إسلاموفوبيا أمريكية! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسلاموفوبيا أمريكية!

نشر فى : السبت 28 أغسطس 2010 - 10:03 ص | آخر تحديث : السبت 28 أغسطس 2010 - 10:03 ص
تساءلت مجلة «التايم» الأمريكية عما إذا كانت موجة الغضب التى شهدتها نيويورك بسبب الخلاف على بناء مسجد ومركز إسلامى فى منطقة «جراوند زيرو» التى تضم أطلال مركز التجارة العالمى، تأتى تعبيرا عن حالة «الإسلاموفوبيا» أو الخوف من الإسلام التى أخذت تنتشر بسرعة فى المجتمع الأمريكى؟

أم أنها تأتى نتيجة تغير نظرة الأمريكيين إلى المسلمين بعد هجمات سبتمبر، بحيث باتت تستبعدهم من عملية الانصهار والذوبان فى الحياة الأمريكية؟

كثير من المسلمين الأمريكيين الذين يعيشون فى نيويورك يعتقدون أن هذه الموجة الجديدة من الكراهية هى جزء من نمط سلوكى عام يعكس فوبيا أمريكية لعدم التسامح مع المسلمين.

ومع ذلك فإن مستوى الإسلاموفوبيا والخوف من الإسلام لم تصل فى أمريكا إلى المستويات التى وصلت إليها فى بعض دول أوروبية مثل فرنسا. التى تمنع الحجاب. وسويسرا التى تمنع بناء المآذن. وحيث يتواجد المسلمون فى أى مجال من مجالات الحياة الأمريكية، فلن يخلو الأمر من بعض السهام والطعنات التى توجه إلى الدين. ليس فقط فى المكتب أو فى فناء المدرسة ولكن أيضا فى مكان العبادة أو فى ميدان عام.
ولا يتخرج بعض السياسيين والشخصيات العامة من تشبيه الإسلام بالنازية، كما فعل جنجريتش الرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكى، حين صرح فى الجدل الدائر حول المسجد بأن جوهر الخلاف يرجع إلى أن المسلمين ليسوا ولا يمكن أن يصبحوا أمريكيين تماما!!

وهو ما يعنى أن مناخ التعصب والكراهية لا يتراجع بل يتزايد. وقد بات واضحا أن مسألة العلاقة بين الدين والدولة فى أمريكا، هذه العلاقة التى قامت على ضمان حرية العقيدة وممارسة الشعائر لجميع الأديان، والتى اعتبرت أحد الأركان الأساسية لقيام الدولة الأمريكية.. قد أخذت تتهاوى وتتعرض لانتكاسات يمينية وعنصرية لم تكن شائعة فى المجتمع الأمريكى من قبل. وقد بدأ هذا الانهيار بوضوح فى تصريحات شخصيات إعلامية وسياسية، مقترنة بازدياد المد اليمينى للسياسة الأمريكية الذى يمثله الجمهوريون. مع اتجاه قوى نحو تسييس الدين.

وقد حاول بوش أن يبعد عن نفسه وعن إدارته تهمة التعصب ضد الإسلام بعد الحرب غير المبررة التى شنها ضد العراق ثم أفغانستان. ولكن أوباما وقع فى مصيدة اللون والدين، ولم يستطع أن يبعد عن نفسه هذه الاتهامات التى أثارت التساؤلات حول عقيدته حين وقف فى حفل الإفطار للمسلمين يدافع عن حرية الاعتقاد فاعتبره بعض الأمريكيين لسذاجتهم المفرطة «مسلما متخفيا». وطبقا لمجلة «التايم» فإن ما يقرب من ربع الشعب الأمريكى يعتقد أن أوباما مسلم. خصوصا أنه حاول جاهدا منذ انتخابه أن يحسن صورة بلاده فى عيون المسلمين، واستدرج القادة العرب من مصر والأردن إلى لقاء محكوم عليه بالفشل مع نتنياهو.

ومع ذلك ساءت صورة العرب والمسلمين بشكل محسوس خلال العامين الماضيين. وخاصة بعد وقوع حوادث إرهابية اُتهم فى أحدهما ضابط أمريكى مسلم فى فورت هود. والمشكلة الآن أن حكاية مسجد نيويورك قد وضعت الخوف من الإسلام فى قلب الانفعالات والعواطف المعادية للمسلمين. ومن هنا كان على التجمعات الإسلامية فى أمريكا أن يدرك زعماؤها مدى حساسية مجتمع يسهل تضليله وحشو عقوله بمعلومات مشوهة. خصوصا أن الحياة السياسية فى أمريكا تتعرض الآن لموجة من المنافسات السياسية فى الانتخابات النصفية للكونجرس. ويتعرض الديمقراطيون بزعامة أوباما لحملات قوية وضغوط شديدة، تستخدم فيها القضايا الفرعية مثل بناء مسجد كسلاح بناء لإثارة النزعات العنصرية والدينية الكامنة فى المجتمع.

ومهما يقال عن الحقوق والمبادئ الأساسية للحريات التى قام عليهما المجتمع الأمريكى، فمن الثابت أن كثيرا من هذه المبادئ، ومنها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية. ومبدأ المساواة أمام القضاء، قد نالها التآكل والتشويه. ولعبت السياسة دورا فى الجوانب التطبيقية لهذه المبادئ، بحيث يبدو صراع الأديان والحضارات جزءا من الثقافة الأمريكية العامة، تفتح الباب أمام الخلافات السياسية والهيمنة الأمريكية.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات