دورة الديون الفائقة تصل الصين - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دورة الديون الفائقة تصل الصين

نشر فى : الإثنين 21 أغسطس 2023 - 8:40 م | آخر تحديث : الإثنين 21 أغسطس 2023 - 8:40 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب Kenneth Rogoff، يقول فيه إن الصين ستدخل فى مرحلة الديون الفائقة، كتلك التى دخلت فيها واشنطن والدول الغربية عام 2008 و2010، على التوالى، بسبب الأزمة المالية.. نعرض من المقال ما يلى.
كانت الأزمة المالية التى اندلعت فى الولايات المتحدة عام 2008 سببا فى بدء دورة الديون الفائقة، التى امتدت إلى أوروبا فى عام 2010 واجتاحت أخيرا عددا كبيرا من بلدان العالم المنخفضة الدخل وذات الدخل المتوسط الأدنى. ترى، هل تنذر محنة الديون التى حلت بشركة Country Garden، وهى شركة التطوير العقارى الصينية العملاقة التى تواجه الآن خسائر تقدر بمليارات الدولارات، بقدوم المنعطف التالى للدورة؟
يظل الجواب على هذا السؤال غير واضح. ففى حين تتمتع السلطات الصينية بسجل استثنائى عندما يتعلق الأمر باحتواء الأزمات الاقتصادية، فإن التحديات التى يفرضها تباطؤ النمو بشكل كبير، مقترنا بمستويات ديون مرتفعة ــ خاصة ديون الحكومات المحلية وقطاع العقارات ــ غير مسبوقة.
بوسعنا أن نتتبع مشكلات الصين الحالية إلى حافزها الاستثمارى الهائل بعد عام 2008، والذى غذى قسم كبير منه طفرة الإنشاءات العقارية. بعد سنوات من بناء المساكن والمكاتب بسرعة مذهلة، أصبح قطاع العقارات المتضخم ــ الذى يمثل 23% من الناتج المحلى الإجمالى فى الصين (26% بحساب الواردات) ــ يحقق الآن عوائد متناقصة. هذا ليس تطورا مفاجئا، ذلك أن مخزون المساكن والبنية الأساسية فى الصين ينافس مثيله فى كثير من الاقتصادات المتقدمة فى حين يظل نصيب الفرد فى دخلها منخفضا بالمقارنة.
من ناحية أخرى، فى السباق الذى كان يبدو ذات يوم وكأنه سباق بين سلحفاة وأرنب، تتقدم الولايات المتحدة بسرعة نحو الإبداع التكنولوجى المدعوم بالذكاء الاصطناعى والنمو الاقتصادى الأعلى فى الأمد البعيد. على حد تعبير المعلق الاقتصادى Greg Ip الذى يحظى بقدر كبير من الاحترام فى صحيفة وال ستريت جورنال، أخيرا، «لا أحد يتحدث عن الركود المزمن الآن»، فى إشارة إلى نظرية مفادها أن النقص المزمن فى الطلب العالمى والإبداع ذى الأهمية الاقتصادية سيتسبب فى الإبقاء على معدلات النمو وأسعار الفائدة الحقيقية منخفضة لفترة طويلة فى المستقبل.
من المضحك أننى قلت هذا الكلام ذاته تقريبا فى مؤتمر قبل سبع سنوات. فى عرضى، الذى استند إلى بحث أجريته فى عام 2015 بعنوان «دورة الديون الفائقة، وليس الركود المزمن»، شرحت أن وعكة ما بعد الأزمة أمر معتاد وأنها ستتلاشى جزئيا على الأقل. ثم خمنت أنه «فى غضون تسع سنوات، لن يتحدث أحد عن الركود المزمن» ــ ربما كانت ملاحظة لا تخلو من مبالغة لتأكيد وجهة نظرى.
على مدى العقد المنصرم، كان الإجماع الساحق فى الأوساط الأكاديمية والسياسية هو أن العالم غارق بشدة فى عصر أسعار الفائدة الشديدة الانخفاض المدفوعة بضعف أساسيات النمو. فى حقيقة الأمر، لا تزال هذه هى الحال حتى يومنا هذا. على سبيل المثال، يقدم لنا التاريخ الذى أورده الخبير الاقتصادى Robert J. Gordon من جامعة Northwestern فى كتابه «صعود وسقوط النمو الأمريكى»، حججا مقنعة لموت الإبداع ونهاية النمو. يفترض Gordon أن اختراعات ما بعد سبعينيات القرن العشرين ــ وحتى ثورة الكمبيوتر ــ لا تقترب حتى من الأهمية الاقتصادية المتمثلة فى المحرك البخارى أو توليد الكهرباء على سبيل المثال.
ساق المستثمر الملياردير Peter Thiel وبطل الشطرنج العالمى السابق Garry Kasparov مماثلة فى مناقشة دارت عام 2012 حول موضوع «الإبداع أو الركود» فى جامعة أكسفورد. فى استعراض الحجة لصالح «الإبداع» بغرض إثبات حجتى ضده فى ذلك الحوار، أشرت إلى التقدم فى لعبة الشطرنج والذى بشر بقدوم عصر الذكاء الاصطناعى، فى حين لاحظت أيضا أن الإبداع التجارى يتوقف فى بعض الأحيان على نحو ثابت، على سبيل المثال أثناء فترة الكساد العظيم. الواقع أن همى الأعظم لم يكن قط إنهاء الإبداع، بل إثبات حقيقة مفادها أن صعود الذكاء الاصطناعى سوف يفوق قدرتنا على التحكم فيه.
لا يخلو الأمر من حجج قوية لصالح الركود المزمن على جانب الطلب، بسبب الانحدار الديموغرافى. فى خطاب بارع ألقاه فى عام 2013، زعم الخبير الاقتصادى Lawrence H. Summers من جامعة هارفارد أن النقص المستمر فى الطلب العالمى هو وحده الذى قد يفسر معدلات الفائدة الشديدة الانخفاض فى تلك الحقبة، الأمر الذى أطلق العنان لسيل عارم من الأبحاث حول الأساسيات التى قد تفسر نقص الطلب. استخدام الساسة التقدميون هذا العمل لإثبات حجة مفادها أن الحكومة الأكبر لازمة لملء الفراغ. لكن Summers كان أكثر تحفظا ويقظة، حيث دعا إلى زيادة الاستثمار فى البنية الأساسية والتعليم، والتحويلات الصريحة من الأغنياء إلى الفقراء ــ وهى أفكار أتفق معها بشدة.
ولكن على الرغم من بعض الحجج الوجيهة لصالح الركود المزمن، فإن المخاوف بشأن استمرار النمو الأبطأ لا تخلو من مبالغة. تحدى Charles Goodhart وManoj Pradhan وجهة النظر القائلة بأن الانحدار الديموغرافى لابد أن يؤدى حتما إلى انخفاض الطلب من خلال الإشارة إلى الزيادة السريعة فى عدد السكان المسنين.
علاوة على ذلك، فإن الاتجاهات الطويلة الأجل ليست مسئولة بالكامل عن الانهيار المذهل فى أسعار الفائدة الحقيقية بعد أزمة عام 2008؛ كان الانهيار راجعا بشكل جزئى على الأقل إلى الأزمة ذاتها. ذلك أن أسعار الفائدة انخفضت أيضا إلى الصفر أثناء فترة الكساد العظيم وظلت عند ذلك المستوى ــ إلى أن لم تعد كذلك. الجدير بالذكر أن سعر الفائدة على سندات الخزانة المربوطة بالتضخم لعشر سنوات أصبح حاليا أعلى كثيرا من مستواه الذى بلغ الصفر تقريبا فى المتوسط خلال الفترة من 2012 إلى 2021.
لعل دورة الديون الفائقة دامت لفترة أطول من المتوقع لها فى مستهل الأمر، ربما بسبب الجائحة. لكنها كانت جزءا بالغ الأهمية من القصة، والآن، مع ترنح اقتصاد الصين، تعد دورة الديون الفائقة أفضل تفسير لما قد يأتى لاحقا.

النص الأصلي

التعليقات