مواقف على الطريق - أحمد ماهر - بوابة الشروق
الجمعة 26 ديسمبر 2025 8:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

مواقف على الطريق

نشر فى : الأحد 22 مارس 2009 - 6:01 م | آخر تحديث : الأحد 22 مارس 2009 - 6:01 م

 أولاً:
احتفلت مصر بذكرى تحرير طابا، وقد تفضل السيد محافظ جنوب سيناء بدعوتى للمشاركة فى احتفال أقيم بهذه المناسبة، وكنت أتطلع إلى الاستجابة لولا نزلة برد حرمتنى من هذا الشرف.

وقد كان تحرير طابا خاتمة للمعركة العظيمة التى خاضها الشعب المصرى فى 1973 على مراحل متتابعة، بدأت بالإعداد السياسى للمعركة، ثم المعركة نفسها التى خاضتها قواتنا المسلحة ببسالة وحرفية أذهلت الصديق قبل العدو، وتلت ذلك عملية المفاوضات الشاقة التى انتهت بانسحاب إسرائيل من سيناء حاملة معها مستعمراتها التى كانت قد حاولت أن تزرعها فى الأرض، ثم جاءت المعركة القانونية الشرسة أمام محكمة التحكيم التى أوقعت هزيمة أخرى بإسرائيل التى حاولت الاحتفاظ بطابا لكسر مبدأ الانسحاب الكامل. وقد أتيح لى شرف المشاركة فى المراحل الأولى والثالثة والرابعة من التحرير أولا إلى جانب الرجل الوطنى العظيم محمد حافظ إسماعيل، ثم مع محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية الذى حمل إلى وظيفته كل مشاعر الحماس الوطنى الشجاع التى قادته إلى الاستقالة بكل شرف عندما اختلف، ثم تحت رئاسة السيد الدكتور عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية الذى رأس المعركة القانونية ومعه كوكبة من رجال القانون مثل الدكتور وحيد رأفت والدكتور نبيل العربى والدكتور مفيد شهاب والدكتور صلاح عامر والمؤرخ العظيم الدكتور يونان لبيب رزق وغيرهم ممن تفخر بهم مصر.

وستظل تلك المعارك المتواصلة التى بدأت مباشرة بعد هزيمة 1967 وتوجت بنصر مبين وساما على صدر كل من اتصل بها عسكريا أو مدنيا، دبلوماسيا أو مدنيا، مؤرخا أو خبير مساحة، يؤكد فعالية روح الفريق، وقوة التصميم، وقدرة شعبنا على أن يجتاز المحن، ويعبر إلى بر الأمان عندما تتوافر الظروف الملائمة. تحية بهذه المناسبة إلى الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك.

ثانياً:
أتيحت لى الفرصة لحضور لقاء تحدث فيه الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى عن الأزمة المالية والاقتصادية التى يعانى منها العالم ويحاول الخروج منها. وقد لفت نظرى السلاسة والوضوح والدقة التى ميزت حديثه الذى رفض فيه التطرق إلى موضوعات تتعلق بالنقد وسعر الصرف، باعتبار أن هذه أمور لا يصح تناولها فى محافل عامة لحساسيتها ودقتها. وقد جاء شرحه لأسباب الأزمة التى بدأت مالية فى الولايات المتحدة بسبب أخطاء ارتكبت نتيجة لعاملى الطمع وقلة الرقابة، ثم انقلبت اقتصادية.. وأشار سيادته إلى أن الإصلاح البنكى الذى كان قد تم بالفعل فى مصر قبل نشوب الأزمة قد حمى النظام المصرفى المصرى من كوارث أصابت بنوكا عالمية كبيرة، إلا أن هذا لا يعنى أن الاقتصاد الحقيقى سوف لا يعانى من آثار الأزمة التى يصعب التكهن بوصولها إلى ذروتها ثم بدئها فى الانحسار.

الحقيقة أنها كانت المرة الأولى التى أسمع فيها شرحا صريحا واضحا وصادقا حول الأزمة وانعكاساتها. وردا على أسئلة كثيرة من الحاضرين وكانوا نخبة يمثلون مختلف تخصصات واتجاهات المجتمع المصرى وكانوا سعداء بالاستماع إلى حديث يبعث إلى الثقة لابتعاده عن التنميق والتذويق، أكد الدكتور العقدة أنه لا يرى أن نتيجة ما حدث فى العالم هو العودة إلى دور الدولة القائدة للاقتصاد، بل إلى دور الدولة التى تنظم ولا تترك الحبل على الغارب لأفراد أو جماعات لا يخضعون لضابط أو رابط يحمى المجتمع من أخطائهم وأطماعهم. وبالتالى، فإن دور الدولة كما فهمنا يجب ألا يكون الدور الطاغى على كل الأدوار، ولا الدور الممعن فى الخفوت، بل هو المنظم والضامن للتوازن.

ثالثاً:
شهادة أخرى لرجل شرفنى أن أزامله فى الوزارة، وهو الدكتور محمود أبوزيد الذى انتهت مهمته. وعلاوة على أنه كان وسيظل أستاذا مرموقا وزميلا أعتز بصداقته، فمن حقه علىّ أن أقول إنه حمل بتوفيق عبئا كبيرا فى التعامل مع دول حوض النيل وتجاوز كثيرا من الخلافات الحقيقية أو المفتعلة، بإنشاء ما سمى مبادرة حوض النيل التى أمكن فى إطارها تسوية الكثير من المشكلات حفاظا على حقوق مصر المائية فى ظروف لم تكن دائما سهلة. وأقول بكل أمانة: إننى كوزير خارجية فى ذلك الوقت كنت سعيدا، بأن أشعر أننا نُكَوّن فريقا متعاونا متجانسا.

رابعاً:
ومادمت قد تطرقت إلى موضوعات داخلية وابتعدت هذه المرة عن الكثير مما يمكن أن يقال حول فلسطين والقمة العربية القادمة والأوضاع الإقليمية وسيأتى وقتها، فإننى أريد أن أضيف شهادة حول اجتماعات المجلس الأعلى للسياسات التابع للحزب الوطنى. وما أريد أن أقوله بكل الأمانة، إنه فى لقاءات المجلس، فإن الفرصة تتاح للجميع للتعبير عن آرائهم بكل الصراحة والوضوح، ومعارضة آراء تصدر من المنصة، وتقديم مقترحات وتوجيه انتقادات وملاحظات لا أعتقد أن من لا يشاركون فى تلك الاجتماعات يتصورون أنها متاحة. وقد لا يعنى هذا أن تلك المقترحات يؤخذ بها أو أنها تؤثر دائما على نتيجة المداولات، ولكنها فى تقديرى علامة صحية من شأنها أن تجعل المجلس يتطور ومثله مجلس الشورى الذى أشرف بعضويته ليصبح أداة أكثر فعالية للمداولة التى تنبع منها براعم القرارات.

خامساً:
لن أتعرض لرسالة أوباما إلى إيران بمناسبة عيد الفيروز، ولكننى أنقل عن السيد عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية ما نقلته عنه جريدتنا «الشروق» بعد لقائه آية الله السيستانى «أن هناك توترا بين العرب وإيران، ولكن فى الوقت ذاته يطالب كثيرون بمناقشة الاختلافات بصراحة بين الطرفين. نحن أمة واحدة وإيران إخوة لنا».

أحمد ماهر  وزير خارجية مصر الأسبق
التعليقات