أزمة الليبرالية المصرية وإعادة تأسيسها - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 6 نوفمبر 2024 11:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أزمة الليبرالية المصرية وإعادة تأسيسها

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص

أدخلت الليبرالية المصرية نفسها فى أزمة طاحنة بترويج الكثير من الرموز والأحزاب المحسوبة عليها لاستدعاء المؤسسة العسكرية إلى الحياة السياسية طوال عام رئاسة الدكتور محمد مرسى وبتأييد تدخلها بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣.

وكصوت ليبرالى سجلت أكثر من مرة قبل ٣٠ يونيو وبعده (فى مقالات متتالية فى جريدة الوطن) رفضى لمثل هذا التخلى الصادم عن مدنية الدولة والسياسة، وكذلك حذرت من التداعيات الخطيرة لتنشيط خلايا مرض النخب الليبرالية العضال المتمثل فى الاستعداد للتحالف الفورى وغير المشروط مع المؤسسة العسكرية فى لحظات الصراع مع الإخوان ودون عميق تفكير فى جوهر

الديمقراطية أو التزام بآلياتها.

وبعد ٣٠ يونيو، سجلت أكثر من مرة (أيضا فى مقالات متتالية فى جريدة الوطن) تهاوى المصداقية الأخلاقية والسياسية للكثير من الرموز والأحزاب المحسوبة على الليبرالية المصرية بازدواجية معاييرها لجهة انتهاكات حقوق الإنسان، وبصمتها عن فاشية الإقصاء والإلغاء ونزع الإنسانية عن عموم اليمين الدينى التى يروج لها زيفا تارة باسم المصلحة الوطنية وتارة باسم التفويض الشعبى للحرب على الإرهاب فى سياق عسكرة للمخيلة الجماعية للمصريات وللمصريين، وبتسويقها الداخلى والخارجى لترتيبات ما بعد ٣٠ يونيو مجددا دون عميق تفكير فى جوهر الديمقراطية أو التزام بآلياتها.

وخلال الأسابيع الماضية، تبنت أصوات ليبرالية أخرى ذات الأفكار والمضامين. وتصاعدت تدريجيا أصداء رفض ازدواجية معايير التعاطى مع انتهاكات حقوق الإنسان والحريات ورفض إلغاء إنسانية عموم اليمين الدينى، وكذلك أصداء الدفاع عن مدنية الدولة ومؤسساتها والعمل على إنقاذ مسار الديمقراطية فى مصر والدفع باتجاه تجربة حقيقية للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

عدد الأصوات الليبرالية هذه محدود بكل تأكيد، ولم تبلور بعد مساحة واضحة المعالم لفعلها السياسى والمجتمعى بعيدا عن الكتابات الصحفية والمداخلات الإعلامية. إلا أنها تقوم بهذا فى وجه هجمة وموجة عاتيتين للفاشية، وفى وجه استنفار مستمر لأدوات تقييد الرأى وتعويق الفعل السياسى القديمة، وإزاء بيئة مجتمعية تجاوزت بها جميع حدود الرشادة والعقلانية كل من

القابلية للتشكيك فى الوطنية عند الاختلاف فى الرأى وهيستريا التخوين لمجرد التأكيد على ضرورة احترام حقوق الإنسان وعدم تجاوز القانون أو توظيف القوة المفرطة.

مجرد وجود هذه الأصوات وقدرتها على رفض المساومة على مبادئها وقيمها أو المهادنة فى دفاعها عن الحقوق والحريات يؤشر إلى غياب الموضوعية عن تعميمات تطلق هنا وهناك بشأن انهيار وسقوط الليبرالية المصرية. نعم الأخيرة فى أزمة طاحنة، وبلا جدال فقد الكثير من الرموز والأحزاب المحسوبة عليها مصداقيته الأخلاقية والسياسية. إلا أن انتشالها من أزمتها وإعادة التأسيس المعرفى والمجتمعى قبل السياسى لها وتمكينها من الإسهام فى واقع مصرى قاسٍ جميعها مهمات غير مستحيلة شريطة تماسك الأصوات المدافعة عن الليبرالية اليوم وانفتاحها على أجندة جماعية ومنظمة للفعل.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات