مازال جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن عمليته العسكرية، التي تحمل اسم "السيوف الحديدية"، ضد الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة، لليوم السادس على التوالي، وتزامنا مع فرض الحصار الكامل على القطاع، ليخلف وراءه آلاف الجرحى والشهداء من الفلسطينيين العزل.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الخميس، عن ارتفاع عدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي وغاراته على قطاع غزة إلى أكثر من 1300 شهيد وإصابة ما يزيد عن 5800، بالإضافة إلى استشهاد 30 شهيدا وإصابة 200 في الضفة الغربية.
وما ساهم في إزدياد الوضع بشاعة وسوءا هو قرار إسرائيل بفرض "حصار كامل" على القطاع، ليشمل حظر دخول "المياه، والغذاء، والكهرباء، والغاز، والوقود"، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت: "نفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز.. كل شيء مغلق".
ومع ذلك، فحصار قطاع غزة ليس بجديد، فالاحتلال الإسرائيلي يفرض منذ ما يقارب 18 عاما حصارا على القطاع، حيث يعيش فيه 2.4 مليون نسمة، مع السماح بدخول السلع الغذائية والأساسية فقط عبر إسرائيل.
ووفقا لتقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف بسويسرا، بدأت إسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير عـام 2006، ثم شددته بعد سيطرة الحركة عسكريًا على القطاع في يونيو2007، إذ أعلنت قطاع غزة "كيانًا معاديًا"، وفرضت عقوبات إضافية مسّت على نحو مباشر بالحقوق الأساسية للسكان، ليشمل فرض قيود مشددة على دخول الوقود والبضائع وحركة الأفراد من وإلى القطاع.
وعلى مر السنين، عملت السـلطات الإسرائيلية على ترسيخ سياسة عـزل قطاع غزة، حيث فصلته عـن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلى جانب التحكم في كمية ونوعية البضائع والمواد التي تدخل إلى قطاع غزة وحظر المئات منها، ما تسبب بركود اقتصادي شامل في القطاع، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة.
علاوة على ذلك، أثّر الحصار الإسرائيلي على نحو خاص على القطاع الصحي في غزة، إذ لا تتوفر كثير من الأصناف واللوازم الطبية الأساسية، ويضطر كثير من المرضى للانتظار لأشهر لإجراء العمليات الجراحية.
وخلال سنوات الحصار، شنّت إسرائيل 4 هجمات عسكرية مدمّرة على القطاع، أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين وتدمير عشرات آلاف المنازل والمنشآت المدنية، وأحدثت دمارًا واسعًا في مرافق البنى التحتية.
وبموجب القانون الدولي، ما يزال قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي بالرغم من الانسحاب أحادي الجانب من القطاع عام 2005، إذ احتفظت إسرائيل بالسيطرة الكاملة على منافذ القطاع البرية والبحرية والجوية.
وبالمثل، فإسرائيل تسيطر على السجل السكاني في غزة، وشبكات الاتصالات، والعديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية والبنية التحتية.
وبدلاً من القيام بواجبها في حماية السكان المدنيين، فرضت إسرائيل على السكان في قطاع غزة شكلًا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وفق ما رصده تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ورصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تدهور الوضع الإنساني وتردي الخدمات الأساسية في قطاع غزة، قبيل الحرب الحالية والحصار الشامل، فقال إن عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في اليوم الواحد يقرب من 12-16 ساعة، فيما يتاح 1.4 أسرّة في المستشفيات لكل 1000 شخص، مقارنة بـ3 في عام 2005 قبل فرض الحصار.
ورصد التقرير الصادر عن المرصد الأورومتوسطي، أن 5 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، في حين نسبة العجز في الأرصدة الدوائية إلى 40% مقارنة بـ16% فقط لعام 2005، ونسبة العجز في المستهلكات الطبية 32%، ونسبة العجز في لوازم المختبرات وبنوك الدم إلى 60%، ونسبة تراجع خدمات الرعاية الصحية إلى 66%.