الخيانة العظمى فى غزة والفرافرة - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخيانة العظمى فى غزة والفرافرة

نشر فى : الثلاثاء 22 يوليه 2014 - 9:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يوليه 2014 - 9:15 ص

مابين العدوان الإسرائيلى الهمجى على أشقائنا الفلسطينيين فى غزة، والهجوم الغادر على أبناء جيشنا فى كمين الفرافرة، تتلاشى المسافات الجغرافية وتتلاقى المخططات المشبوهة، ليسقط - تحت هدير الرصاص والقنابل - قناع جديد كان يخفى تحت طياته الاستراتيجيات المشتركة التى تربط ما بين الكيان الصهيونى وتيارات العنف الإسلامى، لتحقيق الحلم الأمريكى بإعادة رسم خريطة الشرق الوسط الكبير ،وتقسيمه إلى دويلات متعددة تدور فى فلك إسرائيل طبقا لنظرية «الفوضى الخلاقة»، التى تتبناها واشنطن علانية منذ العام 2005!

فحماس – بقياداتها الحالية – لم تسع للحرب مع إسرائيل إلا لضرب مصرتحت الحزام، فصواريخها التى تطلقها على المدن الإسرائيلية لا تستهدف إلا إسقاط نظام الحكم فى القاهرة، فهى تعلم أن موازين القوى مع إسرائيل ليست فى صالحها، كما أنها لم تعلن أى أهداف سياسية تريد تحقيقها من هذه الحرب التى كان هدفها الاستراتيجى الكبير تقديم الدعم لمافيا الإخوان فى مصر.

فى نفس الوقت، جاء الهجوم الخسيس على كمين الفرافرة، منسجما تماما مع أهداف إخوان مصر وحماس وإدارة اوباما، لإنهاك الجيش المصرى والنيل من معنوياته، والتقليل من شأنه فى عيون المصريين، كبداية لمخطط تفتيته كما حدث لجيوش العراق وليبيا وسوريا، بانتظار الوقت المناسب لتشكيل ما يسمى الجيش المصرى الحر إذا سمحت الظروف، أو على الأقل لإثارة الفتن والفوضى فى مصر وإضعاف المؤسسة العسكرية، سعيا وراء إعادة مافيا الإخوان للحكم!

وقد كان لافتا للنظر أن كل مشايخ الإخوان الكبار، وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوى قد ابتلعوا ألسنتهم فى حلوقهم، دون أن يجرؤ واحد منهم على إطلاق فتوى واحدة من إياهم بضرورة الجهاد فى إسرائيل أو قتل نتنياهو، كما أمطرونا من قبل بفتاواهم الحماسية بقتل صدام حسين أو القذافى أو بشار الأسد، وكأنهم يلعبون دور الطابور الخامس فى الاستراتيجية الأمريكية ــ الصهيونية، لإعادة هندسة المنطقة، خاصة أن نفس هؤلاء المشايخ أصابهم أيضا الخرس المفاجئ، عندما كان الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى فى الحكم يعرب عن تمنياته القلبية لإسرائيل بالرغد والعيش فى سلام مع دول المنطقة، ورعايته لاتفاقية التهدئة بين حماس وإسرائيل التى احترمتها حماس لآخر مدى واعتقلت كل من يحاول خرقها من التيارات الأخرى فى غزة، متناسيا هو وتنظيمه كل تهديداتهم الجوفاء ضد إسرائيل عندما كانوا فى المعارضة وهم يطلقون فى شوارع القاهرة هتافاتهم الشهيرة «خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود»، أو «ع القدس رايحين شهداء بالملايين»، أو مطالبتهم لنظام المخلوع حسنى مبارك بفتح الحدود ليذهبوا لتحرير فلسطين.

بنظرة سريعة على ما يجرى فى المنطقة سنكتشف الدور الخطير الذى تلعبه هذه التيارات الإسلامية المتطرفة فى نشر التعاليم الأمريكية حول «الفوضى الخلاقة»، فالسودان جرى تقسيمه إلى دولتين على يد أحد فصائل الإخوان المسلمين، وما يجرى فى ليبيا من تناحر بين تياراتها السياسية والجهوية لتقسيمها لثلاث دويلات، كان للإخوان الدور الأول والأخير فيه، وفى العراق يطالب الأكراد بدولة مستقلة، بعد إعلان «داعش» إقامة دويلة سنية سيلحقها بالتأكيد دويلة شيعية، أما فى سوريا فقد وفر الإخوان مع دول إقليمية غطاء سياسيا لإشعال حرب أهلية تهدد بانفجار الشام كله إلى شظايا، كما يشهد اليمن تقسيما فعليا بين الشمال السنى والجنوب الشيعى!

مواجهة هذه المخططات الشيطانية قدر مصر الآن، كما كان قدرها طوال تاريخها أن تواجه قوى الشر من هكسوس وتتار ومغول وصليبيين وصهاينة وغيرهم، لكننا فى هذه المعركة الراهنة نواجه أعداء ليسوا فقط على الحدود، ولكنهم فى الداخل أيضا يرتدون مسوح الملائكة ويتصرفون كما تتصرف الشياطين والأبالسة، لن نستطيع الانتصار عليهم إلا ببناء جيش قوى فى حضن دولة ديمقراطية حقيقية.

محمد عصمت كاتب صحفي