الطيور المهاجرة في مصر.. موسم سنوي يلفت الأنظار وتلتقطه العدسة‬ - بوابة الشروق
الأربعاء 10 ديسمبر 2025 8:45 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

الطيور المهاجرة في مصر.. موسم سنوي يلفت الأنظار وتلتقطه العدسة‬

تصوير: أحمد سرور
تصوير: أحمد سرور
رنا عادل
نشر في: الإثنين 8 ديسمبر 2025 - 3:03 م | آخر تحديث: الإثنين 8 ديسمبر 2025 - 3:03 م

مع حلول موسم هجرة الطيور، تكتسب البحيرات والمناطق الطبيعية حيوية خاصة ويزداد اهتمام المصورين بملاحقة التفاصيل النادرة التي لا تتكرر كثيرا، فمشاهدة أسراب الطيور وخاصة طائر الفلامنجو في البحيرات المصرية لا تقتصر على كونها مشهدا بيئيا لافتا، بل تصبح فرصة نادرة لالتقاط لحظات تجمع بين الجمال وصعوبة الوصول.

ويروي مصور الطبيعة البرية أحمد سرور، لـ"الشروق"، أن هذا الموسم يمثل للمصورين تحديا مزدوجا، يتمثل في توثيق الطبيعة كما هي، ومحاولة الاقتراب من كائنات شديدة الحذر دون الإخلال بإيقاعها الطبيعي. ويستحضر تجربته في تصوير طائر الفلامنجو خلال يوم شديد الضباب، وهي تجربة جعلت عملية التصوير أكثر صعوبة بسبب ضعف الرؤية وصعوبة تقدير المسافات. ولم تقتصر التحديات على الطقس فقط بل شملت أيضا سلوك الطيور في محيط بحيرة قارون، حيث تتسم بالحذر الشديد نتيجة انتشار الصيد في المنطقة. ولتفادي إخافتها اضطر إلى الاقتراب زحفا من اتجاه غير معتاد وبهدوء شديد حتى يتمكن من التصوير. وبعد مراجعة اللقطات لاحظ تفاصيل لم ينتبه إليها أثناء التصوير، من بينها تشابه إحدى الصور مع الرسوم المصرية القديمة، ما أكد له أن الصورة الفوتوغرافية قد تكشف أبعادا إضافية للمنظر الطبيعي. ويضيف أن هذه اللحظة جعلته يشعر بالرضا عن المجهود الذي بذله.

متى يبدأ موسم هجرة الفلامنجو؟ وهل تختلف المواعيد من عام لآخر؟

وأضاف سرور أن الفلامنجو من الطيور المهاجرة التي تزور بحيرة قارون خلال فصل الشتاء، وأشار إلى أن بعض الأفراد قد تفضل الاستقرار لفترات أطول قبل مواصلة هجرتها، خصوصا إذا توافرت الظروف البيئية المناسبة، وقلة الإزعاج البشري مما يمنح المصورين فرصة نادرة لمتابعة الطيور لفترات أطول.

وقال أحمد منصور المرشد البيئي وخبير الطيور بالفيوم في تصريحاته لـ"الشروق"، إن طائر الفلامنجو يعد من الطيور الزائرة شتويا للبحيرات المالحة في مصر، موضحا أن أكبر تجمعاته تكون في محافظة الفيوم تحديدا في بحيرة قارون، إلى جانب تواجده في مناطق أخرى مثل سيوة والبحر الأحمروبورسعيد وأعداد قليلة في أسوان.

وأضاف أن الهجرة تبدأ عادة في شهر أغسطس بأعداد قليلة نسبيا، ثم تزداد بشكل ملحوظ من منتصف سبتمبر وحتى نهاية الموسم. وتابع أن جزءا من الفلامنجو يظل متواجدا في الفيوم طوال العام بينما تزداد أعداده من سبتمبر حتى نهاية مايو، ثم تعود بعض المجموعات إلى موطنها بينما تبقى مجموعات أخرى حتى بدء الموسم التالي.

تصوير: أحمد سرور

لماذا يختار الفلامنجو بحيرة قارون ووادي الريان كمحطات خلال الهجرة؟

ولفت إلى أن الفلامنجو يفضل البحيرات المالحة لأنها توفر له غذاءه الأساسي المتمثل في الطحالب والروبيان والقشريات وهي عناصر تتوافر في المياه المالحة أكثر من العذبة. وأشار إلى أنه رغم أن وادي الريان كان يشهد في الماضي تجمعات من الفلامنجو، فإن الطائر لم يعد يتواجد فيه حاليا وأصبحت بحيرة قارون هي موقعه الرئيسي في الفيوم خلال موسم الهجرة.

نوع واحد فقط من الفلامنجو يظهر في مصر

قال أحمد الششتاوي مصور الطيور والحياة البرية وصاحب أول معرض لصور الطيور في مصر، في حديثه لـ"الشروق"، إن النوع الذي يشاهد في مصر هو نوع واحد فقط من الفلامنجو، موضحا أن لونه الأساسي أبيض مائل للوردي نتيجة تغذيته على الطحالب والقشريات الفوسفورية.

وأضاف أن الطيور الصغيرة يكون لونها أبيض يميل للرمادي أو الأسود قبل أن يكتسب الريش الوردي تدريجيا، ولفت إلى أن موسم الهجرة يبدأ في سبتمبر ويستمر حتى نهاية مارس مع إمكانية اختلاف مواعيد الوصول والانصراف لفوارق بسيطة بين عام وآخر.


مصر واحدة من أهم مناطق عبور واستقرار الطيور

وأكد أن مصر تعد من أهم الدول لمسارات أنواع مختلفة ومميزة من الطيور حيث يحرص دائما على توثيق مواسم تواجدهم، موضحا أن تنوع البيئة المصرية يجعلها محطة رئيسية للطيور المقيمة والمهاجرة على حد سواء.

وأشار إلى أن السواحل الشمالية من الإسكندرية حتى مطروح وبورسعيد تعد مناطق غنية بالأنواع إضافة إلى سيناء بالكامل بما فيها شرم الشيخ وسانت كاترين والعريش.


ولفت إلى أن دلتا النيل ومحافظة الفيوم تستقبل أعدادا كبيرة من الطيور عبر العام، بينما تعد أسوان وبحيرة ناصر من أهم النقاط جنوب مصر، ويعد مسار الهجرة بمحاذاة البحر الأحمر من السويس والعين السخنة والجلالة ورأس غارب حتى الغردقة وسفاجا أحد المسارات الحيوية والأكثر كثافة للطيور المهاجرة.

تصوير: أحمد الششتاوي

تراجع أعداد بعض الطيور وظهور أنواع جديدة

وقال الششتاوي، إن السنوات الأخيرة شهدت انخفاضا كبيرا في أعداد أنواع متعددة من الطيور داخل مصر مرجعا ذلك إلى عدة عوامل أبرزها الصيد الجائر واختفاء الموائل الطبيعية مثل الأراضي الرطبة والمزارع بسبب الزحف العمراني والإنشاءات غير المخططة ونقص الغذاء. وفي المقابل، أشار إلى ظهور أنواع جديدة في مصر خصوصا في بحيرة ناصر، نتيجة قرار وزارة البيئة بمنع الصيد هناك ما سمح بعودة وتكاثر بعض الأنواع.

هل حدثت اختلافات في أعداد الطيور المهاجرة في مصر مؤخرا؟

أوضح أحمد منصور أن السنوات الأخيرة شهدت بالفعل اختلافات في أنماط وأعداد الطيور المهاجرة، مشيرا إلى أن بعض الأنواع قد تغير مسارها بالكامل بحيث تمر على مصر بالصدفة، وهو ما يعرف بـ الطيور الضالة التي تنفصل عن مسارها الطبيعي.

وذكر أنه رصد بنفسه أنواعا نادرة لم تكن تمر بمصر سابقا، مثل بجع التاندرا (Tundra Swan) والذي تم تسجيل ظهوره مرة واحدة في إفريقيا وكان أحدث تسجيل باسمه العام الماضي.

وتابع أن المناخ يلعب دورا حاسما في هذه التغيرات ويجعل بعض الطيور تسلك طرقاغير تقليدية تمر أحيانا عبر مصر، وأشار إلى أن التغيرات المناخية في شمال أوروبا وآسيا، فضلا عن تأثيرات الحروب وتضرر بعض البيئات الطبيعية تتسبب أحيانا في اختلاف توقيتات الهجرة وأعداد الطيور من سنة إلى أخرى.

وأشار إلى أن هناك بالفعل جهودا منظمة لرصد الطيور المهاجرة في مصر، أبرزها الجمعية المصرية لحماية الطبيعة التي تنفذ مسوحات دورية مرتين أو ثلاث سنويا خلال الشتاء والربيع.

تصوير: أحمد الششتاوي

الإقبال العالمي على سياحة رصد الطيور

وأردف أحمد منصور، أن وجود إقبال عالمي متزايد على سياحة رصد الطيور في الفيوم، خصوصًا من زوار من إنجلترا وأمريكا وكندا وفرنسا وإسبانيا وهولندا والمكسيك. وقال إن أغلب هؤلاء الزوار محترفون يأتون خصيصا لرصد أنواع محددة ويعملون وفق قوائم دقيقة.

وأكد أن الفلامنجو يلعب دورا كبيرا في جذب السائحين، خاصة أن بعض الدول الأوروبية لا يتوافر فيها هذا الطائر مما يجعله عنصر جذب قوي.


وأضاف أن تنشيط السياحة البيئية يعتمد بشكل كبير على جهود المرشد نفسه عبر تقديم تجربة جيدة للزوار، إلى جانب الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتعاون المرشدين مع شركات السياحة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك