رغم محاولاته تقويض الديمقراطية والدولة المدنية.. لماذا لا يوقف الغرب نتنياهو؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رغم محاولاته تقويض الديمقراطية والدولة المدنية.. لماذا لا يوقف الغرب نتنياهو؟

نشر فى : السبت 21 يناير 2023 - 8:30 م | آخر تحديث : السبت 21 يناير 2023 - 8:30 م

نشرت صحيفة ذا جارديان مقالا للكاتب سيمون تيسدال، ذكر فيه أن ما يضمن دعم الغرب لتل أبيب هو أن الأخيرة الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط وأنها كانت محاطة بأنظمة معادية استبدادية، لكن الآن، ومع تولى حكومة يمينية متطرفة الحكم بقيادة نتنياهو، حكومة لا تؤمن بمبادئ الديمقراطية والتعددية، لا يمكن تبرير التردد الغربى فى مجابهتها. الكاتب يرى أن إسرائيل الآن لم تعد محاطة بأعداء بعد تطبيع علاقاتها مع دول الجوار، كما أنها أصبحت قادرة على تصريف شئونها بنفسها، فلماذا لا يتم مواجهة نتنياهو بشكل صريح؟!... نعرض من المقال ما يلى:
عندما اقتحم جنود إسرائيليون منزل الفلسطينى سمير أصلان فى مخيم قلنديا قبل نحو أسبوعين لاعتقال ابنه، فعل أصلان ما سيفعله أى أب، إذ هرع لحماية نجله. قُتل الفلسطينى البالغ من العمر 41 عاما برصاصة، ولاقت وفاته انتباها ضئيلا، لذلك تكررت مثل هذه الحوادث. تفيد الأنباء عن مقتل 224 فلسطينيا وفلسطينية العام الماضى فى الضفة الغربية المحتلة بسبب التعرض لغارات شبه يومية من الجيش الإسرائيلى. ومن المرجح أن يتجه عام 2023 نحو الأسوأ، والسبب الرئيسى هو تشكيل حكومة ائتلافية دينية يمينية متشددة جديدة تضم وزراء عنصريين مناهضين للعرب مصممين على ضم جميع الأراضى الفلسطينية.
إلا أن ما يثير الدهشة هو أن الرد على هذا التطور المقلق والمزعزع للاستقرار من الحلفاء الغربيين تجاه إسرائيل كان صامتا بشكل غريب. فالقليل منهم أصدروا تحذيرات ومع ذلك، كانت مستترة، إذ لم يفرض أى منهم نوع العقوبات أو المقاطعة التى فُرضت فى الماضى على المتطرفين السياسيين فى دول أخرى.
• • •
تثير الخطط المرفوضة للحكومة الإسرائيلية الائتلافية سؤالا أوسع وغير مريح للولايات المتحدة وأوروبا يتجاوز الانتهاكات المألوفة والمعتادة للاحتلال العسكرى وإفلاته من العقاب. باختصار، السؤال هو هل لا يزال من الممكن اعتبار إسرائيل حليفا موثوقا وملتزما بالقانون يشترك فى مجموعة من القيم والمعايير المشتركة مع الديمقراطيات الغربية؟ وفى الحقيقة، هذا التشارك هو سبب صمود الحكومات الغربية وتعاونها مع تل أبيب.
لكن إسرائيل تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خاضعة للمساءلة الدولية. بكلمات أخرى، الحكومة الجديدة تعرقل حل الدولتين للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وتحتقر الأمم المتحدة والقانون الدولى، وترفض دعم العقوبات على روسيا بشأن أوكرانيا، كما أنها تلغى الاتفاق النووى الإيرانى لعام 2015 وتهدد بالحرب، ناهينا عن بيع برامج التجسس والأسلحة للأنظمة الاستبدادية التى تنتهك حقوق الإنسان.
والأسوأ من ذلك، أن حكومة نتنياهو المتعصبة تعمل بنشاط على تقويض المؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية، والحقوق المدنية مثل الاحتجاج السلمى وحقوق مجتمع الميم. العديد من المجتمع الإسرائيلى، سواء يهود أو عرب، يعارضون الحكومة بشدة. كبار السياسيين أيضا يحذرون من «حرب أهلية»، والدبلوماسيون والجنرالات يتمردون. لكن نتنياهو لا يبالى مما يشير بشكل واضح لمدى تهوره.
• • •
الصورة التقليدية لتل أبيب لدى مختلف الدول الغربية والتى تضمن دعمهم لها مبنية على النحو التالى: إسرائيل هى الديمقراطية الحقيقية الوحيدة فى الشرق الأوسط، محاطة بأنظمة معادية تسعى إلى تدميرها، لذا يجب الدفاع عنها. وبمناسبة الهولوكوست، فإن أوروبا وأمريكا مدينتان للشعب اليهودى بدين أبدى، ومن أجل ذلك يسعى الغرب إلى مساعدتهم.
هذا التفكير الراسخ لا يبرر التردد فى مواجهة المتطرفين اليمينيين. فوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، زعيم الحزب الصهيونى الدينى، الذى يدعو إلى ضم كامل الضفة الغربية المحتلة، هو الآن المسئول عن بناء المستوطنات. كان من أوائل أعماله مصادرة 40 مليون دولار من أموال السلطة الفلسطينية.
إيتمار بن غفير، زعيم مشارك لحزب «القوة اليهودية» وأدين سابقا بالتحريض على العنصرية، هو وزير الأمن القومى الجديد. بدأ بإصدار أمر بشن حملة قمع للشرطة على الاحتجاجات الإسرائيلية المناهضة للحكومة، وحظر الأعلام الفلسطينية، كما قام بزيارة استفزازية متعمدة إلى أكثر المواقع المقدسة حساسية فى القدس.
كذلك يتحرك ائتلاف نتنياهو بسرعة لترويض القضاء، ذلك النظام القضائى الذى يحاكم رئيس الوزراء بتهمة الفساد. فى غضون ذلك، يصبح الاعتراض على هذه السياسات محفوفا بالمخاطر. إذ اتهم زفيكا فوغل من حزب «القوة اليهودية» قبل أسبوعين زعيمى المعارضة يائير لابيد (رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق) وبينى غانتس (وزير الدفاع الإسرائيلى السابق) بـ«خيانة الوطن». من هنا، لا عجب فى دعوة الرئيس إسحاق هرتسوغ إلى الهدوء.
• • •
يرى الرئيس الأمريكى جو بايدن، أن التمسك بالقيم الديمقراطية هو أحد أوجه الكفاح العالمى الحالى والمحدِد لهذا العصر. ومن ثم، يعد ارتباط نتنياهو الوثيق بأشخاص يمينية ومتطرفة كدونالد ترامب الذى هدد الديمقراطية الأمريكية، وتأييده الحماسى لمخطط انقلاب الرئيس البرازيلى السابق، بولسونارو، على النتائج الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأخيرة، كذلك التعامل مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، كل ذلك لا بد وأن يضع بايدن فى موقف محير من تأييد رئيس الوزراء الإسرائيلى، ولدى القادة اليهود الأمريكيين التقدميين مخاوف مماثلة.
يرسل بايدن وزير الخارجية أنتونى بلينكين إلى إسرائيل هذا الشهر للتحقق من ما يجرى واستيضاح سياسة الحكومة الجديدة فى المستقبل، بينما من المقرر أن يزور نتنياهو واشنطن الشهر المقبل. ومع ذلك، حتى الآن تتجنب الولايات المتحدة النقد الصريح، كما يتم اتباع نهج ضعيف بشكل مخجل من قبل دول الاتحاد الأوروبى، وبريطانيا على وجه الخصوص، إذ أعلن وزير الدولة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اللورد أحمد، أثناء زيارته لإسرائيل قبل أسبوعين، أن العلاقات الثنائية حققت نجاحات جديدة.
• • •
على أية حال، فكرة أن إسرائيل محاصرة من قبل أنظمة معادية كانت صحيحة ذات يوم، لكنها لم تعد كذلك. إذ أثبتت مرات عديدة أنها تستطيع الاعتناء بنفسها، تحديدا عندما عزز ما يسمى اتفاقات أبراهام مع الإمارات والبحرين والمغرب توجها راسخا نحو التعايش، إن لم يكن الصداقة مع العالم العربى، ويأمل نتنياهو أن تنضم السعودية فى المرات القادمة لهذه الاتفاقات. كما تم هزيمة البغض ومناهضة إسرائيل ــ فى مصر والعراق وسوريا والسودان وليبيا ــ بطريقة ما أو بأخرى.
الاستثناء البارز هو إيران، وعاجلا أم آجلا، سيهدد نتنياهو مرة أخرى بمهاجمة منشآت طهران النووية. صحيح الحرب مع إيران ستجتذب حتما أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن هذا لا يزال مخالفا لمصالحهم على الرغم من أنهم يمقتون النظام الملالى. وحتى الآن نجح الغرب فى كبح جماح نتنياهو.
وبالمثل، فإن انفجارا شبيها بالانتفاضة من الوشيك أن يحدث فى الضفة الغربية بسبب محاولات الحكومة المتطرفة الاستمرار فى إقامة المستوطنات غير القانونية أو انهيار السلطة الفلسطينية، سوف يُنظر إلى كل ذلك من قبل الغرب على أنه كارثة يجب تجنبها. هناك بالفعل مؤشرات على اقتراب حدوث انفجار، تتضح من أعمال العنف الأخيرة وصعود الجماعات الفلسطينية المسلحة المحلية المرتبطة بحركة الجهاد الإسلامى فى غزة.
• • •
مجمل الحديث، أنه من خلال تقويض الديمقراطية الإسرائيلية والترويج للكراهية، يظهر نتنياهو ورفاقه كأنهم أسوأ أعداء لبلادهم. كما يعرضون الدعم الشعبى الغربى لدولة إسرائيل للخطر، وفى حين تتسع الهوة مع الغرب، تضعف إسرائيل.
ما هو مثير للسخرية بشكل كبير، أنه بعد كل الدماء والدموع التى أريقت منذ عام 1948، نقتبس قول رئيس الوزراء السابق صانع السلام، إسحاق رابين، فى عام 1993 عندما تصافح مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات: «عما إذا كانت الضربة القاضية الأخيرة ستوجه من الداخل!». ولنتذكر أن رابين قُتل بعد ذلك، وقاتله هو قومى متطرف يهودى يمينى متعصب.

التعليقات