مهرجان وهران للفيلم العربى ينتصر للتجارب القوية والسينما الجميلة - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 2:53 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهرجان وهران للفيلم العربى ينتصر للتجارب القوية والسينما الجميلة

رسالة وهران ــ خالد محمود:
نشر في: الجمعة 3 أغسطس 2018 - 10:09 م | آخر تحديث: الجمعة 3 أغسطس 2018 - 10:09 م

-الدورة الـ11 تعيد اكتشاف تيارات سينمائية جديدة.. وموهوبون يطلقون العنان لإبداعهم على الشاشة
-الجمهور يتنبأ بالأفلام الفائزة بالوهر الذهبى قبل إعلان لجنة التحكيم.. وتفاعل مع قضاياها وأبطالها
-مصر تكتفى بجائزة لسيناريو «فوتوكوبى».. وشهادة تقدير لشيرين رضا.. وتنويه خاص لـ«النحت فى الزمن»


جاءت جوائز الدورة الـ 11 لمهرجان وهران الدولى للفيلم العربى فى معظمها حسب التوقعات، بينما جاء بعضها ــ وهو النسبة الأقل ــ مخالفا لتلك التوقعات.. وبين هذا وذاك، فإن دورة هذا العام جاءت حافلة بمجموعة من الأفلام المهمة والمتميزة، التى تبارى فيها المخرجون والنجوم لتقديم أدوار وقصص وحكايات ورؤى فنية عميقة وجديدة وكاشفة عن أبعاد جديدة للسينما العربية المعاصرة، اذا نجح مهرجان وهران فى أن يكون أحد روافد اعادة اكتشاف عن تيارات سينمائية جديدة وموهوبين يطلقون العنان لإبداعهم على شاشته.. وهو ما اكدته اختيارات ادارة المهرجان بقيادة محافظه ابراهيم صديقى، وفى لحظة تسلم الجوائز عبر الفائزون بحق عن مشاعر الفوز فى مشهد يبدو وكأنه مشهد من ذهب.. وقد انتصرت الجوائز للسينما الجميلة.

منذ اللحظة الأولى لعرضه.. وكان هناك شبة اتفاق على ان الفيلم الجزائرى «إلى اخر الزمان» للمخرجة ياسمين شويخ سيكون له نصيب كبير فى الفوز بإحدى جوائز مهرجان وهران الدولى للفيلم العربى الذى نافس بمسابقته الرسمية للافلام الروائية الطويلة، وبالفعل نال جائزة الوهر الذهبى وسط تصفيق كبير من الجمهور الجزائرى والعربى، فالعمل حالة انسانية فنية متكاملة للعبور من الاحساس بالموت إلى إعادة الحياة من جديد.. وتلك هى السينما التى تشعرك بأنك يجب ان تعيش، وألا يتوقف قلبك عن نبضات الامل.. وأن يستقبل هذا العالم مشاعرك ويقدس خصوصيتها حتى لو كنت فى أحرج لحظات العمر وأكثرها قسوة.
قدمت ياسمين شويخ فى أول عمل روائى طويل لها قصة حب غريبة ومثيرة، تنسج خيوطها فى مقبرة، بين رجل مسن هو «على»، يشتغل حفار قبور فى مقبرة «سيدى بولقبور»، وبين امرأة تدعى «جوهر»، أرملة فى عقدها الستينيات من العمر، حيث تعوّد الرجل على استقبال العائلات التى تقصد المقبرة لزيارة موتاها، وتذهب جوهر إلى المقبرة لأول مرة لزيارة قبر شقيقتها المتوفية بعد أن فرت من المنزل بسبب العنف، وتطلب من حفّار القبور «على» أن يحضر لها جنازتها قبل أن تموت، فيوافق على طلبها رغم استغرابه.
وفى حبكة رائعة وأسلوب سرد مدهش يرصد تطور وتعدّد اللقاءات بين «على» و«جوهر»، حيث تنشأ علاقة عاطفية بين الطرفين، تكون «المقبرة» رمز الموت مسرحا لها، كما لو ان المخرجة أرادت أن تقول للمشاهد «ينبغى على المرء أن يتشبث بالحياة إلى آخر لحظة». ولأن جوهر فى عقدها السابع، ترفض طلب على الزواج منها، وهو لم يدخل دنيا من قبل، الرجل الذى يعيش بين الموتى ويتنفس رائحتهم قرّر مغادرة المكان «المقبرة» الذى عاش فيه فترة طويلة من عمره.
عبر هذا الخيط، نتتبع مشاهد متنوعة لنمط الحياة فى الريف، ووضع المرأة فى مجتمع، تظهره المخرجة متعصبا ومتخلفا إلى حد ما من خلال صورة ساخرة أحيانا وناقدة أحيانا أخرى، تركز على بعض الاعتقادات والسلوكيات البائدة، التى كانت تجد لها مكانا فى المجتمعات النائية وقد صورت الطبيعة ببكريتها الرائعة، كما صورت البشر ببكريتهم وتلقائيتهم المدهشة، وجعلت شخصياتها تنبض حيوية كبيرة وخاصة فريق الممثلين الذين قدموا اداء طازجا متمكنا منهم الثنائى جميلة عراس وبو جمعة جيلانى الذى قدم الدور الرئيس حفار القبور، وكان معهم ايضا نوال ايمان، ومهدى مولاى.. أجمل ما فى الفيلم هو إيجابية مشاعر تلك الشخصيات والقصة التى تسربت إلى وجدان المشاهد على مدار 90 دقيقة وهى الحياة التى ينبغى على الإنسان ان يتشبث بها إلى آخر لحظة، وكم كانت النهاية عظيمة، فالبطل والبطلة يهرولان وراء بعضهما باتجاه البحر، لتتسع الصورة لتمنحك حرية الاختيار هل يلحقان ببعض ام لا.. انت من يضع خيار النهاية للقصة.. فكل من على وجوهر يناجيان حياتهما كل فى الآخر.
السينما الجزائرية بفيلم «إلى اخر الزمان» تخوض مرحلة جديدة اكثر شاعرية وانسانية والهاما وايضا ابداعا عبر رؤى جديدة وحكايات بعيدة إلى حد ما عما هو سائد من قصص البطولات الكبرى لنماذج من الشعب الجزائرى ضد الاستعمار المحتل، وضد الارهاب إبان سنوات العشرية السوداء، والتى كانت ولا تزال شاشة السينما الجزائرية تتمسك بها وتصر على تقديمها حتى تظل فى ذاكرة الاجيال، وهو ما كشفت عنه ايضا الاعمال الجزائرية المشاركة فى الدورة الحادية عشرة لمهرجان وهران للفيلم العربى.
ويجىء فوز الفيلم الفلسطينى «واجب» للمخرجة آن مارى جاسر بجائزتى لجنة التحكيم وأفضل ممثل مناصفة بين بطلى الفيلم محمد بكرى وابنه صلاح بكرى، ليؤكد جدارة الفيلم وتميزه سينمائيا، وبحسب شهادة لجنة التحكيم انها تجد سوى أن تمنح محمد بكرى وصالح بكرى جائزة أفضل ممثل فى المهرجان بعد الأداء العالى الذى قدماه فى تجسيد دوريهما فى فيلم «واجب» وإن كنت انا قد رشحت ايضا الممثل الجزائرى بو جمعة جيلانى للفوز بها لادائه فى فيلم «إلى آخر الزمان».
ويعد دور الأب والابن بكرى محوريا فى فيلم «واجب»، حيث تدور أحداثه حول العلاقة المضطربة بين الأب «أبو شادى» وابنه «شادى». وعلى مدار يوم واحد فقط فى سيارة تتجول فى أزقة مدينة الناصرة، نكتشف تفاصيل وخبايا هذه العلاقة داخل المجتمع الفلسطينى، حيث تبدأ الاحداث مع اقتراب موعد زفاف أخت (شادى) والذى سينعقد خلال شهر، ويصل الابن من محل إقامته فى روما ــ حيث يعمل مهندسا ــ إلى فلسطين ليساعد والده على تسليم دعوات الزفاف يدويا كما تقتضى التقاليد والواجب، بمرور الساعات التى يقضيها الأب مع ابنه وعبر الحوارات بينهما تبرز الخلافات التى أبعدتهما عن بعضهما البعض وتُسلِّط الضوء على تناقض الحياة التى يعيشها الاثنان معا وما تتسم به من تعقيدات. فضلا عن صورة الحياة اليومية فى الناصرة. الحكاية ليس فقط الاب والابن وانما هما يمثلان فلسطين الداخل والخارج، فالابن هو النضال الكلاسيكى الرافض لأى علاقة مع المحتل، والاب هو تمثيل لفكرة المواءمة والتنازل بعض الشىء من اجل العيش وتربية الابناء، وقد نجحت المخرجة فى لفت انتباهنا إلى الفروق بين جيلين.
عندما ذهبت جائزة الوهر الذهبى لافضل فيلم روائى قصير لفيلم «شحن» كريم الرحبانى من لبنان، ادركت ان لجنة التحكيم انتصرت لصالة العرض التى صفقت طويلا للفيلم، وسط صدمة مشهد النهاية بموت بطله الصغير فى حادث سيارة، نطق الجميع بـ«آهة» كبيرة، لكنها فى واقع الامر نهاية فنية عظيمة وقد وصلت الرسالة وهى ان الصغار اصبحوا يتحملون اعباء الكبار فى مجتمعاتنا المتقلبة، فهو يحملون عبأ ليس لهم ودور هو ليس دورهم.
فالفيلم الذى يقوم ببطولته عبدالهادى عساف ــ سعد الدين مخلالاتى ــ ثينتيا خليفة ــ غدى الرحبانى، تدور احداثه حول رجل عجوز وحفيده الصغير يجدان نفسيهما ضائعين فى إحدى سهول البقاع فى لبنان هربا من الحرب السورية.. بعد عناء يصلان إلى بيروت وفى ظروف تنعدم فيها الرحمة يضطر «عبدالهادى» إلى التسول لإعالة وحماية جده، مسلوبا من طفولته. تنقلب حياة «عبدالهادى» من السيئ إلى الأسوأ.
بينما جاء فيلم «طعم الأسمنت» للمخرج زياد كلثوم من سوريا ليقتنص جائزة الوهر الذهبى لافضل فيلم قصير، وهو من الافلام المهمة التى انتجت خلال الفترة الاخيرة.
وفى العمل لا يقدم المخرج السورى زياد كلثوم فيلما وثائقيا فقط، بل عملا قويا وعميقا واكثر احترافية وهو ما جعله يتفوق على كم الأفلام القوية المشاركة فى مهرجان وهران فى دورته ال11 وينتزع باستحقاق تلك الجائزة.
وفى الفيلم نرى العديد من عمّال البناء السوريين يعملون على تشييد ناطحات السحاب بينما تتعرض منازلهم فى وطنهم للقذائف والقنابل. لا يُسمح لأولئك العمّال بمغادرة مواقع البناء – بما أنهم لاجئون – ولا يصرّح لهم بمغادرته إلا بعد غروب الشمس وفقا لقانون وضعته الحكومة اللبنانية. أما فى الليل، فيلتفّون حول شاشة تلفزيون صغيرة ليتابعوا آخر أخبار وطنهم الذى غادروه. تسيطر عليهم مشاعر القلق والألم بينما يعانون يوميا من الحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية والمهنية.. قدم الفيلم صورة رائعة لمشهد سيدون طويلا فى الذاكرة.
لماذا لم تخرج السينما المصرية من مهرجان وهران سوى بجائزة واحدة هى أحسن سيناريو للكاتب هيثم دبور عن فيلم «فوتوكوبى»، وتنويه خاص لفيلم «النحت فى الزمن» للمخرج يوسف ناصر، رغم التفاف الجمهور حول الاعمال المصرية المشاركة؟ سؤال فرض نفسه عقب اعلان الجوائز، والواقع ان شدة وقوة الاعمال المنافسة الاخرى فرضت نفسها، كما أنه بالتأكيد كانت هناك توقعات بفوز شيرين رضا بجائزة افضل ممثلة لدورها الرائع فى فوتوكوبى، إلا أنها فازت بجائزة تقديرية، بينما منحت لجنة التحكيم برئاسة المخرج مرزاق علواش الجائزة إلى اميرة شلبى بطلة فيلم «تونس بالليل»، وربما تكون هى الجائزة الثالثة التى تحصدها الممثلة من مهرجانات متعددة.
ولكن لجنة التحكيم اثنت على سيناريو هيثم دبور الذى اخترق منطقة انسانية شديدة الشفافية والعمق وقد اثنى الحضور على اداء بطلى الفيلم محمود حميدة وشيرين رضا، وبرسالة الفيلم التى تدعو إلى إعادة اكتشاف الحب والمعنى الحقيقى للحياة.
كانت مشاركات السينما المصرية فى مجملها تشكل تجارب متميزة، ففى مسابقة الفيلم الوثائقى شاركت مصر بأفلام «البحث فى الزمن» للمخرج يوسف ناصر والذى يرصد رحلة من الإبداع والريادة تجاوزت الخمسين عاما لرائد فن العرائس فى مصر والعالم العربى، ناجى شاكر.. أحد أهم مصممى الديكور والأزياء والدعاية، كرمه متحف الفن الحديث بأمريكا.. ومازال عطاؤه وريادته فى استمرار وتصاعد.
وفيلم «ودى.. فرعون السومو» اخراج المتميزة سارة رياض، والذى تناول حكاية بودى، المُلقّب بأوسوناراشى (العاصفة الرملية العظيمة)، هو أول مصارع سومو مصرى يمارس هذه الرياضة باحتراف فى اليابان، الفيلم الوثائقى يتبع رحلة بودى من قرية صغيرة فى ريف مصر، وصولا إلى طوكيو.. الفيلم حصل على جائزة أفضل فيلم وثائقى فى مهرجان كوبنهاجن السينمائى فى 2017، وشارك فى عدد من المهرجانات السينمائية فى سويسرا، بولندا، ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وفى مسابقة الافلام القصيرة كان هناك فيلم «ندى» إخراج وسيناريو: عادل أحمد يحيى وبطولة مى الغيطى وأمير صلاح
وتناول الفيلم شخصية ندى، الفتاة البكماء التى تعمل كراقصة فى احدى الفرق الاستعراضية.. أثناء أحد العروض تتعرف على عمر، شاب كفيف هو الآخر، فيستحيل التواصل بينهما، فكيف سيتعاملان مع وضعهما؟
فيما قدمت المخرجة نوران طارق فيلم «اعراض» تجربتها الأولى الجريئة والمتميزة فنيا، من حيث التصوير والمونتاج والموسيقى وايضا الموضوع الذى يتناول حكايات نفسية لابطالها من خلال الدكتور سمير زاهر طبيب نفسى معتزل منذ عشرين عاما، أنشأ جلسات نفسية مع مرضى من وحى خياله.. فتتجلى خلال الأحداث اضطرابات نفسية، اسكيزوفرينيا، البارانويا، اضطراب القلق، اضطراب الاكتئاب.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك