الاعدام بالنيتروجين يثير الجدل في الأوساط القضائية والعلمية في أمريكا - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:43 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاعدام بالنيتروجين يثير الجدل في الأوساط القضائية والعلمية في أمريكا

سان فرانسيسكو (د ب أ)
نشر في: الأحد 2 أكتوبر 2022 - 11:20 ص | آخر تحديث: الأحد 2 أكتوبر 2022 - 11:20 ص

في يوم 22 سبتمبر الماضي، كان الأمريكي آلان يوجين ميلر سيدخل التاريخ باعتباره أول شخص يتم إعدامه بالنيتروجين في العالم، وذلك بعد إدانته بقتل ثلاثة أشخاص بالرصاص عام 1999، ولكن قبل أسبوع من موعد تنفيذ العقوبة، أعلنت ولاية ألاباما الأمريكية أنها غير مستعدة للمضي قدما في اعدامه بالنيتروجين، وأنها سوف تستخدم وسيلة الاعدام التقليدية عن طريق الحقنة السامة بدلا من النيتروجين.

ولكن في 19 سبتمبر أصدرت المحكمة الجزئية بوسط ألاباما أمرا قضائيا بمنع سلطات الولاية من إعدام يوجين ميلر بأي وسيلة أخرى بخلاف النيتروجين، ما يعني فعليا وقف تنفيذ العقوبة إلى أن تكون ألاباما مستعدة لتنفيذ حكم الاعدام بالوسيلة الجديدة. وكان ثلاثة أكاديميين قد تقدموا في مطلع سبتمبر بشكوى بالنيابة عن ميلر لدى منظمة الأمم المتحدة باعتبار أن الحقنة السامة تمثل انتهاكا لحقوق الانسان، على اعتبار أنها تسبب آلاما مبرحة قبل الوفاة.

وقبل أقل من ثلاث ساعات من الموعد المحدد لتنفيذ العقوبة، وافقت المحكمة العليا في ألاباما على الطعن الذي قدمته سلطات الولاية في الأمر القضائي بمنع تنفيذ العقوبة، وأجازت المضي قدما في إعدام ميلر بالحقنة السامة، ولكن في الساعات الأولى من يوم 23 سبتمبر، أعلنت الولاية إلغاء تنفيذ العقوبة لأنها لم تستطع العثور على الوريد المناسب في جسم ميلر لحقنه بالمادة السامة، وبالتالي تم تأجيل التنفيذ.

وأثارت هذه القضية بتحولاتها الدرامية الكثير من الجدل في الاوساط القضائية والطبية بشأن مسألة الاعدام بالنيتروجين، وما هي الاجراءات اللازمة لتطبيق هذه الطريقة، وكذلك ما هي عيوب الحقنة السامة ومدى مخالفتها لقواعد حقوق الانسان.

ويقول طبيب التخدير جويل زيفوت من جامعة إيموري بولاية جورجيا الأمريكية، وهو أحد الأكاديميين الذين شاركوا في تقديم الشكوى للأمم المتحدة إن فكرة الاعدام بالنيتروجين تعتمد على خنق المدان عن طريق إجباره على استنشاق النيتروجين الصافي، وبالتالي حرمانه من الأكسجين حتى يفارق الحياة.

ونقل الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية عن زيفوت قوله إن النيتروجين هو غاز خامل يمثل نحو 78 % من تركيب الهواء الذي نتنفسه، بمعنى أنه يدخل الجسم مع كل نفس نستنشقه دون أي ضرر، أي أن أي شخص يمكنه أن يتنفس النيتروجين الصافي دون أن يشعر على الفور بأي مشكلات، ولكن خلايا الجسم وأعضاءه تبدأ تدريجيا في التلف بسبب حرمانها من الأكسجين الضروري لاستمرار عملها، مضيفا أن أي شخص يتم منعه من تنفس الأكسجين سوف يفارق الحياة في غضون دقائق حيث سيتوقف قلبه ببساطة عن الخفقان.

وطرحت فكرة الاعدام بالنيتروجين أول مرة عندما اقترحها النائب عن ولاية أوكلاهوما مايك كريستيان كوسيلة لتنفيذ عقوبة الاعدام للمرة الأولى في عام 2014، وكان صاحب هذه الفكرة في الأساس هو مايكل كوبلاند استاذ مساعد في القانون الجنائي بجامعة "آدا" بولاية أوكلاهوما.

وتقول كورينا باريت لاين أستاذة القانون بجامعة ريتشموند التي ألفت كتابا عن الحقنة السامة إن "اقتراح الاعدام بالنيتروجين برمته هو نتاج تقرير من 14 صفحة كتبه استاذ قانون جنائي.. فهو ليس طبيبا ولم يحصل عل أي تدريب طبي، كما أنه ليس عالما، ولكنه كان على صلة بنائب تشريعي"، في إشارة إلى النائب مايك كريستيان.

وخلال جلسات الاستماع لتقييم فكرة تطبيق عقوبة الاعدام بالنيتروجين، لم يتم تقديم أي أدلة علمية أو أبحاث طبية بشأن هذه الطريقة، كما أنه ليس من المعروف الفترة التي سوف يستغرقها المدان قبل أن يفارق الحياة بعد أن يستنشق النيتروجين الصافي.

ويرى زيفوت أنه "لا توجد أي دلائل على أن الموت باستنشاق النيتروجين سوف يؤدي إلى وفاة هادئة خالية من الألم".

وفي تصريحات لموقع "ساينتفيك أمريكان"، يقول روبرت دونهام المدير التنفيذي لمركز أبحاث عقوبة الاعدام في الولايات المتحدة، وهو كيان غير ربحي، إن تأجيل عقوبة الاعدام بالنيتروجين في ألاباما لا يرتبط بالسؤال بشأن ما إذا كانت هذه الوسيلة غير مألوفة أو قاسية أو لا، بل أن التأجيل يرتبط على الأرجح بمشكلات لوجستية.

وأوضح أن "ألاباما حتى الآن ليس لديها بروتوكول لتنفيذ العقوبة الجديدة، ولا تعرف كيفية تنفيذها، كما أنها لم توفر أي تدريب للقائمين على هذا الأمر، بل أن أحدا لم يفكر حتى في الخطورة التي قد يتعرض لها القائمون على تنفيذ العقوبة في حالة حدوث أي خطأ أثناء التنفيذ".

ويقول دونهام إن "النيتروجين غاز شفاف بدون رائحة، أي أن الشخص الذي يستنشقه لن يشعر أنه يتنفس مادة سامة قد تتسبب في وفاته، ومن هنا يتضح حجم الخطر الذي قد يقع لفريق تنفيذ العقوبة في حالة تسرب النيتروجين على سبيل الخطأ".

أما فيما يتعلق بالحقنة السامة التي تعتبر الطريقة القياسية لتنفيذ عقوبات الاعدام في أمريكا منذ تسعينيات القرن الماضي، فهي تتكون من مركب كيميائي من ثلاث مواد دوائية وابتكرها طبيب شرعي في ولاية أوكلاهوما. وتحتوي الجرعة على مواد ثيوبنتال الصوديوم المخدرة، وبروميد البانكورونيوم التي تسبب الشلل، وكلوريد البوتاسيوم التي من المفترض أنها توقف القلب في غضون دقائق، ويصف دونهام هذه المادة الأخيرة بأنها "حريق كيميائي".

واعترض الأطباء وشركات الدواء على فكرة الحقنة السامة منذ بدء تطبيقها، من منطلق ضرورة عدم استخدام الأدوية والمنتجات الطبية في القتل بدلا من العلاج، وفي عام 2011، أعلنت الشركة الوحيدة التي تنتج ثيوبنتال الصوديوم في أمريكا التوقف عن تصنيعه، وفي العام التالي، قضت المحكمة الجزئية في ولاية كولومبيا أن ادارة الغذاء والدواء الأمريكية لا يمكنها إجازة استيراد هذه المادة من الخارج بغرض استخدامها في تنفيذ عقوبات الاعدام.

ولعل هذه التطورات هي التي دفعت الولايات في أمريكا للبحث عن بدائل لتنفيذ عقوبات الاعدام، وتسبب هذا الأمر في إثارة الجدل في الاوساط الطبية والعلمية من أجل التوصل إلى وسيلة رحيمة لتنفيذ القانون.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك