المجانية والمهزلة التعليمية - عصام رفعت - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المجانية والمهزلة التعليمية

نشر فى : الخميس 31 يوليه 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الخميس 31 يوليه 2014 - 8:20 ص

هل وضعنا أيدينا على أهم أسباب التخلف والفقر الذى نعيشه؟ إنه التعليم فالأمم التى سبقتنا كان التعليم هو أساس تقدمها حتى أنه كان ــ ولا يزال ــ هناك صراع دائر بين نظامى التعليم فى اليابان والولايات المتحده: من يسبق من حتى يحققا مزيدا من التقدم والرفاهية.

وهنا نطرح سؤالا حول التعليم الفاشل: هل نريد إصلاح التعليم فعلا.. هل التعليم ضمن أولوياتنا أم ستظل آمالنا وجهد حكوماتنا محصورة فى رغيف العيش وتوصيل الغاز والدعم إلى مستحقيه؟

إن أسوأ ضريبة يدفعها الفقراء مرغمين هى ما يتحملونه من أعباء فى التعليم تحت وهم مجانية التعليم، فالفقراء يدفعون جنيهات بسيطة رسوما للمدارس وفى نفس الوقت يدفعون آلافا على الدروس الخصوصية لأبنائهم وقد ألحق بهم نظام التعليم أسوأ الأضرار بدلا من أن يحقق العدالة الاجتماعية، فتعددت الأنظمة التعليمية وعانت من الازدواجية والخلل بسبب الزيادة السكانية وعدم مواكبة التوسع التعليمى الرسمى لها وحاجة الآباء إلى توفير فرص تعليمية أفضل لأبنائهم، وأدى الفشل التعليمى إلى تهديد الهوية الوطنية، فأصبح لدينا تعليم حكومى وأزهرى وتعليم خاص وتعليم عربى وتعليم أجنبى وتعليم محلى وتعليم دولى، حتى التعليم الأجنبى تعددت هويته بين الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية واليابانية، فالتعليم الآن جزر منعزلة.

هذا التشرذم التعليمى كتب عنه الدكتور طه حسين وحذر منه عام 1930 أى منذ 84 عاما، مشددا على أهمية إصلاح برامج التعليم ومناهجه، قائلا: الغريب أن الحكومة تصلح فى الألفاظ والنظريات ولا تحاول أن تصلح جوهر التعليم ولا تفكر فى هذه الفروق العقلية العنيفة، التى تقسم الأمة الواحدة إلى فرق متمايزة، والتى يجب أن تزال وأن تقوم مقامها وحدة عقلية.

الوضع التعليمى يثير العديد من المحاذير والتساؤلات وسنكتفى بالاختصار.

هل حقق التعليم العدالة الاجتماعية بتوزيع الإنفاق على التعليم بعدالة بين المحافظات.. وهل يحقق أهدافه الكيفية بوجود مدارس ملائمة وتجهيزات ومعلم مؤهل ومنهج حديث متطور ونشاط مدرسى ملائم وفرص عادلة لالتحاق الذكور والإناث بالتعليم الأساسى تتفق مع أعدادهم الفعلية؟

هل ستظل السياسة التعليمية متمسكة بأوهام المجانية، التى أدت إلى أن للتعليم تكلفة عالية لا يتحملها أصحاب الدخل المحدود، ما يفسر تسرب التلاميذ من المدارس، وتشير الدراسات إلى أن الإنفاق على الدروس الخصوصية يتجاوز أحيانا 75% من دخل الأسرة وتزداد عندما يكون الأبناء فى الشهادات العامة، وقد أصبحت بندا ثابتا فى ميزانية الأسرة، والغريب أن القانون يحظرها ويعاقب عليها، فهل يمكن تطوير المجانية من أجل خدمة تعليمية حقيقية؟

لقد أدت الدروس الخصوصية إلى خلل اجتماعى، فهى تتيح فرصا أفضل للقادرين ماديا أو الذين يستطيعون الحصول على المال اللازم بشتى الطرق، ما يمثل إجحافا بالفقراء، كما أنها أعاقت نمو القدرات الإبداعية.

واتسع الخلل والتدهور والمفاسد التعليمية، فظهرت مجموعات التقوية والكتب الخارجية والمذكرات المختصرة والسناتر، وتعددت الفترات بالمدارس وتوقفت القدرات والأنشطة الطلابية.

ولنسأل ضمائرنا: هل نحن راضون عن هذه المهزلة التعليمية؟ إننا لسنا ضد المجانية فهى ضروريه، ولكن المعادلة هى ما دامت الدولة غير قادرة، فكيف تتحرك الرسوم الدراسية فى إطار المجانية، ولمن تعطى وما معاييرها بشرط تخصيص الحصيلة للمساهمة فى تطوير شامل للعملية التعليمية كلها بدلا من ضياع نحو 60 مليارا تنفقها الحكومة و20 مليارا دروسا خصوصية بلا جدوى، والنتيجة هى كما نرى: بلد بتاعت شهادات.

عصام رفعت من ابرز الكتاب الإقتصاديين فى مصر والوطن العربى ، عمل رئيسا لتحرير الأهرام الإقتصادى ومقدما لبرنامج المنتدى الإقتصادى بالتليفزيون وشارك فى العديد من المؤتمرات المحليه والعربيه والدوليه وله العديد من المقالات بالأهرام والصحف العربيه والدوريات العلميه.
التعليقات