السلاح والثورة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السلاح والثورة

نشر فى : الإثنين 19 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 أغسطس 2013 - 8:00 ص

كانت عظمة ثورة يناير، كما أجمع الباحثون والمحللون من أربعة أنحاء الأرض، أنها كانت ثورة سلمية بما تعنيه الكلمة، ولم نشاهد أى لقطة فى أى فيديو لأى شاب وهو يحمل أى نوع من أنواع الأسلحة، فالسلاح فى يناير كان ضد الثوار، وكان بين أيدى الشرطة ومخالفى القانون من البلطجية واللصوص الذين روعوا المواطنين كثيرا فى أيام الثورة الأولى، لكن الجو العام لثورة يناير وسمتها الأصلية أنها ثورة سلمية بدأت معترضة وثائرة على ممارسات الشرطة القمعية، وحتى خلال موقعة الجمل، كان الشباب يدافعون عن أنفسهم بالحجارة التى كانت تلقى عليهم من مهاجميهم، لذا لم تعرف الموجة الأولى من هذه الثورة السلاح كأداة للضغط على من فى الحكم أو على من فى يده مقاليد الأمور، وربما أكشف سرا عندما أقول إن من كان بيدهم الأمر، اعترضوا على بعض الأسماء المرشحة كوزراء فى إحدى حكومات ما بعد الثورة، بسبب أن هذه الأسماء مارست عنفا (منهم من كان قد أحرق سيارة شرطة فى الأحداث) وقالوا إن من يفعل ذلك لا يمكن أن يكون رجل دولة من واجباته الحفاظ على الممتلكات العامة. 

حتى بعدما تداعت الأحداث، وشهد ميدان التحرير الكثير من الاعتراضات والاحتجاجات، على ممارسات وقرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كانت الثورة خالية أيضا من السلاح بجميع أشكاله وانواعه، حتى عندما ألقت القوات المسلحة القبض على أحد الشباب وإحالته للمحاكمة، كان المنطق واضحا فى تبرير ذلك أن هذا الشاب أشهر مسدسا فى وجه الرجال المكلفين بأمن مجلس الوزراء وقتها، وظلت جميع التظاهرات لا تعرف السلاح، إلى أن ظهر بعيدا ومتخفيا مع من أطلقنا عليهم الطرف الثالث، لكن ظلت الثورة بريئة من حمل السلاح رغم سقوط عشرات الشهداء منهم فى الكثير من المواقع والأحداث، حتى مع الموجة الثانية من الثورة فى الذكرى الأولى لها (٢٥ يناير ٢٠١٢) فقط كان الهتاف هو البطل الذى نجح فى إقناع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعلان موعد الانتخابات الرئاسية. 

للحق، تسرب العنف للثورة خلسة مع زجاجات المولوتوف الحارقة، وبعض الاشتباكات بالأيدى عقب بدء جلسات مجلس الشعب فى خلافات شرعية البرلمان وشرعية الميدان، ثم شهدنا المولوتوف وما يطلق عليه الفرد البلدى، وأسلحة بيضاء، فى مواجهات الاتحادية فى أعقاب الإعلان الدستورى الذى كان بداية وبال لما نحن فيه اليوم، يومها كان المشهد رديئا وقميئا ومرعبا، وأعتقد ان هذا اليوم الذى راح ضحيته ما يقرب من ١١ شهيدا، كان بداية للعنف الذى شهدناه كثيرا بعد ذلك، خصوصا فى المواجهات بين شباب الثورة وأعضاء الإخوان والمتحالفين معهم من الأحزاب ذات المرجعيات الدينية، باستثناء حزب النور، وحينما جاءت الموجة الثالثة من الثورة فى ٣٠ يونيو، عادت السلمية من جديد لتسيطر على المشهد الاحتجاجى، واختفت جميع أشكال العنف لعدة أيام. 

أما ما يحدث الآن، وما نراه بوضوح، منذ ما يقرب من الشهر، فلا يمكن إيجاد أدنى علاقة بينه وبين ما حدث فى الموجات الثورية الكبرى التى حققت نتائج سياسية على الأرض، فقد أصبحنا نرى السلاح كجزء أصيل من المشاهد المتتالية، إن لم يظهر فى بداية الأحداث، فإنه يظهر فى نهايتها، وحتى وإن لم يظهر فى بعض المناسبات التى سلم الله فيها، فإنه للأسف كان موجودا وحاضرا ويجد من يحمله ويتفاخر بحمله، هنا تحديدا يجب على كل من يتحدث عن ثورة يناير أن يتذكر جيدا انها ثورة بلا سلاح، بلا عنف، بلا كراهية، فكل ما تحقق، طوال العامين الماضيين، تحقق بخروج مواطنيين سلميين، أما السلاح، فأعتقد أن ثورة يناير وفلسفتها حكمت عليه مبكرا بالفشل، وعودوا للتاريخ القريب إن كنتم لا تتذكرون.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات