السودان ينتفض - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السودان ينتفض

نشر فى : الخميس 26 سبتمبر 2013 - 11:25 ص | آخر تحديث : الخميس 26 سبتمبر 2013 - 11:25 ص

سيعود مارس وسيعود أكتوبر، هذه قناعة حقيقية لدى أولئك الشباب المنتفض الغاضب حاليا ضد نظام البشير فى السودان يواجه قنابل الغاز وقطع الإنترنت والرصاص الحى. يقترب سبتمبر 2013 على النهاية، وخلفه 24 عاما وبضعة أشهر من حكم «عسكرى أصولى مشترك»، وعبر هذه السنوات طالما راود أولئك المنتمين لجيلى مارس وأكتوبر فى السودان الحنين للخلاص.

يخرج بضع طلاب بين وقت وآخر يهتفون «عائد عائد يا أكتوبر» يتذكرون تلك الأيام المجيدات التى انتفض فيها السودانيون وثاروا على الفريق إبراهيم عبود، وخلعوا أول حاكم عسكرى فى تاريخهم عام 1964. يغنون من جديد: «مارس حارس ليس يخون» يتذكرون شرارة ثورة شعبية سلمية حقيقية اندلعت فى آواخر مارس 1985، ولم تمض بضعة أيام من أبريل حتى غادر جعفر نميرى قصره وسلطانه هاربا إلى القاهرة، وكان أول حاكم أراد أن يجمع الاستبدادين «عسكرى ودينى».

لكن البشير نجح فيما فشل فيه نميرى، جمع الاستبدادين واستقر لأربعة وعشرين عاما، انقلب عام 1989على ديمقراطية نيابية انقلابا واضحا ساطعا لا لبس فيه ولا ديكور، وأيد انقلابه فى مصر نظام مبارك والإخوان على السواء.

تاريخ السودان الحديث بعد الاستقلال يمكن أن تلخصه فى ٦ محطات أساسية: ٣ ديمقراطيات تصدر فيها الحكم النيابى، و٣ انقلابات عسكرية جاءت بأنظمة شمولية استبدادية اثنان منهما بغطاء إسلامى، وما بين الثلاثة استبدادات انتفاضتان كبيرتان، يسميها السودانيون انتفاضتين تواضعا.

احترف السودانيون الثورة، يملكون براءة اختراع الانتفاضات الشعبية فى المنطقة، ليس مدهشا أن يتحركوا اليوم، فى احتجاجات واسعة على رفع الدعم عن الوقود، ليس معنى أنهم صمتوا أنهم ودعوا أستاذيتهم فى هذا المجال، المدهش أن مدة الصبر استمرت 24 عاما، بعضها بفعل القهر والتعذيب والمصادرة وبيوت الأشباح، وبعضها بفعل التخدير الدينى وتوجيه الطاقات باتجاه جهاد وهمى فى الجنوب، يغذى عقول شباب بمحاربة الوثنيين والصليبيين، وفى النهاية خرج عليهم البشير الأحد الماضى ليعلن رفع أسعار الوقود 75%، ثم يبرر ما سيقع على الفقراء من عبء، يذكرهم أن «فى السماء رزقكم وما توعدون»، وكأن مشيئة الله وحدها أرادت رفع الدعم دون أى إشارة إلى فشل سياسات الحاكم الذى يتاجر بدين الله.

اليوم يتحرك السودانيون لإسقاط نظام، فشل فى الحفاظ على وحدة البلاد التى تسلمها موحدة حين هجم هجمته على السلطة، وفشل فى تأمين الحدود الدنيا للحياة، هم يعرفون تماما أن هذه مسألة لا علاقة لها بالرزق، ولن يحلها الدعاء، لكنها تتعلق بفشل واضع السياسات ومدبر القرارات.

يقول الشارع السودانى اليوم كلمته، محاولا استرداد ما يمكن استرداده من تجربة فاشلة تحت أى معيار تقييم، يجلس جيلا أكتوبر ومارس يشاهدون شبابا ناهضا أغلبه وُلد فى عهد البشير يتصدر الصفوف، فيغالبهم الحنين لأيام مضت، تتجدد فى قلوبهم الذكريات النبيلة، حين تركوا جامعاتهم وانتفضوا، يتحسبون للحظة التى سيلحق فيها البشير بذات الفصل الذى يقبع فيه عبود ونميرى فى كتاب التاريخ، فيما يأتى من تلك الأيام المجيدة ممتزجا مع اللحظة هتاف سودانى أصيل: «شعب صمم فردا فرد.. هب وهدم حكم الفرد».

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات