من كوفيدــ19ــ من خلال دواء يتم تطويره بفضل الذكاء الاصطناعى.
إن هذا لا يعنى أن الطريق أمامنا سيكون ممهدا. سيؤدى التطور السريع للذكاء الاصطناعى التوليدى إلى تعطيل أسواق العمل، وسيكون الاضطراب الاقتصادى الناتج عن ذلك مؤلما لكثير من العمال، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتعلم القادة السياسيون ووسائل الإعلام كيفية فضح وإغلاق تقنية التزييف العميق.
لا ينبغى لصناع السياسات أن يكون لديهم ثقة زائدة بالنفس، وبالمقارنة مع موجات الأتمتة السابقة، ينبغى عمل المزيد لمساعدة العمال الذين يواجهون التعطيل المرتبط بالذكاء الاصطناعى. فى بعض البلدان، قد يكون من الضرورى تعزيز شبكة الأمان الاجتماعى، ومثل أى تقنية قوية، يجب تنظيم الذكاء الاصطناعى التوليدى بشكل مناسب مع الحرص على ضمان عدم تعطيل تطوره بلا داعٍ.

النص الأصلي

التعليقات