نبيل فهمي يكتب: مشاورات إقليمية مكثفة: ما لها وما عليها - بوابة الشروق
السبت 3 مايو 2025 6:47 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

نبيل فهمي يكتب: مشاورات إقليمية مكثفة: ما لها وما عليها

Mohamed Bassal<br/>تصوير سلمى خضر
Mohamed Bassal
تصوير سلمى خضر

نشر في: الإثنين 4 أبريل 2022 - 7:27 م | آخر تحديث: الإثنين 4 أبريل 2022 - 7:27 م
لقاء قمة مصرى ــ إماراتى ــ إسرائيلى فى شرم الشيخ. إسرائيل تستضيف اجتماعا يشمل وزير خارجيتها ونظراءه من الإمارات والبحرين، والمغرب ومصر وأمريكا. لقاء قمة يستضيفه الأردن يجمع مصر والإمارات والعراق، ونقلت بعض وكالات الأنباء أن وزير الدولة السعودى حضره أيضا. زيارة مسئول إماراتى لإيران. زيارة الرئيس الأسد للإمارات واجتماعه وولى العهد ورئيس الوزراء. لقاءات سعودية إماراتية قطرية.
كل ذلك خلال أشهر قليلة، وبمعدلات أسرع خلال الأسابيع الأخيرة، ما دفع البعض للإسراع فى الحديث عن محاور جديدة تتشكل فى الشرق الأوسط، وفى الوقت نفسه جعلت هذه اللقاءات الكثيرة آخرين يستخفون بما نشهده على أساس أنه تحرك دون مضمون، وكلاهما مخطئ، فمن الأهمية عدم التسرع فى استخلاص النتائج، لأن كل فعل له رد فعل كما علمنا علم الفيزياء، وقد تثبت التطورات أو تشكل قوة مضادة لها، كما أن الآثار الاستراتيجية للتطورات الأخيرة لن تتضح أو تستقر سريعا، فى ضوء الاضطراب العام فى الساحة الدولية، والسيولة التى نشهدها فى الشرق الأوسط.
مما لا شك فيه أن عديدا من الدول الشرق أوسطية تعيد ترتيب أوضاعها للتعامل مع التغيرات الدولية والإقليمية، أو تغير من أسلوب التعامل معها، أى إن أغلب هذه الدول تعتقد أن الشرق الأوسط يعاد ترتيبه، أو إنه فى بداية مرحلة جديدة تفرض عليها التعامل مع واقع مختلف وبشكل جدى، ومن هنا نشهد مزيدا من التركيز على التعامل مع القضايا إقليميا.
ويلاحظ أن أغلب الدول المشار إليها هم حلفاء أو أصدقاء للولايات المتحدة، حلفاء يجتمعون فى الوقت الذى أكد فيه الحليف الأكبر أنه سيقف مع الأصدقاء ضد الإرهاب، وإنما لن يضحى بمواطنيه فى معارك لا تعنى أمريكا بشكل مباشر، بل إن سياستها المعلنة فى الشرق الأوسط هى تجنب تفاقم الأمور والكوارث الجديدة، ولا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة متمسكة بعدم استخدام قوتها إلا فى أصعب الظروف التى تمس المصلحة الأمريكية المباشرة.
ويلاحظ أيضا أن العلاقات الأمنية بين أمريكا وحلفائها فى الشرق الأوسط شهدت فتورا وتباينا فى الآونة الأخيرة، كان ذلك حول توصيف بعض الجماعات فى المنطقة بأنها جماعات إرهابية من عدمه، أو حجب بعض العتاد العسكرى الأمريكى عن بعضها، وسحب تكنولوجية عسكرية من ساحات أخرى، فضلا عن قلق عديد منها من قرب التوصل إلى اتفاق حول إحياء الاتفاق النووى بين الدول دائمة العضوية وألمانيا وإيران، بخاصة إذا تم من دون ضبط السياسات الإيرانية الإقليمية الخشنة، وهو أمر بات قريبا، وهناك تحفظ حول ما يتردد عن رفع الحرس الثورى الإيرانى من قوائم الإرهاب.
هل يعيد القمح الأوكرانى «الانتفاضات الشعبية» فى الشرق الأوسط؟
أهداف إسرائيل من كل ذلك واضحة تماما، منها الضغط على أمريكا لوضع ضوابط للاتفاق النووى الإيرانى، وطرح جهودها وقدراتها فى الشرق الأوسط بديلا كليا أو جزئيا للغطاء الأمنى الأمريكى، أو باعتبارها قناة فاعلة ومؤثرة فى الساحة الأمريكية لتجنب مزيد من التفاقم فى العلاقات العربية مع إدارة بايدن، وإعادة جدولة الأولويات العربية بحيث لا تحظى القضية الفلسطينية على مكانة عالية وضاغطة، بخاصة فى ضوء التآلف الحكومى الغريب فى إسرائيل بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، وبذلك تجعل نفسها ولأول مرة طرفا إقليميا فاعلا ومقبولا فى الشرق الأوسط.
وتزامنت مع هذا بوادر تحسن فى العلاقات التركية الخليجية، وتباطؤ فى مسار المهادنة التركية مع مصر، وتثبيت تركيا سيطرتها على مواقعها داخل الأراضى السورية، الحليف الأكبر لروسيا فى المنطقة، فى الوقت الذى تنشط دورها فى الوساطة بين روسيا وأوكرانيا من خلال اتصالات مع قمة الدولتين، واستضافة اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية.
كل هذه الأحداث تؤكد على أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تطورات وتغيرات ستكون لها آثار مهمة على المصالح العربية، ومن ثم على العالم العربى كتكتل سياسى، نشهد كل ذلك وللأسف الشديد نجد العالم العربى غير متحمس أو غير قادر على الاجتماع على مستوى القمة، بل إن اجتماع القمة العربى أجل مرة أخرى إلى شهر نوفمبر (تشرين الثانى)، بدلا من أن تكثف المشاورات بغية تقييم ما تشهده من تطورات، حتى وإن لم يتوافر توافق حولها.
الأمور مازالت غير واضحة، وتحتاج لمزيد من الوقت، قبل الإقرار بأن هناك تحولات جوهرية ومستقرة، وإنما ليس من الخطأ الانتهاء إلى أن هناك عدم ارتياح شرق أوسطى للسياسات الأمريكية الأمنية، وأن البعض يريد تعويض الغطاء الأمنى الأمريكى أو دعمه بترتيبات أمنية إقليمية، وأعتقد أن الولايات المتحدة لا تمانع ذلك، كما يمكن استخلاصه من التصريحات الأخيرة لرئيس الأركان الأمريكى.
وهناك توجه عربى متزايد للتحاور والتشاور فى ما بين الدول العربية المتفقة فى الرأى حول قضايا بعينها، وهو شىء أشجعه، فيجب أن نتحاور وتناقش القضايا فى حموتها، وسعدت أن أرى عددا من الدول العربية تشارك فى أكثر من اجتماع وتجمع، وهو يعكس أنها تتحرك وتبادر، وإنما يجب التنويه بأن هذه المشاورات يجب أن تكون استراتيجية المنظور وبعيدة عن صفقات قصيرة الأجل، بخاصة مع دول غير عربية.
وأؤكد على ضرورة تنشيط المشاورات العربية الجامعة، ليخدم كل مسار على الآخر، فكيف يعيد تشكيل الشرق الأوسط أو نشهد بوادر نحو ذلك، ويظل عالمنا العربى منقسما غربا وشرقا، شمالا وجنوبا.
ولا أخفى انزعاجى من غياب الطرف والموضوع الفلسطينى عن الاجتماعات كافة، وهو أمر يتطلب مراجعة فلسطينية أولا، وإنما كذلك من قبل الأطراف العربية، فمهما احتدت وتفاقمت القضايا الأخرى مازال الحق الفلسطينى قائما ومشروعا، ويجب أن تظل القضية ضمن أولوياتنا كحق أصيل، فضلا عن أن أى توترات حولها لها انعكاسات فى مختلف أنحاء العالم العربى، وهو ما جعل وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن يطالب الإسرائيليين والفلسطينيين بضبط الأمور، وتجنب الإجراءات الاستفزازية فى الأسابيع المقبلة، التى تتزامن فيها الأعياد الإسلامية واليهودية، والمطلوب هنا تحرك فلسطينى عربى، بخاصة مع مصر والأردن والسعودية ومعها الجزائر رئيس القمة المقبلة.
...
نقلا عن إندبندنت عربية


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك