صندوق الفيفا.. ثعابين وبراهين! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صندوق الفيفا.. ثعابين وبراهين!

نشر فى : الجمعة 29 مايو 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 29 مايو 2015 - 9:20 ص

•• God bles America كانت تلك أول ثلاث كلمات يبدأ بها إيان هربيرت رئيس القسم الرياضى فى صحيفة الإندبندانت البريطانية عن فضيحة الفيفا المدوية، التى كانت ومازالت الخبر العالمى الأول.. فأمريكا لا تلعب كرة القدم كما يلعبها باقى الكوكب. وهى ليست لعبتها الشعبية الأولى. إلا أن تدخلها أمسك برقاب الفساد، مع أن الرائحة العفنة لهذا الفساد كانت تزكم الأنوف فى كل دولة تمارس كرة القدم وتعشقها. ومنذ أكثر من ربع قرن أصف بلاتر بأنه مثل ساحر يخرج الأرنب الابيض من القبعة، ويضحكنا وهو يضحك علينا، وهو يعرف أننا نضحك لأنه يضحك علينا ونحن نعرف ذلك؟!

•• كثيرون ربطوا بين عملية إلقاء القبض على أفراد من العصابة، وبين إجراء الانتخابات المقررة اليوم، وأنا شخصيا لا أستبعد هذا الربط ولا أستبعد دور السياسة فى ذلك.. لكن السؤال بوضوح وقد طرح بالفعل فى الإعلام: لماذا الآن تحركت أمريكا؟ ولماذا يوم الأربعاء؟

•• الإجابة: التحريات بدأت منذ ثلاث سنوات. وحينما وصلت المباحث الأمريكية الفيدرالية إلى قرائن وأدلة قوية قررت بدء العملية فى اللحظة التى يكون فيها البيض كله فى سلة واحدة. فأفراد العصابة يجتمعون فى زيوريخ لحضور الجمعية العمومية التى ستنتخب الرئيس. وهم لن يمكثوا لوقت طويل ولذلك كان التحرك سريعا وخاطفا.

•• كما أشرت منذ ثلاث سنوات، كان منح روسيا وقطر بطولتى كأس العالم فى اجتماع واحد هو أغبى قرار للعصابة. والأغبى منه أن تمنح قطر هذا الشرف على حساب كوريا واليابان واستراليا ثم على حساب الولايات المتحدة فى التصفية النهائية. وكان الأغبى من الغباء نفسه أن تمنح قطر هذه البطولة التى تقام صيفا، بينما صيف قطر لا يمكن أن يقام فيه سباق للمشى!

•• باب التحقيقات الأمريكية فتح بمساعدة تشاك بلازر الذى رفع الغطاء عن الصندوق الأسود. وهو مثل صندوق يحتوى على ثعابين وبراهين. وفى الوقت نفسه سوف تطول ذراع الإف بى آى كل فاسد فى الفيفا مهما كانت بلده ومهما كانت حصانته.. وفى الوقت نفسه بدأت السلطات السويسرية التحقيق فى عملية التصويت على منح روسيا وقطر حق تنظيم بطولتى كأس العالم.. وهناك شواهد على رشاوى، وإدارة سيئة لتلك العملية.. وقد كشف البوليس السويسرى عن عمليات غسيل أموال مرتبطة بالتصويت.

•• هل يمكن أن تُسحب البطولة من روسيا وقطر ويعاد التصويت؟
فى لوائح الفيفا نص يفيد بذلك فى حالة ثبوت فساد. تُسحب البطولة. لكن لابد أولا من ثبوت التهم الموجهة إلى الرجال الذين ألقت السلطات القبض عليهم. فلو صدرت ضدهم أحكام سوف يعاد التصويت وفقا للوائح.

•• لم نكن فى حاجة إلى كتب تكشف اللعبة القبيحة، أو شهادات من عاملين بقصر الاتحاد الدولى فى زيوريخ، ولم نكن فى حاجة إلى مشاهد مصورة تكشف عن الفساد الذى يسكن أروقة الفيفا.. كنا نشم الرائحة العفنة، ولانستطيع أن نمسك مصدرها مباشرة.. فالبداية كانت فى انتخابات 1998.. ثم فى فضيحة إفلاس شركة آى إس إل. ثم فى انتخابات 2002. ثم فى كل اجتماع أو حدث أو قرار.. وحين جرى التصويت على بطولة 2006 وامتنع مندوب الأوقيانوس عن الإدلاء بصوته كى تفوز ألمانيا بدلا من جنوب أفريقيا، تأكدنا أن مونديال 2010 سيذهب إلى جنوب أفريقيا حتى لو تفوقت المغرب.. تعويضا لبلد نيلسون مانديلا عما جرى فى المونديال الأسبق.

•• لكن الأمر أكبر من بلاتر ومن الفيفا.. الأمر فيه سياسة، وفيه شركات رعاية عملاقة، وفيه محطات تليفزيون، وهؤلاء يحددون توقيتات مباريات المونديال. وأحيانا من يهزم من فى المونديال.. وفى أحيان الأحيان من يفوز بجائزة أحسن لاعب فى العام أو فى المونديال..
إنه صندوق أسود ممتلىء بالثعابين والبراهين.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.