تليفزيون على هوى النظام - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تليفزيون على هوى النظام

نشر فى : الجمعة 20 مايو 2011 - 9:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 مايو 2011 - 9:30 ص
طلب المسئولون بالحزب الشيوعى الصينى ــ الذى يحتفل الشهر القادم بمرور 90 عاما على تأسيسه ــ من أولى الأمر بالتليفزيون الرسمى بث برامج ومواد تليفزيونية دعائية لصالح الحزب ووقف عرض أى مسلسلات تتناول قصصا مخابراتية وجاسوسية تعمل على إشغال العقل فى هذه المنطقة.

كان هذا هو الخبر الذى بثته وكالات الأنباء وتوقفت عنده، خاصة أن المسئولين عن التليفزيون لبوا على الفور رغبة الحزب، وبدأوا فى بث برامج ترسخ لأمجاده، واستبدلوا المسلسلات المذكورة بأخرى ترفيهية تلطف عن الشعب، ودار بذهنى سؤال: لماذا تحتاج الأنظمة الأبدية فى الحكم إلى دعاية إعلامية؟، ولماذا تكون هذه الدعاية بالأمر المباشر؟.

الواقعة تعود بى إلى زمن قريب للغاية حينما انشغل التليفزيون المصرى ــ مستغلا أغلب طاقاته البشرية والمادية ــ للدعاية للحزب الوطنى، وكان مسئولو ماسبيرو أيضا يفردون ساعات من البث لتمجيد إنجازات الحزب ورجال أعماله كنوع من الضغط على مشاعر وعقول الرأى العام بقيمة الحزب الوطنى وسط حالة من السخط العام.. وكم كشفت الأوراق حجم ميزانيات الدعاية لبرنامج الحزب ومؤتمراته، ولولا ثورة 25 يناير لخرجت كثير من البرامج والأفلام التسجيلية لتمجد الحزب ورئيسه ورجاله تمهيدا للفترة القادمة، وقطعا كان سيستمر نزيف أموال الشعب فى ذلك.

نعم، فى الصين استطاع الحزب الشيوعى أن ينهض بالدولة اقتصاديا واجتماعيا، لكنه لم يستطع أن يتخلى عن ديكتاتوريته وقمعه للحريات، أكل الشعب وشبع، لكنه لم يتنفس هواء نقيا حرا.. نام آمنا فى مسكنه، لكنه لم يملك القدرة على نيل حقوقه السياسية ولهذا تخشى مثل هذه الأنظمة دائما من الانقلاب الأكبر وتلجأ للتليفزيون كوسيلة للتأثير بمجدها وأنها هى الوحيدة التى تعمل لمصلحة المواطن.

الواقعة جعلتنى استدعى بذاكرتى الفيلم الصينى الموجع والصادم «الحفرة» والذى رصد تلك الصورة المؤلمة من جوع وتشرد عام 1960 والتى مر بها المواطنون الصينيون المنشقون والذين اتهمتهم الحكومة باليمينية، وأرادت أن تحكم عليهم بالموت البطىء ووضعهم فى معسكر تحت الأرض شيده الحزب لخمسين شخصا ووضع فيه 3 آلاف شخص، وكشف الفيلم حياة القمع وكيف أجبر الحزب الشيوعى فى فترة الخمسينيات المواطن على أن يتحمل بمفرده فترة التقشف دون سؤال عن مصير حياته وإلى متى الصبر..

السينما كشفت المأساة بذكاء، لكنها تخفت وراء أقنعة، وكانت الرمزية واقعية حاضرة.
بين هذا وذاك، أعود لأتساءل هل يمكن أن تتطور الشعوب وتتحرر وتبقى الأنظمة خاضعة لمبادئ الديكتاتورية؟، وهل مازال فى هذا العصر إعلام تليفزيونى يستسلم لطغيان حاكم؟.. إعلام لا يبث للجمهور سوى ما هو على هوى النظام؟.. يبدو أن الإجابة نعم.
خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات