في الأهرامات.. مصر تكتب صفحة مجيدة في «تاريخ الساحرة المستديرة» - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:56 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في الأهرامات.. مصر تكتب صفحة مجيدة في «تاريخ الساحرة المستديرة»

القاهرة - أ ش أ
نشر في: السبت 13 أبريل 2019 - 10:51 ص | آخر تحديث: السبت 13 أبريل 2019 - 10:51 ص

عندما اتجهت انظار العالم لأهرامات الجيزة، مساء أمس الجمعة، لمشاهدة وقائع احتفالية سحب قرعة بطولة الأمم الإفريقية، فإن مصر بدأت في كتابة "صفحة جديدة ومجيدة في تاريخ الساحرة المستديرة والعلاقة الحميمة بين كرة القدم والثقافة والتاريخ والسياحة الرياضية".

وبحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وعدد من كبار المسؤولين، شهدت منطقة الأهرامات قرعة بطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم لعام 2019 استعدادا لمباريات البطولة التي تبدأ في شهر يونيو القادم؛ لتشهد الملاعب المصرية فصلا جديدا في "كتاب الساحرة المستديرة الإفريقية الحافلة بالبهجة".

وبطولة الأمم الإفريقية التي يشارك 24 منتخبا كرويا إفريقيا في نسختها الـ32 على أرض مصر باتت واحدة من أهم البطولات الكروية في العالم، خاصة مع وجود الكثير من النجوم الأفارقة في فرق أندية أوروبية شهيرة.

وبقدر ما أضفت الفقرات الفنية المتنوعة أجواء من البهجة أثناء احتفالية القرعة للبطولة الإفريقية عند أبو الهول والأهرامات التي تعد واحدة من أبرز عجائب الدنيا السبع، فإن رمزية المكان التاريخي الخالد تؤشر بوضوح لأهمية الحضور الثقافي الجذاب أثناء استضافة مصر لمباريات البطولة الكروية الكبيرة.

ولم تغب هذه الحقيقة عن أذهان مثقفين مصريين يؤكدون أن بطولة الأمم الإفريقية التي تشارك فيها نحو نصف منتخبات دول القارة فرصة لتفاعل ثقافي واسع النطاق بين مصر والأشقاء الأفارقة، فيما كان من حسن الطالع أن يتزامن هذا الحدث الرياضي الكبير مع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي.

وهكذا يقول الباحث والكاتب في جريدة الأهرام الدكتور وحيد عبدالمجيد: "يتيح وجود هذا العدد الكبير من منتخبات الدول الإفريقية في مصر فرصة لتفاعل واسع النطاق لا ينبغي أن يقتصر على اللعبة التي جاءت هذه المنتخبات للتنافس فيها"، لافتا إلى أن الرياضة جزء من ثقافة المجتمعات وليست مجرد ألعاب يتبارى فيها لاعبون ويسعون إلى الفوز.

وفيما يؤكد عبدالمجيد أن هذه البطولة الكروية الإفريقية "فرصة لتفاعل ثقافي" لتعزيز الأواصر بين الأفارقة، فقد أشار مثل غيره من مثقفين تعرضوا لهذا الموضوع من قبل إلى أن لوزارة الثقافة دورها في تحقيق هذا التفاعل "عبر أنشطة متنوعة" تنظمها بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة والمنظمات الثقافية.

ومع وضع الدولة المصرية لكل إمكاناتها من أجل إنجاح النسخة الجديدة من بطولة الأمم الإفريقية، فإن كل عشاق اللعبة الأكثر شعبية في العالم على موعد مع حالة مبهجة من الزخم الرياضي والثقافي والفني على أرض مصر في وقت تؤكد فيه كتب جديدة حول "الساحرة المستديرة" أن الجماهير تشكل بهجة اللعبة بقدر ما تبتهج بلعبتها المفضلة.

وفي كتاب جديد صدر بالإنجليزية بعنوان: "الصوت والمجد" ويتناول فيه المؤلف مات بينتز مسيرة فريق نادي سياتل ساوندرز الأمريكي للفوز ببطولة الكأس 3 مرات في أعوام 2009 و2010 و2011 فإن المؤلف بدا حريصا على تأكيد أن فريق هذا النادي الأمريكي الحديث النشأة بالمقارنة مع أندية عريقة وراسخة في مصر وإفريقيا كالأهلي يشعر بحق بأن مجده الحقيقي يتجلى في قاعدته الجماهيرية الأكبر من جماهير أي فريق آخر لكرة القدم في الولايات المتحدة.

فالقاعدة الجماهيرية تمنح إحساسا رائعا كما يقول مؤلف الكتاب الجديد المغرم بالأرقام والإحصاءات التي تؤكد أنه اعتبارا من عام 2016 بات فريق سياتل ساوندرز يحظى بمشجعين يتجاوز عددهم جماهير المشجعين لأي فريق آخر في الدوري الأمريكي للمحترفين، في حين يلفت مثقف مصري مثل الدكتور وحيد عبدالمجيد إلى أن البطولة الكروية الإفريقية التي تستضيفها مصر هي أول بطولة يشارك فيها 24 منتخبا إفريقيا بعد أن كان العدد من قبل 16 منتخبا فقط.

وكما يقول وحيد عبدالمجيد، فإن ذلك يعني وجود مشجعين يمثلون أكثر من نصف الأفارقة، مؤكدا أنه يمكن استثمار حضور مشجعي هذه المنتخبات الإفريقية لتحقيق تفاعل ثقافي تشتد الحاجة إليه.

وحضور أساطير كروية إفريقية مثل يايا توريه وديديه دروجبا والحاج ضيوف ومصطفى حجي وطارق دياب مراسم سحب قرعة بطولة الأمم الإفريقية مساء أمس في سفح الأهرامات استعدادا لمباريات البطولة التي تقام اعتبارا من 21 يونيو القادم وحتى 19 يوليو القادم، يأتي في وقت يتصاعد فيه الاهتمام بعناوين السياحة الثقافية-الرياضية في العالم ككل.

وكان النجم الايفواري يايا توريه قد أعرب في تدوينة على "موقع تويتر للتواصل الاجتماعي" عن شعوره بالسعادة والفخر بوجوده في مصر لحضور هذا الحدث المهم، داعيا متابعيه لمشاهدة مراسم قرعة كأس الأمم الإفريقية التي أجريت مساء أمس.

وفيما قال الدكتور وحيد عبدالمجيد إن "مصر يمكن أن تقدم نموذجا في إضفاء بعد ثقافي على هذه المناسبة الرياضية عن طريق تنظيم ندوات وعروض سينمائية ومسرحية وأمسيات شعرية ومعارض بمشاركة مثقفين وفرق فنية من بعض البلدان التي تتنافس منتخباتها في البطولة وغيرها أيضا"، فقد أوضح أن الهدف هو "تحقيق تفاعل واسع النطاق على مستوى القارة".

وفي سياق تناوله لهذا الحدث الإفريقي الكبير، شدد الكاتب والناقد الرياضي حسن المستكاوي على ضرورة أن "يشعر ضيوفنا بالسعادة والبهجة.. وهي مسؤولية كل المصريين"، مضيفا: "وسوف تفتح مصر ذراعيها لشباب وجماهير ونجوم القارة".

وقال المستكاوي إن "الرياضة قوة ناعمة مذهلة ليس لها مثيل في تأثيرها"، مؤكدا أن "كل الأيدي المصرية سوف تلتف حول هدف واحد وهو إنجاح البطولة، فتتحول المدن التي تستضيف مباريات المجموعات الست إلى حالة شعبية احتفالية فيها المثير من البهجة والمتعة"، داعيا للاستفادة من "الشباب المبدع والمبتكر وصاحب الأفكار الجديدة".

وإلى جانب رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" أحمد أحمد، شهد المراسم الاحتفالية لقرعة كأس الأمم الفريقية عدد من كبار المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" والاتحادات الكروية في أوروبا وآسيا والأمريكتين، فيما تتوزع مباريات البطولة الإفريقية المرتقبة على ملاعب في القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية.

ومن نافلة القول إن أنظار عشاق الساحرة المستديرة في كل مكان حول العالم ستتجه لتلك المدن المصرية التي تحتضن مباريات البطولة الـ32 لأمم إفريقيا فيما توصف هذه اللعبة الجميلة بأنها "لعبة معانقة المجد".

والمنتخبات الكروية تقدم للعالم أجمل التعبيرات عن أوطانها على المستطيل الأخضر وهذا أحد معاني "القوة الناعمة لكرة القدم" كما يطرحها الكاتب الرياضي الإنجليزي بارني روناي، بينما يتحدث مات بينتز في كتابه الجديد "الصوت والمجد" عن فريق سياتل ساوندز الذي لابد وأنه دخل في "حسابات القوة الناعمة الأمريكية" وهو يتجه لمنافسة من حيث عدد مشجعيه مع فرق كروية أوروبية لها شأنها مثل تشيلسي الإنجليزي وإيه سي ميلان الإيطالي.

ومع أن بينتز يبدو مبهورا بالقاعدة الجماهيرية لمشجعي سياتل ساوندرز فهو يسلم بأن هذا الفريق الذي يريد أن يكون صوت المجد الأمريكي في اللعبة الأكثر شعبية في العالم والتي تحظى في العقود الأخيرة باهتمام متصاعد في الولايات المتحدة عليه أن يبذل الكثير من الجهد لتحقيق أرقام قياسية في المسابقات المحلية والقارية.

وإذا كان مات بينتز لم يجانب الصواب عندما قال في كتابه "الصوت والمجد" أن إتساع قاعدة جماهير المشجعين المخلصين لفريق ما امتياز من امتيازات الفوز والنجاح لهذا الفريق فإن الجماهير المصرية عرفت دوما بتشجيعها للعبة الجميلة وحرصها على إنجاح البطولات القارية التي تقام على أرض مصر.

والبطولة الجديدة لكاس الأمم الإفريقية على أرض مصر تأتي في وقت يشهد اهتماما ثقافيا بالعلاقة بين الرياضة عموما وكرة القدم على وجه الخصوص والسياحة وتصدر حول هذا الموضوع كتب متعددة ومتنوعة كل عام من أحدثها هذا الكتاب الذي صدر بعنوان: "دليل السائحين الرياضيين للدوري الإنجليزي الممتاز، 2018-2019"، ومن الواضح أنه يدخل بامتياز في مجال "السياحة الرياضية" بقدر ما يدل عنوانه على أن "البريمير ليج" يشكل محور هذا النوع من السياحة في بريطانيا.

وفي هذا الدليل السياحي الكروي السنوي الذي اشترك في إعداده بلير مورس وبريان بوردن وفرانكلين كانتربري، إشارات واضحة بأن الدوري الإنجليزي الممتاز تحول بقوة منافساته ومتعة مبارياته إلى "شأن كروي عالمي"، فيما أضحى عشاق للساحرة المستديرة حول العالم يحرصون على قضاء إجازاتهم السنوية في بريطانيا ليس لشيء إلا لمشاهدة مباريات البريمير ليج!.

ومن هنا تظهر إصدارات مثل هذا الدليل السياحي الكروي الذي يخاطب السائحين الأجانب لمساعدتهم وإرشادهم في رحلاتهم السياحية الكروية لإنجلترا، وبالمناسبة فإن ثمة إشارات واضحة أيضا في هذا الدليل تفيد بأن الكثير من الرحلات الجوية للسياحة الكروية تقلع من الولايات المتحدة لتؤكد مرة أخرى على أن الساحرة المستديرة نجحت في غزو قلوب الأمريكيين بعد تمنع طويل!.

ومع حرص على تفاصيل مثل أسهل الطرق لشراء تذاكر مباريات الفرق العشرين المتنافسة في "البريميرليج" تتردد في هذا الدليل السياحي الكروي أسماء فرق في الدوري الإنجليزي الممتاز مثل مانشستر سيتي وليفربول ومانشستر يونايتد وتشيلسي وأرسنال وتوتنهام وفولهام وكارديف سيتي وولفر هامبتون.

ولعل مثل هذا الكتاب يوميء للحاجة لإصدار كتب مصرية وعربية تتناول هذا الموضوع من المنظور المصري والعربي والإفريقي، فيما يقول رياضي غربي هو اللاعب والمدرب البريطاني كيفن كيجان في كتابه الجديد الذي صدر في مطلع العام الحالي: "حياتي في كرة القدم" إن كرة القدم في جوهرها كلعبة جميلة وتحظى بشعبية هائلة لابد وأن تكون من العوامل المهمة في "صنع البيئة الإيجابية" سواء على مستوى المجتمع الواحد أو العالم ككل.

وكرة القدم تعني في المقام الأول "البهجة" في منظور بعض المثقفين في الغرب ودون مشجعين تفتقر كرة القدم للكثير من أسباب البهجة كما يشير الكاتب ويل هوتون وهو أصلا كاتب متخصص في قضايا الاقتصاد، فيما يرى أن تشجيع فريق لكرة القدم هو جزء من فكرة: "نحن" أي "الهوية الجمعية الراسخة في المكان والتاريخ والثقافة".

وفى كينيا لا يخفى مثقف إفريقي لامع وكاتب من أصحاب الأقلام المبدعة هو "اودور اونجوين" ولعه بكرة القدم رغم أنه تخصص في الاقتصاد ويعد من الخبراء الذين يشار لهم بالبنان في هذا المجال فيما يطرح رؤى غير تقليدية.

ومن طرائف كتاباته أنه اعترف بأنه يتعرض في البطولات الكروية الكبرى لحالة من التمزق بين قلبه وعقله أو بين ميوله الرياضية وشغفه "بالساحرة المستديرة" وبين تخصصه في الاقتصاد حيث يتفرغ لمتابعة مباريات المنتخبات الإفريقية في البطولات الكبرى وعلى رأسها المونديال.

والذاكرة الثقافية المصرية لن تنسى تآملات كروية للكاتب والأديب الراحل إبراهيم أصلان توميء للعلاقة بين الأدب والساحرة المستديرة بقدر ماتكشف عن عشق هذا الراحل العظيم للعبة الجميلة وهو الذي كتب من قبل عن أهمية "الإيقاع الصحيح على المستطيل الأخضر وخارجه"، وقال إن "الإيقاع الصحيح هو ملمح الشخصية المتكاملة على مستوى الأفراد والفرق والمجتمع كله".

وصاحب "مالك الحزين" و"بحيرة المساء" و"عصافير النيل" و"خلوة الغلبان" الذي قضى في 7 يناير عام 2012 هو الذي قال في سياق تآملاته الكروية وتناوله لأوضاع منتخب الفراعنة منذ أكثر من 8 أعوام أن "المرء يعرف بإيقاعه حتى ليمكن القول أنك إن لم تمتلك ايقاعك الشخصي فأنت لا تمتلك شيئا".

وكرة القدم أو "الساحرة المستديرة" كما رأى إبراهيم أصلان وغيره من الكتاب والمبدعين سواء في مصر أو العالم ككل توحد بين الناس وهو رأي تبناه كتاب كبار من سادة الإبداع وفي مقدمتهم أديب نوبل نجيب محفوظ.

وها هي مصر تكتب صفحة جديدة ومجيدة في تاريخ الساحرة المستديرة والثقافة مع النسخة الـ32 لبطولة الأمم الإفريقية.. هاهي تبدأ عرسها الكروي الإفريقي البهيج وترحب بكل عشاق الساحرة المستديرة في كل مكان بهذا العالم العاشق للعبة الجميلة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك