إسرائيل على حافة حرب متعددة الجبهات - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 5:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل على حافة حرب متعددة الجبهات

نشر فى : الإثنين 28 أغسطس 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 28 أغسطس 2023 - 7:40 م
نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتبة هبة شكرى، ألقت فيه الضوء على المشهد الراهن فى الجبهات المرجح أن تشملها ساحة القتال حال اندلاع معركة متعددة الجبهات، وشكل هذه الحرب، ومدى تأثيرها على الجبهة الداخلية الإسرائيلية... نعرض من المقال ما يلى.
على مدى الأشهر الأخيرة، تزايد الحديث حول المعركة القادمة فى إسرائيل وما تشكله من خطر غير مسبوق على مستقبل الدولة، إذ تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن المعركة ستكون على الأرجح متعددة الجبهات وهو ما دفع بجيش الدفاع الإسرائيلى للاستعداد بشكل جدى لتلك الحرب وما قد يتزامن معها من معارك غير تقليدية تختلف كليا عن الحروب السابقة التى واجهتها إسرائيل. وحول وضع الجبهات وشكل الحرب، حال اندلاعها، نسرده كالآتى.
• • •
تعتبر إسرائيل أن إيران تشكل العدو الأخطر على الإطلاق لإسرائيل، وذلك بسبب ما تمثله من خطر وجودى ومساس بالتفوق النوعى لإسرائيل فى المنطقة من جانب، ولدفعها بحلفائها فى المنطقة، من ميليشيات عسكرية فى سوريا ولبنان والعراق وغزة إلى فتح جبهات عدة ضد إسرائيل استغلالا منها لحالة الضعف التى أصابت تل أبيب أخيرا على المستوى الداخلى والإقليمى من جانب آخر.
فى يونيو الماضى، بعد نحو عقد من المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران فى عدة جبهات، بدأ الجيش الإسرائيلى بالاستعداد لحرب مباشرة مع الحرس الثورى الإيرانى، كما عكفت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على استكمال التخطيطات لتلك الحرب؛ فإلى جانب التخطيط لضربة موجهة إلى برنامج إيران النووى، والتى يستعد لها الجيش الإسرائيلى منذ سنوات، فالحديث يدور الآن عن خطة موازية لحرب مع الحرس الثورى الإيرانى، أى مع جيش نظامى، وهو أمر لم تخضه إسرائيل منذ عقود. حيث دفع فشل المحادثات حول البرنامج النووى الإيرانى والتطورات المتسارعة فى القدرات النووية لإيران إلى تزايد التقديرات بأن مواجهة مستقبلية مع إيران ستكون فى الأغلب على أكثر من جبهة وحال اندلاعها ستكون حرب استنزاف تستمر لأيام طويلة وتمس بالبنى التحتية للطرفين.
وقد مثل ذلك دافعا لإسرائيل نحو إنشاء وحدة جديدة فى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «وحدة 54» التى أنشئت حديثا ضمن قسم الأبحاث فى الاستخبارات العسكرية، ويركز الفرع الجديد على التعلم الاستخباراتى ‏للحرس الثورى والتدريب بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية لمحاربة حزب الله ‏وحماس، ويجمع الأهداف للجيش النظامى للحرس الثورى، كما تم وضع خطة لرفع جاهزية الجيش الإسرائيلى ‏لمواجهة التهديد المتزايد من الشرق استعدادا لخوض حرب استنزاف حديثة قد تكون ثنائية أو متعددة ‏الساحات.‏ ويعد إنشاء هذه الوحدة الجديدة فى الجيش الإسرائيلى انعكاسا لرؤية إسرائيلية جديدة تشير إلى إمكانية حدوث الحرب المباشرة بين البلدين ــ وليس فقط حرب عبر الوسطاء ــ بسبب تطوير الوسائل القتالية الإيرانية التى تمكن إيران من محاربة إسرائيل مباشرة ومن الأراضى الإيرانية.
• • •
تشهد الجبهة الشمالية لإسرائيل، وتحديدا على الحدود مع لبنان، تزايدا فى وتيرة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل منذ عدة أشهر، فقد اندلعت منذ بداية العام الحالى عدة أحداث متسارعة ومتراكمة دفعت بتنامى القلق من احتمالات اشتعال الجبهة الشمالية. وعلى الرغم من استبعاد أغلب التحليلات لانفجار الأوضاع نظرا لتجنب كلا الطرفين الانخراط فى حرب؛ لكن ذلك لا ينفى أن أى خطأ صغير قد يؤدى إلى إشعال حرب تسبب دمارا للبنان وتجر إسرائيل إلى حرب متعددة الجبهات. فى الإطار نفسه، فإن حزب الله اللبنانى يدرك أن إسرائيل تواجه شرخا داخليا عميقا، وهو ما يشجعه باعتباره إحدى أذرع إيران، لإثارة الاستفزازات المحدودة، والاستمرار فى التهديدات وهو ما قد يجر الأطراف إلى الحرب المتوقعة.
على التوازى، فخلال السنوات الأخيرة، لم تخفِ القيادة السياسية والعسكرية فى تل أبيب مخاوفها من التموضع الإيرانى فى سوريا. وأخيرا، ذهبت التحليلات الإسرائيلية إلى ضرورة التراجع عن استخدام استراتيجية «المعركة بين الحربين» التى استندت إليها إسرائيل فى سياساتها تجاه سوريا، حيث إن تلك الاستراتيجية لم تحقق أهدافها فحسب إنما أدت إلى نتائج سلبية فى كثير من المرات.
• • •
مع تزايد الانتهاكات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، تتجه الأنظار إلى قطاع غزة، حيث تتزايد إمكانية نشوب مواجهة عسكرية جديدة، فى ظل ما تواجهه حكومة نتنياهو من معضلة تصاعد العمليات الفلسطينية بالضفة الغربية الناتجة عن تزايد عنف المستوطنين.
على الصعيد الآخر، فقد أثار تكرار محاولات إرسال مسيرات من قطاع غزة خلال وقت قصير قلقا كبيرا فى إسرائيل من أن تكون ‏حركة حماس قد نجحت فى تطوير قدرات المسيرات لديها ضمن مشروع كانت قد أطلقته قبل سنوات ‏طويلة، قبل أن تعلن كتائب القسام، رسميا، أنها نجحت فى تصنيع طائرات خاصة بها.‏
وفى كل الأحوال، فإن السياسات الاستيطانية لحكومة نتنياهو ستدفع بالمشهد لا محالة إلى انفجار الأوضاع على الأراضى الفلسطينية، خاصة مع إصرار تلك الحكومة على تبنى سياسات استفزازية وفى ظل سياساتها التى قضت على آمال وطموحات الشعب الفلسطينى بإقامة دولته المستقلة.
• • •
إن الأزمة الداخلية الإسرائيلية، التى اندلعت عقب مبادرة حكومة نتنياهو للقيام بتغييرات قضائية، هى الأزمة الأخطر على الإطلاق التى واجهتها إسرائيل منذ تأسيسها، والتى امتدت لتترك تداعياتها الاجتماعية العميقة المستمرة، ولتسفر عن شروخ عدة على مستوى المؤسسات الأمنية والعسكرية فى إسرائيل.
لعل أخطر ما أسفرت عنه الأزمة فى إسرائيل، تأثيرها على جيش الدفاع الإسرائيلى، خاصة بعد قيام العديد من ضباط الاحتياط برفض الامتثال للخدمة العسكرية اعتراضا على خطة الإصلاح القضائى. وفى إطار ذلك، أصدر معهد أبحاث الأمن القومى إنذارا عاجلا مفاده أن «جيش الشعب أمام خطر التفكك»، موضحا أن إسرائيل فى الطريق نحو جيش ضعيف، وواقع يعرض معادلة الردع الإقليمى للخطر فى ظل تهديدات متزايدة من عدة جبهات.
وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الشرطة الإسرائيلية تتعامل مع الحوادث حتى الآن بطريقة معقولة، إلا أن احتمال التدهور مطروح وينبغى عدم استبعاد حوادث العنف المحلية أو حتى الواسعة الانتشار، ورجح إمكانية نشوب حرب أهلية.
ويبدو السيناريو الأكثر ترجيحا هو استمرار هذه الأزمة الاجتماعية السياسية فى إسرائيل، بدرجات قوة متغيرة. خاصة فى ظل عدم قيام الحكومة الإسرائيلية باتخاذ أى خطوات من شأنها تهدئة الأوضاع أو التوصل إلى حلول وسط. والأخطر من ذلك، أن الأزمة الحالية فى إسرائيل لم تعد أزمة سياسية بل أصبحت أزمة هوية متعددة الأبعاد تجسد صراعا أيديولوجيا بين اليمين واليسار أو بين التيار الدينى والعلمانى. وبالتالى، تلقى الأزمة بتداعياتها على الأمن القومى الإسرائيلى وتضرب مكانة إسرائيل الإقليمية وتمس بالردع الإسرائيلى.
• • •
بحسب التوقعات الإسرائيلية، فإن إسرائيل ستواجه فى اليوم الأول للحرب إطلاق 6 آلاف قذيفة صاروخية باتجاه جبهتها الداخلية، وسيتراجع هذا العدد إلى 1500 إلى 2000 قذيفة صاروخية يوميا فى الأيام التالية. ويرجح الخبراء الأمنيون إصابة نحو 1500 موقع فى إسرائيل يوميا، إضافة إلى قذائف صاروخية ستسقط فى مناطق مفتوحة، وهو ما سيؤثر على الحياة فى إسرائيل، ولن تتمكن منظومة القبة الحديدية من تسجيل اعتراضات قذائف صاروخية بأعداد كبيرة، بسبب كثافة إطلاقها.
ووفقا للتقديرات الإسرائيلية،‎ ‎ستتكبد تل أبيب خسائر بشرية وأضرارا بالممتلكات وبمشاريع البنى التحتية، ‏وستعيش مشاهد دمار وخراب لم تعهدها منذ النكبة 1948، وذلك بسبب الهجمات الصاروخية المكثفة التى ‏ستطال مئات المواقع والمنشآت، من قبل فصائل مسلحة حليفة لإيران فى العراق، وسوريا، ولبنان، فضلا عن ‏قطاع غزة‎.‎ ولا تتوفر لدى إسرائيل قدرة على الرد على وضع كهذا أو التعامل معه حتى الآن، باستثناء ‏نصب بطاريات «القبة الحديدية» إلى جانب المنشآت الاستراتيجية.‏
وقد تناول موقع «والاه» الإسرائيلى سيناريو فرضية الحرب على الجبهة الداخلية الإسرائيلية متعددة الجبهات، مشيرا إلى أن هذا السيناريو سيؤدى إلى وقوع نحو 100 قتيل وألف جريح إسرائيلى، إضافة إلى تدمير ألف موقع.
• • •
ختاما، كل المؤشرات ترجح أن خطر انخراط إسرائيل فى حرب متعددة الجبهات بات احتمالا مطروحا، وأنه حال تحقق هذا السيناريو ستكون تلك الحرب من أصعب ما تواجهه إسرائيل، لذلك تحاول حكومة نتنياهو تجنبها بشتى الطرق، وتحرص على احتواء أى تصعيد حتى لا تتطور الأمور لتصل إلى مرحلة المواجهة المباشرة ومن ثم الانخراط فى معركة متعددة الجبهات تكلف إسرائيل الكثير من الخسائر.

النص الأصلي

التعليقات