سياسات الأدب ومؤتمر ميلانو - سيد محمود - بوابة الشروق
الثلاثاء 20 مايو 2025 11:26 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

سياسات الأدب ومؤتمر ميلانو

نشر فى : الثلاثاء 20 مايو 2025 - 6:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 مايو 2025 - 6:55 م

 

خلال ثمانى سنوات فقط نجح مهرجان ومؤتمر الثقافة العربية فى الجامعة الكاثوليكية بميلانو من تأكيد حضوره كمناسبة رئيسية على جدول أعمال المهتمين بالدراسات العربية ودراسات الترجمة فى أوروبا.

حضرت الدورة الأولى للمهرجان وعدت إليه، الأسبوع الماضى، لأشهد الطفرة التى حققها بعد أن اشتد عوده بعد سنوات من العمل استضاف فيها أكبر الأسماء النقدية والإبداعية فى العالم العربى، لكنه نجح بعدها فى أن يستقطب الأسماء الأهم فى مجال الأدب المقارن.

ثم أصبح جزءًا من نشاط أكبر يرعاه معهد الثقافة العربية الذى تأسس فى الجامعة مؤخرا برئاسة الأكاديمى الصديق وائل فاروق.

وهذا الأسبوع، أنهى المعهد الدورة الثامنة للمهرجان بحضور ما يزيد عن 40 ناقدًا ومفكرًا وإعلاميًا عربيًا وأجنبيًا تداولوا حول قضايا اللغة والسياسات التى تحكم خيارات الترجمة.

ورغم ما أشار إليه المشاركون من قفزات تشهدها مناهج تعليم اللغة العربية داخل وخارج محيط العالم العربى إلا أنهم أكدوا فى المقابل انحسار فرص ترجمة الأدب العربى، والتى ترتبط عادة بكوارث سياسية تظهرها نشرات الأخبار.

وبدا واضحا أن الترجمة باتت تشبه سيارة الإسعاف المتوقع وصولها عقب أى حادث أو هى سيارة لنقل الموتى كما لفت إلى ذلك الصديق سنان أنطون فى ورقته التى عملت على تفكيك منطق المركزية الغربية التى أصبحت المعيار أو المقياس للجودة الأدبية لبقية العالم.

وركز على الدور الذى لعبه الأدب فى ظهور تراتبيّات ما زالت تؤثر على علاقات المجتمعات فى عالمنا. فلا يزال الطريق المثالى إلى الحداثة هو عبر محاكاة وتقليد الآخر الأوروبى وثقافته.

أكثر ما لفت الانتباه فى جدول أعمال المؤتمر اهتمامه بجذب العاملين فى حقول الأدب المقارن فى العالم فقد حضرت أجيال عديدة من المستعربين الإيطاليين والإسبان كما جاء خبراء من صربيا وأمريكا لديهم اهتمام كبير بموضوع التبادل الثقافى.

خلال هذه الدورة توسع المهرجان فى دعوة أسماء عربية تعبر عن تنوع هائل فى أجيال الكتابة من المغرب إلى السعودية واليمن.

وركز بصورة خاصة على أسماء نالت فرصا لترجمة أعمالها إلى لغات عديدة وأغلبهم حصل على جوائز مهمة كما تحظى أعمالهم بتقدير نقدى واسع وامتلكت الحسنيين الجودة والمبيعات.

ورغم ما تثيره هذه الفرص من غيرة فى المحيط العربى فإن شهادات المبدعين جاءت لتؤكد أن هذه الترجمات لا تعنى شيئا لأنها لا تزال محصورة فى دور نشر هامشية وفى الغالب يصعب على القارئ العادى العثور عليها.

وجربت شخصيا مع الصديقة شيرين أبو النجا، والأصدقاء عزت القمحاوى، وأحمد عبد اللطيف الوصول إلى نسخة من عمل مترجم لكاتبة لبنانية بارزة داخل أكبر متجر للكتب فى إيطاليا لكننا لم نعثر على الكتاب لأنه موجود  فى المخزن ولا يمكن الحصول عليه إلا بالطلب.

كشف المهرجان أكذوبة العالمية لكنه أكد فى المقابل أهمية استمرار الجهود لضمان تمثيل عادل للأدب العربى فى أسواق الكلام.

يقول المؤتمر إنه من الضرورى فهم الهيمنة التى يفرضها مصطلح الأدب العالمى لكن من دون النكوص إلى ترسيخ هويّات محليّة متقوقعة أو مغلقة. والإبقاء على أفق واسع.

وما يعزز الأمل فى بلوغ تلك اللحظة المستوى المتميز الذى وصل إليه خريجو وطلاب معهد اللغة العربية الذين تحملوا الجهد الأكبر فى تنظيمه بحماس وهمة لا تنقطع.