فتح الباب لتقنين أوضاع البيتكوين - معتمر أمين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتح الباب لتقنين أوضاع البيتكوين

نشر فى : الخميس 28 أكتوبر 2021 - 9:10 م | آخر تحديث : الخميس 28 أكتوبر 2021 - 9:10 م
استعادة البيتكوين حيويتها بعد قرار الصين حظر التعامل عليها، وعاد سعر البيتكوين للارتفاع مرة أخرى محققا أعلى سعر تاريخى ناهز 65 ألف دولار للبيتكوين الواحد، أو مليون وسبعة آلاف جنيه مصرى. ولو وضعنا هذا الرقم فى سياق إجمالى، بمعنى عدد البيتكوين فى العالم الذى يناهز 21 مليون بيتكوين، تصبح القيمة الافتراضية التى تغطيها هذه العملة الإلكترونية بمفردها، حوالى 1,3 تريليون دولار. وبإضافة جميع العملات الإلكترونية المشفرة وأهمها الإيثيريوم، فإن حجم سوق العملات المشفرة يتخطى 2,5 تريليون دولار أمريكى. وهو ما يوازى حجم اقتصاد إنجلترا فى 2020 (2,64 تريليون دولار)، أو الهند (2,59 تريليون دولار) أو فرنسا (2,55 تريليون دولار)، أو الدول العربية مجتمعة (2,35 تريليون دولار). ولأن سعر البيتكوين يتذبذب بشدة، فإن التعويل على هذه القيمة الافتراضية لا يستند على أرضية صلبة. وبمراجعة سوق العملات المشفرة بداية العام الجارى، كان إجمالى القيمة السوقية عند مستوى 800 إلى 830 مليار دولار، والآن حققت قفزة بأكثر من 230% إلى 2,5 تريليون دولار، وهذا فى حد ذاته يدعو للقلق. فمعظم الطفرات السعرية فى أسعار العملات المشفرة تنبع من خاصية أساسية، وهى علاقة هذه العملات بالاقتصاد الحقيقى (غير الرقمى). بمعنى آخر، كيف يمكن استخدام البيتكوين وما شابهه من العملات الإلكترونية المشفرة فى التبادل التجارى، والتحويلات التجارية، والتدفقات النقدية. وكلما أصبغت الدول الشرعية على هذه العملات الإلكترونية المشفرة كلما استقرت أسعارها وخفت حدة القفزات العنيفة التى يشهدها السوق. ولنتذكر أن سعر البيتكوين كان فى مستوى 33 ألف دولار من ثلاثة أشهر فقط. ولقد ظن الكثير من الناس قرار الصين بمنع تداول العملات المشفرة سيؤكد الاتجاه العام الهابط فى سعر البيتكوين، ولكن الواقع خالف التوقعات.
الذى حدث وجعل البيتكوين تصل لمستويات قياسية جديدة هو دخول أحد الصناديق المهمة، متوسطة الحجم للاستثمار فى البيتكوين. الصندوق اسمه برو ــ شير، وهو من نوعية خاصة من صناديق الاستثمار تعرف بـ «صندوق المؤشرات المتداولة». وهذه النوعية لا تستثمر مباشرة فى البيتكوين، ولكن تستثمر فى أسواق العقود المستقبلية التى تضارب حول سعر البيتكوين. ومن ثم لها أثر غير مباشر على البيتكوين. ولتوضيح فكرة الأسواق المستقبلية، هى نوع من أسواق التداول، تعمل عن طريق المضاربة على سعر العملة مثل البيتكوين أو سعر السهم مثل سهم شركة فيسبوك. وتعتبر الأسعار التى يتم التداول عليها فى الأسواق المستقبلية هى بمثابة مؤشر على ماذا سيكون عليه سعر البيتكوين فى الفترة المقبلة. وعادة تتراوح العقود المستقبلية بين فترة أيام، أو أسابيع، أو شهور. ولنضرب مثالا لكى تتضح الصورة للقارئة والقارئ غير المتخصص. فلو أن التداول على سعر البيتكوين الآن يتراوح بين 63 ألفا و64 ألف دولار فى بورصة العملات المشفرة، فإن السوق المستقبلية تضارب على سعر البيتكوين غدا، أو الأسبوع المقبل، أو الشهر المقبل. فلو كان السعر المتداول فى سوق العقود المستقبلية يتخطى 64 ألف دولار، وليكن 67 ألف دولار، فهذا معناه أن نظرة السوق لسعر البيتكوين نظرة إيجابية. ولو كان السعر فى العقود المستقبلية 50 ألف دولار، فهذا معناه تقييم السوق لسعر البيتكوين أقل بكثير من سعره الحالى. ومن ثم تأخذ السوق الحالية بعض المؤشرات من الأسواق المستقبلية. كما توجد خاصية أخرى لدخول صندوق استثمارى للاستثمار فى سعر البيتكوين، وهو إتاحة الفرصة للمتعاملين فى الأسواق الرسمية للاستثمار غير المباشر فى البيتكوين. ويمكن الحصول على سهم شركة برو ــ شير، بقيمة تبدأ من 41 دولارا فقط. وهو سعر فى متناول يد المستثمرين والمضاربين، مما يسهل عملية التداول. وانعكس تأثير هذا الصندوق على سعر البيتكوين بطريقة فورية، وانطلق السعر لمستويات تاريخية. ولكن لا يجب الظن بأن هذا الصعود دائم. بل هو مؤشر إيجابى من سوق التداول سيأخذ وقته ثم يتلاشى أثره.
أما صندوق استثمار برو ــ شير نفسه (ProShares)، فهو مملوك لمجموعة برو ــ فند (ProFund)، التى أنشأته عام 1997 برأس مال 100 ألف دولار، والآن تبلغ قيمته السوقية 53 مليار دولار فى 2021. لاحظ حجم القفزة فى القيمة السوقية للصندوق على مدار ربع قرن، مما يوحى أنه يتعامل على فرص استثمارية ذات مخاطر عالية وذات عائد مرتفع فى آنٍ واحد. والصندوق يستثمر فى 140 منتجا ماليا، أحدثها البيتكوين. وللعلم توجد تحفظات فى وول ستريت حول عمل صندوق للمضاربة على سعر البيتكوين فى الأسواق المستقبلية. أما شركة برو ــ فند نفسها فلقد أنشأها لويس ماى ــ بيرج، ومايكل سيبر. والأخير معروف بكونه مطورا عقاريا. أما الأول، فإليك نبذة مختصرة عن لويس ماى ــ بيرج من موقع عائلة ماى ــ بيرج على شبكة المعلومات، والذى يقول عنه إن مسيرته المهنية تمتد لأكثر من 38 عاما فى مجال الخدمات المالية وصناعات الاستثمار، وهو أحد مؤسسى برو ــ شير، ويشغل منصب رئيس مجموعة برو ــ فند. وهو من خريجى جامعة جورج واشنطن، وهو عضو إحدى مؤسساتها، وهى «مؤسسة الحياة اليهودية فى الحرم الجامعى». وتعد من أكثر مبادراته تأثيرا مبادرة مومينتم (Momentum)، وهى مبادرة «تحدى ابتكار التعليم اليهودى»، ومبادرة مركز مايبيرج (Mayberg) «للتعليم والقيادة اليهودية». وبصفته أحد أمناء مؤسسة مايبيرج، يعد لويس ناشطا فى مجال خدمة المجتمع عن طريق التطوع، وهو عضو مجالس إدارة منظمات مختلفة فى الولايات المتحدة وعبر العالم، ومنها مؤسسة «أيش ها توراه» المعنية بتعليم الشريعة اليهودية ومناصرة الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل. ولا يعنى هذا أن البيتكوين أو العملات المشفرة مرتبطة بالأهداف الشخصية لمن ينشئون صناديق الاستثمار، ولكن وجب التنبيه بمن يفتح الباب للبيتكوين ليقنن أوضاعها، فقد تتضح الصورة بعض الشىء.
معتمر أمين باحث في مجال السياسة والعلاقات الدولية
التعليقات