أهمية الضوء الخافت - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهمية الضوء الخافت

نشر فى : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 25 أبريل 2014 - 6:15 ص

دوما، وسط الأحداث الكئيبة، والقرارات البليدة للحكومة، والتصريحات المحبطة للسياسيين، تأتى مبادرات المواطنين الأفراد كضوء خافت فى نهاية نفق معتم، تؤكد لنا بشكل أو بآخر أن هناك أملا فى نهاية المطاف، وأن الضوء الخافت حتى لو شحيح، فهو يبدد جزءا من سواد الحالة العامة التى نعيشها، ويحاول كثيرون منحها المزيد من السواد وإطفاء أى بقعة ضوء يمكن أن تولد، طبعا الأضواء الخافتة لن تنير لنا الطريق ولن تبدد سواد الأيام، لكنها كاشفة عن أرواح وثابة رافضة للكآبة ومصرَة على الإنجاز فى مواجهة عجز يحاول أن يفرض نفسه علينا عنوة وبلا منطق وبتوحش منزوع منه جميع قيم الأمل والتفاؤل، حتى نبقى أسرى ضعفاء للعجز، ومادة جيدة للهزيمة التى يتعجل البعض إعلانها دون أن يدركوا خطورة ذلك على أنفسهم وعلينا جميعا.

مبادرات التفاؤل والضوء الخافت، غالبا يقودها ويديرها أرباب المجتمع المدنى الذين لا يتوقفون عن العمل أيا كان حجم الأزمة التى تحيط بهم، أو المخاطر التى تحيق بقيادتهم، وتكفى مراجعة عابرة لتاريخنا المعاصر لنكتشف الدور الفاعل للمجتمع المدنى فى تحفيز همَة المجتمع فى جميع المجالات، من حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة، إلى بنوك الطعام ومحو أمية أهالينا وناسنا فى مناطق بعيدة نائية عن كل جهد، ولا يخفى على أحد أن الجمعيات التى تعمل حاليا، هى ابنة نجيبة لثقافة مصرية عظيمة فى هذا المجال، فالمجتمع المدنى المصرى هو الذى أسس جامعة القاهرة، وغالبية المستشفيات، سواء فى القاهرة أو خارجها، من مستشفى العجوزة إلى كل ما ترونه من مبرات متعددة الأسماء فى جميع الأقاليم، حتى إن المجتمع المدنى المصرى كان من الوعى بأنه هو الذى أنشأ الجمعية الجغرافية المصرية والجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، إلى آخر ذلك من أمور حسنت وجه الحياه كثيرا قبل ثورة يوليو، وغنى عن الذكر الدور بالغ العظمة للأوقاف المصرية التى ساهمت حقا فى نهضة هذا الوطن.

ورغم تقديرى الكامل لعمل الجمعيات، إلا أننى أقف مبهورا أمام المبادرات الفردية، مواطن يقرر أن يساعد من حوله بدأب وجهد شديدين، وكأنه فى مهمة قتالية أو ذاهب لقمة التفوق والانتصار رغم أن الأمر يبدو أبسط من ذلك بكثير، مؤخرا تابعت جهود مواطنة مصرية صاحبة مدرسة دولية خاصة، لا تفعل سوى مساعدة المدارس التى حولها من مكافآة لتلاميذها المتفوقين، أو تمنحهم دراسات خاصة للغات والفنون فى قاعات مدرستها وعلى نفقتها، وكان المذهل، أن المدرسين غير المصريين (غالبيتهم إنجليز) تعاملوا مع هؤلاء التلاميذ بحب جارف وبمساعدة جادة، حتى إن هذه المواطنة المصرية نقلت جزءا من مساعدتها إلى هذه المدارس، كما منحت العديد من التلاميذ، وأيضا أسرهم، أجهزة كمبيوتر محمولة لتساعدهم على تطور تعليمى لا يجدونه أحيانا فى مدارسهم.

أما ما توقفت عنده طويلا، ودفعنى للكتابة عن هذه السيدة الفاضلة، هو ما تفعله حاليا، بالتعاون مع وزارة التعليم، حيث وفرت فى مدارسها تدريبا راقيا لسبعة وعشرين مديرا على الإدارة الحديثة للمدارس (من أجل نهضة وتطوير هذه المدارس) تماما مثلما تفعل مع الذين يشغلون موقع إدارة مدرستها الدولية، والمبشر فى الأمر اهتمام السادة المديرين فى حضور التدريب والتفاعل معه ومحاولة كسب كل خبرة متاحة أمامهم.. خالص التحية لهذه المواطنة المصرية التى رفضت بإصرار عدم ذكر اسمها.. فعلا الضوء ولو خافت يساعدنا على رؤية الأمل.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات