شارك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الأربعاء، في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، الدورة العادية (116) بمقر الأمانة العامة.
وقال الأمين العام في كلمته بالجلسة الافتتاحية: أود أن أركز حديثي اليوم على الموضوعات الخاصة بدعم صمود الشعب الفلسطيني عبر تعزيز الاقتصاد الفلسطيني ودعم عدد من مراكز الرعاية الاجتماعية الفلسطينية.
وأضاف أن الواقع أن العنوان الأهم للمرحلة القادمة هو الحفاظ على مشروع الدولة الفلسطينية الذي يستهدف الاحتلال محوه من الوجود عبر تهجير الشعب والاستيلاء على الأرض، ومهمتنا هي الإبقاء على صمود المؤسسات الفلسطينية وتمكينها من الاستمرار في أداء دورها الوطني وسط أوضاع بالغة الصعوبة وتهديدات وجودية للقضية الفلسطينية.
وأكد أبو الغيط أن الشعب الصامد في غزة واجه من صنوف الوحشية والتجرد من الإنسانية ما لم يعرف التاريخ المعاصر له شبيهاً أو مثيلاً، واستُخدم التجويع سلاحاً أمام سمع وبصر العالم الذي لا تزال قواه المؤثرة عاجزة عن وقف هذه المذبحة اليومية ووضع حد لهذه المقتلة المتواصلة، والهدف صار واضحاً للجميع، وهو دفع الشعب للتخلي عن أرضه وتقويض حل الدولتين، ليس فقط في غزة ولكن في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأشار إلى أن إمكانيات أمتنا الاقتصادية ليست بالقليلة، داعياً هنا إلى أن تستنفر هذه الإمكانيات وتُشحذ القدرات من أجل الحفاظ على مشروع الدولة وتعزيز مؤسساتها ودعم صمود الشعب في غزة والضفة على حد سواء.
أشار لمشروع جدول أعمال اجتماع اليوم وما يتضمنه أيضاً من موضوعات تتعلق بمبادرات إنشاء مجالس وزارية جديدة وتطوير أداء المنظمات العربية المتخصصة، مؤكداً أن هذا توجه مهم وحيوي، فضرورات المرحلة تقتضي تطوير آليات العمل الجماعي المشترك من أجل مواكبة متطلبات العصر ومتغيراته المتسارعة.
وأوضح أن الوقائع أثبتت أهمية تحقيق المرونة والانسيابية في التخطيط والتنفيذ، حتى تتمكن الأجهزة القائمة والناشئة من تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها وتلبية الاحتياجات المتنامية، وذلك كله اتساقاً مع ميثاق جامعة الدول العربية، الذي يمثل البوصلة الرئيسية والمرجعية الأساسية لأي عمل عربي جماعي فاعل ومؤثر.
وأشار إلى أن من بين الموضوعات التي يبحثها اجتماع اليوم تلك المتعلقة بنشر ثقافة التسامح والسلام والحوار بين الحضارات، وهي موضوعات تتسق بشكل كامل مع المرحلة الخطيرة التي يمر بها العالم، فما أحوجنا اليوم إلى نشر ثقافة السلام وتعزيز ممارساته، ذلك الحق الأصيل في المنظومة الحقوقية الدولية، والذي تغافل عنه الكثير من الفاعلين الدوليين.
وأكد أبو الغيط أنه آن الأوان لنشر ثقافة الحوار والتسامح والسلام بين الشعوب، وتعزيز الممارسات المتعلقة بذلك وترسيخها في المناهج التعليمية والخطابات الإعلامية والثقافية والدينية وغيرها من منابر التواصل بين المجتمعات.
وجدد الأمين العام ندائه إلى كافة العقلاء والحكماء في العالم أجمع، من أجل العمل سوياً نحو تعزيز ثقافة الحوار والسلام سبيلاً لحل الخلافات والنزاعات، ومكافحة خطابات الكراهية والعنف وعدم قبول الآخر، وبث روح الطمأنينة لدى الأجيال الناشئة واستيعاب أبنائها داخل مجتمعاتهم وتقبل الآخر والاندماج معه في بناء مجتمعات آمنة متطورة، تُنجز خُطاها على مسار التنمية الشاملة والمستدامة، ولا تترك أحداً خلف الركب.
وأضاف أنه منذ عشر سنوات كاملة، اعتمد المجتمع الدولي أهداف التنمية المستدامة 2030، ووضع لها الآجال الزمنية والخطط والبرامج التي كان من شأنها أن تُسهم في إنجاز هذه الأهداف والغايات المنبثقة عنها، وبعد عقد من الزمان على تدشين هذه الأجندة الدولية، ومع تناقص الوقت الزمني المتبقي على إتمامها، تظهر جلياً تحديات مصيرية تؤثر على مصير هذه الأهداف في العديد من المناطق، وذلك في ظل الأزمات الإنسانية الناجمة عن الحروب وجولات العنف في عدد من الدول العربية، والتي كان من شأنها تأخير جهود التنمية الإنسانية عقوداً للوراء، ومفاقمة مؤشرات الفقر والجوع وتدمير البنية الأساسية ومنظومة الخدمات الحكومية وعلى رأسها التعليم والصحة.
وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام على ضرورة تضافر جميع الجهود من أجل توفير بيئة آمنة صالحة لتحقيق أبسط مقومات التنمية في هذه المناطق.
كما نوّه إلى ضرورة أن يعمل مجلسكم الموقر على توفير منصة عربية لتبادل الخبرات والتجارب الوطنية الناجحة في إعادة البناء والإعمار، وهي تجارب متعددة تزخر بها دولنا العربية.
وأكد على أهمية متابعة تنفيذ مقررات الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، التي استضافها العراق في مايو الماضي، والتي أصدرت ما يزيد عن 30 قراراً هاماً في مختلف الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتضمنت بدورها إجراءات تنفيذية تضطلع بها الدول الأعضاء والأمانة العامة والمنظمات المتخصصة، على حد سواء.