تحل اليوم الذكرى الثالثة على استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي اغتالها قناص إسرائيلي أثناء تغطيتها اقتحام مخيم جنين في 11 مايو 2022، دون أن تتم محاسبة أي من المتورطين في الجريمة حتى الآن.
وفي الوقت الذي لم تجف فيه دماء شيرين تتصاعد الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين، خاصة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
*جريمة موثقة.. بلا عدالة
وكانت "أبو عاقلة"، المراسلة البارزة لقناة الجزيرة، ترتدي الزي الصحفي الكامل عند استهدافها، فيما توصلت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة الفلسطينية إلى أن استشهادها تم عبر استهداف مباشر من قبل أحد جنود الاحتلال، باستخدام رصاصة خارقة للدروع من عيار 5.56، أطلقت من مسافة تقدر بـ170 إلى 180 مترًا.
كما أن التحقيقات التي أجرتها بعض المؤسسات الدولية، مثل "سي إن إن" و"نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" ووكالة "أسوشيتد برس" ومنظمة "بيلنجكات"، دعمت الرواية الفلسطينية وأكدت أن استهداف شيرين وزملائها كان بقصد القتل.
وفي سبتمبر 2022 رفعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين، ملف اغتيال شيرين إلى المحكمة الجنائية الدولية، بجانب قضيتي الصحفيين أحمد أبو حسين وياسر مرتجى، لكن رغم إحالة الملف إلى وحدة المعلومات بالمحكمة في ديسمبر من نفس العام، لم يفتح أي تحقيق رسمي حتى الآن في القضية.
*تصعيد غير مسبوق في استهداف الصحفيين
من جانبه أفاد أجيث سونجاي ممثل مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، في تصريح لأخبار الأمم المتحدة، بأن المكتب سجل ارتفاعا هائلا في الانتهاكات بحق الصحفيين منذ بدء العدوان.
وأشار إلى تلقي تقارير عن اعتداءات جسدية ونفسية بحق الصحفيين المعتقلين، بينها حالات ضرب وإذلال، بجانب عنف جنسي وتهديدات مقلقة طالت الصحفيين من الجنسين، وأدان ما يحدث للصحفيين من قتل وتعذيب متعمد واصفا إياه بأنه جريمة حرب، بحسب وصفه.
ووفقا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، استشهد حتى الآن 212 صحفيًا وصحفية من بينهم 27 امرأة، كما دمرت العديد من مقار المؤسسات الإعلامية بشكل كامل.
ويذكر أنه كان من بين آخر الضحايا الزميلان الشهيدان يحيى صبيح، الذي قتل جراء قصف مباشر استهدف مطعم التايلندي غرب مدينة غزة بعد ساعات فقط من ولادة طفلته الأولى، والصحفي نور الدين عبدو الذي استشهد أثناء تغطيته للأحداث في مدرسة الكرامة بحي التفاح شرقي غزة، محملة الاحتلال المسئولية الكاملة عن هذه الانتهاكات التي تخالف القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
ووثقت النقابة، إصابة 178 صحفيا بجروح خطيرة، بعضها أدى إلى بتر أطراف، واستشهاد 665 من أقارب الصحفيين نتيجة استهداف منازلهم، كما سجلت نحو 180 حالة اعتقال لصحفيين، لا يزال 50 منهم قيد الاحتجاز، بينهم 20 معتقلا إداريا، وستة آخرون معتقلون منذ ما قبل بداية العدوان.
*حرب على الحقيقة
تشير المعطيات إلى أن استهداف الصحفيين يتم في سياق منهجي يسعى إلى إسكات الأصوات وكتم الشهادات، في محاولة لطمس ما يجري على الأرض من انتهاكات وجرائم بحق المدنيين، ومع استمرار هذه الانتهاكات.
فيما تتعالى المطالب بضرورة حماية الصحفيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحقهم، خاصة أولئك المتورطين في اغتيال شيرين أبو عاقلة، التي أصبحت أيقونة للصحافة الفلسطينية الحرة.
ورغم الإدانات الواسعة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، لا تزال دولة الاحتلال ترفض تحمل المسئولية، وسط صمت رسمي من الجهات الدولية المعنية، ما يطرح تساؤلات جدية حول فعالية آليات العدالة الدولية، ومدى التزامها بحماية حرية الصحافة في مناطق النزاع.