أكد خبراء مشاركون في جلسة حوارية بعنوان "كيف نعد غرفة أخبار للمستقبل: مهارات وأدوار الجيل الجديد من الصحفيين"، ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى مصر للإعلام، ضرورة توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي والإعلامي مع الالتزام بوضع ضوابط وآليات تحكم عملها.
وقال الخبير المتخصص في صحافة البيانات، عمرو العراقي، إن الحديث غالبًا ما يبدو وكأن المشكلة لدى الشباب الصحفيين الذين يعملون بشكل فردي، إلا أن هؤلاء الشباب لديهم رغبة قوية في تطوير أنفسهم.
وأضاف: "لكن المشكلة تبدأ باحتكاك بعض الشباب الصحفيين بمؤسسات ذات خلفية كلاسيكية اعتيادية، فيصطدم الجيل المتطلع لإنجاز العديد من المهام والتطوير مستفيدًا من التكنولوجيا بالرؤية الرافضة للذكاء الاصطناعي تمامًا".
وأوضح العراقي أن تقييم الوضع ومخرجات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام ضروري، مشددًا على أنه "لا يمكن بأي حال انتزاع الإنسان من هذه المهنة، فالآلة لن تحل محل الصحفي، ومن الجيد توظيف هذه التقنيات في مراحل العمل الصحفي، لكن الاعتماد عليها في كل المهام ليس بالأمر الجيد".
وأضاف أن الصحفي يحتاج ما تقوم به الآلة من وظائف، ولا يمكن الحكم على إنتاج الأخبار والإعلام بالذكاء الاصطناعي بشكل كامل حاليًا، لأن التجربة غير مكتملة، ويجب تقييم الوقت والإنتاج ومدى جودة المحتوى ومعاييره، وشفافيته وعدم انحيازه.
ولفت العراقي إلى أهمية أن تهدف كافة المؤسسات الإعلامية للربح، سواء كانت حكومية أو خاصة، مشيرًا إلى أن "فور لابس" تمتلك مصفوفة لتقييم عمل المؤسسات الصحفية، تعتمد على قياس مدى التطور الرقمي. وبين أن المصفوفة تصنف المؤسسات لأربعة أنواع: الأولى، المؤسسات الصحفية المنقرضة، وهي التي شبه اختفت بالفعل؛ الثانية، المؤسسات النبيلة، التي تقدم محتوى هادفًا لكن معدلات قراءتها صغيرة وغير متطورة رقميًا، وتعتمد على التمويل فإذا توقف سينقرض؛ الثالثة، المؤسسات الهشة، التي تستخدم التقنيات بشكل كبير جدًا دون ضوابط أو معايير، ودون وجود سياسة تحريرية منضبطة؛ والرابعة، المؤسسات التي تجمع بين التطور التقني والتحريري والحوكمة.
وشدد العراقي على أن هناك صلة وثيقة بين التطور التقني والتحريري، مؤكدًا أن المطلوب هو الجمع بينهما وليس تحويل المؤسسات الصحفية إلى جهات تقنية فقط.
من جانبه، أكد أليكس ماهاديفان، مدير الميديا بمعهد بيونتر للصحافة، أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد بعض وسائل الإعلام على البقاء لفترة قصيرة، مشيرًا إلى أن العديد من العروض التلفزيونية تُنتج بالكامل بهذه الأدوات، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف: "أظن أن هناك فرصة للتحول إلى وسائل إعلام أكثر إبداعًا عبر هذه الأدوات، والتي يمكن تحويل النصوص التي تنتجها هذه الأدوات إلى فيديوهات للنشر عبر منصة تيك توك". وبيّن أن هذه الأدوات من خلال إنتاج محتويات إبداعية يمكن أن تصل إلى عدد كبير من الجمهور والمتابعين، لا سيما المؤسسات الصحفية القديمة.
بدورها، أكدت ليزا ما كلويد، مديرة خدمات عملاء الأخبار بمؤسسة Ft strategies، أن ما يتم إنتاجه عبر أدوات الذكاء الاصطناعي من صور وفيديوهات يعتمد على بيانات يتم إدخالها إلى هذه الأدوات. وأضافت: "هناك الكثير من الحالات الجديدة، خاصة فيما يتعلق باختراق البيانات الشخصية واستخدامها في توليد محتويات عبر أدوات الذكاء الاصطناعي".
وتابعت: "ستعرف مستقبلاً من المسؤول عن هذه الإمدادات من البيانات لتوليد محتويات قانونية، ويجب الحصول على إذن لاستخدام هذه البيانات حتى يكون الأمر قانونيًا، وكانت هناك مبادرة لحجب المواقع الإلكترونية التي تعتمد على بيانات الذكاء الاصطناعي بدون ترخيص".
وأكدت: "ما زلت أفكر في فكرة المؤسسات الصحفية وإمكانية تطور صحفييها لتقديم أخبار دقيقة بشكل كاف في ظل الانتشار الكبير لهذه الأدوات".
وانطلقت صباح اليوم فعاليات النسخة الثالثة لمنتدى مصر للإعلام تحت عنوان «2030.. من سيستمر؟»، والتي تستمر حتى الغد، بمشاركة أكثر من 2500 صحفي من مصر والمنطقة وأنحاء العالم. وتعد جريدة "الشروق" شريكًا إعلاميًا لهذه النسخة، إلى جانب عدد من الشركاء المصريين والإقليميين والدوليين البارزين.
وكشفت إدارة المنتدى عن أن نسخة هذا العام ستبحث مستقبل صناعة الإعلام في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة، التي أصبحت قوة تعيد صياغة مستقبل الصناعة، ما يحتم على وسائل الإعلام اتخاذ خطوات لمواكبة تلك التطورات لضمان استمرار عملها وفاعليتها.
وأوضحت أن نسخة هذا العام ستكون استثنائية على جميع الأصعدة، بمشاركة نخبة من أبرز صناع الإعلام في مصر والمنطقة والعالم، يطرحون رؤاهم وخبراتهم، ويبحثون آليات تطوير الإعلام على مستوى الفرد والمؤسسة، بحضور شخصيات محلية ودولية رفيعة المستوى.
ويذكر أن منتدى مصر للإعلام هو منتدى سنوي مستقل انطلق عام 2022 في القاهرة، ويعد منصة دولية للمعارف الإعلامية المتطورة وبناء القدرات والكفاءات، ويعمل على تطوير بيئة العمل الإعلامي في مصر والمنطقة.