هل تترهل الثقافة؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 ديسمبر 2025 3:25 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

هل تترهل الثقافة؟

نشر فى : الثلاثاء 28 فبراير 2023 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 فبراير 2023 - 9:05 م
نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن تناول فيه أنه لا توجد أمة متقدمة منجزها الثقافى مكتمل أو فائض لأن الثقافة فى حالة تجدد دائم طالما أن البشرية مستمرة فى العيش على هذا الكوكب، أما نحن العرب فنعانى من فقر ثقافى ناتج عن تهميشها لذا يجب أن تشمل التنمية المستدامة الثقافة للارتقاء بعقول الشعوب العربية... نعرض من المقال ما يلى.
دعيت مرة للمشاركة فى ما يشبه الاستطلاع الصحفى، يدور حول مفردتين أو مفهومين بدَوَا لى غريبين للغاية، هما «التشبع» و«الترهل»، الثقافيين. وللتوضيح، فقد كان السؤال الموجه هو: هل لدينا، فى العالم العربى ترهل أو تشبع ثقافيان؟ وبدوت حائرا إزاء هذا السؤال، فما عساه يكون المقصود بالمفردتين، خاصة حين يتصل الأمر بالثقافة تحديدا. ولوهلة بدا لى أنهما تعطيان المعنى نفسه، فالأمران، أى التشبع أو الترهل، قد يعنيان أن منجزنا الثقافى مكتمل، لا بل وفائض عن الحاجة، حدّ ترهله، فلم تعد هناك مساحة تتسع للمزيد من الثقافة والفنون والفكر وما إليها من مجالات الإبداع والمعرفة، ونحن أبعد ما نكون عن ذلك.
نحن نعلم أن الثقافة حاجة متجددة لا نهاية لها، وهى تتغذى بالجديد والخلاق دائما، وبالتالى ما من أمة عاقلة تتطلع إلى مستقبل أفضل يمكن أن تتحدث عن أنها بلغت كفايتها من الثقافة ولم تعد تحتاج إلى المزيد، بل بالعكس فهى تتطلع إلى المزيد والمزيد منها، لأن نهر الثقافة لا يكف عن التدفق أبدا طالما أن البشرية مستمرة فى العيش على هذا الكوكب.
هذا من حيث المبدأ، لكن إذا تحدثنا عن التفاصيل المتصلة بواقعنا العربى تحديدا، فنحن أبعد ما نكون عن حال «التشبع» التى ربما يكون واضعو السؤال قد أومأوا إليها، بل بالعكس، فإن الثقافة عندنا ما زالت تعانى من التهميش، مع كامل التقدير للجهود التى تبذلها مؤسسات ثقافية رصينة فى العالم العربى معنيّة بالتنمية الثقافية، وتكوين وعى جديد، لأننا ما زلنا نحتاج إلى المزيد من الجهود الرامية لتطوير الثقافة وتعميمها على أوسع نطاق، وتنشئة الأجيال الجديدة على حبها وولوج عوالمها الرحبة.
حين نتحدث عن التنمية عامة، الشاملة والمستدامة، يتعين علينا أن نضع فى مقدمة اعتباراتنا أنه يجب أن يكون للثقافة والتنمية الثقافية حصة كبيرة فيها، لا بل وأن تمنح مكانة متقدمة فى تلك التنمية بمفهومها الواسع، وهذا ما يتعين العمل فى سبيله، لا لكى نبلغ مرحلة «التشبع» وإنما لكى نجعل شريان الثقافة متدفقا، من أجل أن تصبح حياتنا أجمل وأكثر بهاء، ومن ناسنا أكثر معرفة وأغنى ذائقة، وأعمق عطاء.
وحين يتصل الأمر بوجود الترهل بالذات، فإنه يمكن الرد بالإيجاب، فما أكثر المفاهيم التى ما زالت رائجة، وتبعث فيها الحياة بين الحين والآخر، كلما أوشكت على الموت، رغم ترهلها وعجزها عن مواكبة جديد المعرفة والعلم.
التعليقات