قضية ذوق - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قضية ذوق

نشر فى : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

بين مصطفى كامل ومصطفى كامل يتجلى كثير مما فعلت عوامل الزمن بالوطن.

بين زعيم الأمة الذى ناضل المحتل وقال متغزلا فى الوطن: «بلادى بلادى لك حبى وفؤادى»، وبين أبى الموسيقى الوطنية الشعبية سيد درويش وكلمات الشاعر محمد يونس القاضى، تتجلى الفوارق الكثيرة، فى المعنى والكلمة والجملة الموسيقية الأصلية غير المقتبسة، والإبداع الخالد، بينها وبين أى كلام منمق مرصوص على جمل موسيقية مقتبسة، بأصوات تستثمر اللحظة ولا تعبر عن قناعة أو تدافع عن قضية.

من حقك أن تفرح بأغنية «تسلم الأيادى» أن ترددها بينك وبينك، أن تغنيها فى حمامك، أو فى سيارتك أو أفراحك الخاصة، هذه حقوقك لا أنزعها عنك، هذا ذوقك لست معترضا، لكن أن يصل ذلك إلى طابور الصباح المدرسى وكأنها النشيد الوطنى، فهذا ليس اختيارا ولا إرادة ولا حقا ولا حرية.. هذه جريمة انحدار كامل فى الذوق العام.

واجب المدرسة أن تنمى فى تلاميذها الإحساس بالذوق، وهى تغذى فيهم مشاعر الوطنية، لن أحدثك عن السياسة التى ظل الوزير يؤكد أنه سيمنعها من المدارس، فإذا به يمارس السياسة بانحيازاتها وتأثيراتها كاملة، لكنى أحدثك عن شكل الانحياز وكيفية ممارسته، والفجاجة فى التعبير عنه.

أرسل أولادى للمدرسة ليلحقوا بطابور الصباح، يرفرف العلم الوطنى أمامهم فى مهابة، ليتعلموا كيف ينظرون له فى جلال، ويؤدون له التحية فى إكبار وهم يهتفون: «تحيا جمهورية مصر العربية» ثم ينشدون: «بلادى بلادى» فتعود ذاكرتهم إلى لحظات مجد وكفاح تمتد فى التاريخ إلى حيث اللحظة التى هتف فيها الزعيم الخالد بكلمة الحق فى وجه المحتل، يتفاعلون مع كلمات منحوتة من نضال، تسوق مشاعرك إلى حيث تمجد الوطن، وموسيقى تبنى الوجدان بأصالتها.

أرسل أولادى للمدرسة ليتعلموا معنى الوطنية، ليدركوا قيمة الجيش الوطنى، بدوره ورجاله واختباراته وانتصاراته، ليتعلموا فى حصص الموسيقى نشيد الجيش:» رسمنا على القلب وجه الوطن.. نخيلا ونيلا وشعبا أصيلا/ وصناك يا مصر طول الزمن.. ليبقى شبابك جيلا فجيلا/ على كل أرض تركنا علامة قلاعا.. من النور تحمى الكرامة/ عروبتنا تفتديك القلوب.. ويحميك بالدم جيش الكنانة/ وتنساب يا نيل حرا طليقا.. لتحكى ضفافك معنى النضال/ وتبقى مدى الدهر حصنا عريقا.. بصدق القلوب وعزم الرجال». ليتعلموا دون خطابة من كلمات فاروق جويدة وألحان كمال الطويل الدور الوطنى الحقيقى للجيش فى حماية مقدرات الوطن وصيانة شعبه ومستقبله، فى إطار واجبه الإقليمى عربيا، وعقيدته الاستيراتيجية فى حماية جريان النيل.

أرسل أولادى للمدرسة ليتعلموا معنى التضحية والولاء للوطن وهم يتعلمون التغنى بكلمات مصطفى صادق الرافعى ولحن صفر على: «اسْلَمِى يا مِصْرُ إنِّنَى الفدا، ذِى يَدِى إنْ مَدَّتِ الدّنيا يدا/ أبدا لنْ تَسْتَكِينى أبدا، إنَّنى أَرْجُو مع اليومِ غَدَا/ وَمَعى قلبى وعَزْمى للجِهَاد، ولِقَلْبِى أنتِ بعدَ الدِّينِ دِيْن/ لكِ يا مِصْرُ السلامة، وسَلاما يا بلادي/ إنْ رَمَى الدهرُ سِهَامَه أتَّقِيها بفؤادى/ واسْلَمِى فى كُلِّ حين».

ليس لدىّ مانع من أن يسمع كل ما يشاء، هذه أذواق، لكن المدرسة شىء آخر، وزير التعليم شخص آخر، لابد أن يحتفى بالأصالة وليس الإقتباس، بالجودة وليس الاستسهال، بالفن وليس الزيطة.

الخطر أن أجيال يهددها أن تتعلم الحب على يد أغانى من شاكلة «هاتى بوسة يا بت»، يتعلمون الوطنية فى المدارس على أنغام مقتبسة وكلمات تمجد «البطن اللى شالت».

القضية قضية ذوق.. ما يصلح للشارع لا يصلح للمدارس يا أهل التربية والتعليم.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات