أزمة الأرز.. تنافس على الجشع - عمرو هاشم ربيع - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أزمة الأرز.. تنافس على الجشع

نشر فى : الخميس 23 فبراير 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الخميس 23 فبراير 2023 - 8:45 م
حمى ارتفاع الأسعار باتت تطال جميع السلع الغذائية. منذ أربعة أيام رفعت الدولة يدها عن التسعيرة المتفق عليها للأرز، بعد أن قررت الحكومة فى 16نوفمبر الماضى ولمدة 3 أشهر اعتباره ضمن السلع الاستراتيجية وفق قانون181لسنة 2018. ما الذى جد حتى لا تجدد الحكومة قراراتها الصارمة تجاه المضارب والتجار؟.
اليوم يكاد الأرز يختفى من الأسواق، وارتفع ثمنه إلى 35 جنيها فى بعض الاماكن، بنسبة زيادة تخطت 100%، ولم يعد هناك طعام على مائدة الفقير إلا وارتفع ثمنه، حتى طبق الكشرى، وأساسه الأرز، صار ثمنه باهظا.
نار الأسعار أصبحت تلتهم كل من يقترب من الغذاء، والحديث عن أكشاك الدولة سواء الممثلة فى وزارة التضامن أو غيرها ليست كافية. فى العراق تحت حكم صدام حسين كان يعدم التاجر الجشع، فأمن غذاء الشعب. وفى مصر كان من يريد أن يلوذ من جحيم أسعار التجار الجشعين يلجأ إلى أكشاك الدولة التى تعم الميادين، وكانت الدولة تلجم جشع هؤلاء، وتجعل تلك الأكشاك ملاذا للمحتاج. اليوم أصبحت غالبية التجار تتنافس على الجشع.
فى الماضى كان الناس يلجأون لمقاطعة السلع، إذا ارتفع ثمنها، فينخفض ثمنها. وكانت الدولة فى عون عامة الناس، فتتجه إلى الاستيراد من الخارج حتى يحدث توازن فى الأسواق، فيضطر التاجر الجشع لخفض سعر المنتج المحلى. وكانت الدولة فى الماضى تتجه إلى التسعير الجبرى لكافة السلع حتى لا يستأسد التاجر على المستهلك. تم إلغاء التسعير الجبرى منذ سنوات، ثم عادت الدولة فقررت فى ديسمبر الماضى حصر ذلك فى 15سلعة استراتيجية يجرى بشأنها تسعير اتفاقى وليس جبريا، وأكدت على الحبس ومصادرة السلع والغرامة، التى عادة لا تنفذ، وتتراوح ما بين 200 ألف إلى 2 مليون جنيه للمغالاة فى الأسعار، أو عدم وضع السعر عليها، أو إخفائها فى المخازن بغرض الاحتكار. بعد ذلك أعلنت الحكومة عن رفع يدها عن تسعير واحدة من أهم السلع الـ15 وهو الأرز، ما أدى لارتفاع سعره واختفائه ونحن على مشارف شهر رمضان.
فى حديث لواحد من أعضاء شعبة الأرز باتحاد الصناعات، وعضو مجلس النواب مع عمرو أديب منذ بضعة أيام، كان يتحدث مغتبطا لرفع سعر الأرز، حديثه أعاد إلى الأذهان تبرير أباطرة الأرز ومحتكريه فسادهم بأن الناس استفادت من عائد شهادات 25%، والتجار ليس لديهم سيولة، فلديهم فقط ما يحتكرونه من أرز، وهم يريدون أن يكون لهم نصيب من الكسب الحرام، كما كان لغيرهم نصيب حلال من عائد الشهادات. هؤلاء فى الأغلب ليسوا مزارعى الأرز، بل تجار، لأن الفلاح يبيع المنتج فورا لحاجته للمال ولسداد إيجارات الأرض، والإنتاج المقدر عام 2021 بنحو 4.8 مليون طن شعير، أرتفع عام 2022 لنحو 7 ملايين طن لزيادة مساحة المنزرع بنحو 550 ألف فدان، وهو ما يكفى للاستهلاك المحلى. المشكلة أن كل ذلك يحدث ولدينا جهاز لحماية المستهلك. لكن ماذا يفعل ذلك الجهاز، وهو جهاز حكومى؟
إذن ما العمل؟
ما يقترح هنا على المدى القريب هو تجديد قرار اعتبار الأرز سلعة استراتيجية، والرقابة الصارمة لمنع تداوله بأكثر من سعره السابق(15ج للكيلو)، وإغراق الأسواق بالمعكرونة كبديل، وتشجيع الإعلام للناس على مقاطعة الأرز المحلى مرتفع الثمن، والاستيراد الفورى من الخارج، حتى يتلف الأرز عند المحتكر. وعلى المدى البعيد، وتحديدا بالنسبة لمحصول الصيف القادم، فيتم إعادة سلطة الدولة فى تحديد المساحات المنزرعة أرزا. وتوريد المحصول البلدى منه (وليس البسمتى) كله للدولة، مع ترك احتياجات استهلاك الفلاح له. التوريد يتم عبر مؤسسات الدولة الرسمية وليس عبر شركات توريد القطاع الخاص، كما تفعل الدولة فى القطن والقمح، الذى أصبحت الشركات تتلاعب كثيرا فى تسعيرهما وتأخير توريد ثمنهما للفلاح كما تفعل كل عام. وعقب التوريد المقترح للأرز تأخذ الدولة ما تحتاجه لبطاقات التموين، وتقوم ببيع الباقى بنفسها، وهو كم كبير للغاية، فى مجمعاتها الاستهلاكية. بعبارة أخرى، فإنه حتى تنضبط أسواق الأرز على الدولة التدخل المباشر والمؤقت بالإمساك بعملية التوريد والتوزيع للمستهلك، وأن تضرب بيد من حديد على كل من يحتكر أو يضرب أو يبيع أرزا محليا. وإبعاد تجار الجملة والتجزئة عن تلك السلعة. وترك الأرز المستورد كله للقطاع الخاص، حيث يكون المستهلك القادر على الشراء بالسعر الحر للأرز البسمتى المستورد، هو فقط ما يباع فى المحلات.
عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية
التعليقات