عقدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر، اليوم، احتفاليةً علميةً كبرى بالجامع الأزهر، بمناسبة ختم شرح كتاب «الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية» للإمام أحمد بن عجيبة الحسني، والذي تولى شرحه وإجازته الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
وحضر الاحتفال نخبةً من علماء الأزهر وطلابه من مصر ومختلف دول العالم، في مشهدٍ يعكس استمرارية المدرسة الأزهرية في خدمة السُّنة النبوية وإحياء تقاليد المجالس العلمية. وقدَّم الحفل الدكتور علي شمس الدين، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء.
وأكّد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن ختم شرح كتاب «الفتوحات الإلهية في شرح المباحث الأصلية» يُعد مناسبةً علميةً بالغةَ الأهمية، تُجسّد عناية الأزهر الشريف وشيخه الجليل بعلوم التراث.
وأشار إلى أن هذا الكتاب الذي نحتفي اليوم بختمه، وسط نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، إنما نحتفي من خلاله بعالِمٍ جليلٍ بذل الغالي والنفيس في رحاب الأزهر وجامعه، ونهل من علمه الأساتذةُ قبل الطلاب، وهو فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء.
وأضاف خلال كلمته أن الدكتور حسن الشافعي، الذي شرح نفيسةً من نفائس علم التصوف، قد بسَّط معانيها، وكشف عن مبهمها، وأوضح مشكلها؛ هو أحد أبرز كبار علماء الجامع الأزهر الذين نتعلم منهم كل يومٍ معنى الالتزام، والأدب، والجِد، والاجتهاد، حيث كانت محاضراته في الجامع الأزهر عنوانًا للانضباط والإخلاص والالتزام.
ولفت إلى أن الدكتور الشافعي يُعدّ قائدًا في المناقشات العلمية، دقيقًا في الفحص، محكمًا في إبداء الرأي، فضلًا عن كونه عالمًا لغويًا نَحْريرًا، تعلمنا منه أصول الكلمات ونطقها وفصاحتها، كما تعلمنا منه العقيدة وغيرها من العلوم الشرعية واللغوية.
من جانبه، أعرب الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء، عن سعادته بختم هذا الكتاب القيم، قائلًا: "نحن في الجامع الأزهر، الذي يستمدّ ازدهاره من بنت رسول الله ﷺ وأبيها، وقد كان هذا المكان الزاهر مثالًا لتكريم العلوم الشرعية وتوقيرها وتعظيمها، ومن ذلك هذا الكتاب الذي نُشرِف بتقديمه هذا اليوم، في كوكبة من علماء الأزهر وطلابه".
وقدَّم الإجازة لشرح الكتاب بجميع مروياته عن شيوخه، قائلًا: "أروي هذا الكتاب عن جماعةٍ من مشايخي، منهم شيخُنا العلّامة المُحدّث محمد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم التيجاني المالكي –رحمه الله– إجازةً، وهو يرويه عن المُسنِد المُعَمَّر العلّامة أبي الإسعاد محمد عبد الحي الكتاني، عن والده الإمام عبد الكبير بن محمد الكتاني، عن المفتي المُعَمَّر الناسك المرشد أبي محمد عبد القادر بن أحمد بن عجيبة النجري التطواني، عن الشيخ المبارك أبي الحسن علي اللغميش، عن مصنِّفه الإمام أبي العباس أحمد بن عجيبة –رحمه الله–".
من جهته، أكّد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن انعقاد هذا المجلس العلمي هو امتداد طبيعي لسُنَّةٍ علميةٍ أصيلةٍ درج عليها علماء الأزهر عبر العصور، حيث ظلّ الجامع الأزهر منارةً شامخةً للعلم والهدى لأكثر من ألف عام، ينشر المعرفة ويهدي الناس إلى سواء السبيل.
وأضاف أن هذه المجالس العلمية المباركة تُحيي إرثًا خالدًا من حلقات الدرس التي كانت تنعقد بين أروقة هذا الصرح العريق، ويعاهد الأزهرُ ربَّه أن تبقى هذه المجالس مستمرة، وأن يبلغ بها –بعون الله– الألف مجلسٍ وأكثر، وأن يكون له فيها نَفَسٌ لا ينقطع، خدمةً للعلم والدين والإنسان.
وأوضح داود أن الأزهر تميز عبر تاريخه بالعلوم التي ترتقي بالإنسان في روحه وسلوكه، وتزكي نفسه في عالمٍ غلبت فيه المادة على الروح، فجاء هذا الكتاب، موضوع المجلس، ليُعالِج هذه الإشكالية بعلمٍ وبصيرة.
وثمن جهود الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وحرصه الدائم على دعم المجالس العلمية في الجامع الأزهر، كما عبّر عن بالغ امتنانه للدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء، الذي شرَّف المجلس بعلمه وفكره، مشيرًا إلى أنه شخصية جمعت بين الأصالة والمعاصرة؛ فهو ثمرةٌ من ثمار الأزهر ودار العلوم، يجمع بين عشق العربية وبراعة الإنجليزية، ويجسّد الوطنية بروح إنسانية سامية.