- نبحث استراتيجية عمل مشترك مع قصور الثقافة للتواجد على الأرض في الأقاليم.
- سنأخذ بزمام المبادرة للمشاركة في المشروعات القومية كجهة استشارية للجمال والذوق العام
- نحن بصدد مراجعة شاملة لمعايير إقامة الأنشطة الفنية والثقافية داخل المواقع التابعة لنا
يسعى قطاع الفنون التشكيلية لاستعادة موقعه، كأحد أجهزة الدولة الفاعلة في الدفاع عن الذوق العام، حيث يتطلع رئيسه الجديد الدكتور وليد قانوش للأخذ بزمام المبادرة والمساهمة في المشروعات القومية كجهة استشارية للتجميل، والتواجد في إقاليم مصر بشكل فعال عبر شراكات مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وتغيير مفهوم دور القطاع من تقديم دعم لوجيستي للفنانين التشكليين إلى تقديم خدمة ثقافية لكل المصريين.
وبينما تجرى أعمال تطوير وتجديد بنيته الأساسية، والتي شهد خلال الأيام القليلة الماضية دفع باتجاه إنهاء مشروعات معطلة منذ سنوات طويلة، يجرى العمل على استعادة دور مصر الريادي في الفن التشكيلي، من خلال إقامة المعارض الدولية والبيناليات والمشاركة في تظاهرات الفنون التشكيلية الدولية.
ويكشف وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، لنا في حوار لـ«الشروق» عن تطلعاته لمستقبل قطاع الفنون، وكيف سيتعامل مع عشرات المشاكل المزمنة، ورؤيته لحل معادلة تقديم خدمة ثقافية مميزة لكل المصريين في ظل قلة الإمكانيات المتاحة بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم.
*الفنون التشكيلية والدولة
وفي البداية يحدثنا قانوش عن دور قطاع الفنون التشكيلية كأحد مؤسسات الدولة، ويقول: "دور القطاع ظل لسنوات طويلة منصب على تقديم خدمة ودعم للفنانين التشكيليين، وفي رؤيتي فإن دوره يجب أن يتخطى ذلك باعتباره قطاع يخدم الدولة المصرية بأكملها"، مضيفا: "مشكلة قطاع الفنون التشكيلية أنه بلا أزرع حقيقية على الأرض ليقوم بهذا الدور المنوط به، فالقطاع يملك عددا من المواقع في محيط القاهرة الكبرى وموقعين في الإسكندرية وموقع واحد في كل من بورسعيد، والمنصورة وقنا والمنوفية".

• وكيف يمكنك أن تجعل لنشاط "الفنون التشكيلية" تواجدا في الأقاليم؟
التقيت بالفنان هشام عطوة رئيس هيئة قصور الثقافة، وطرحت فكرة أن يكون للقطاع دورا في الأنشطة الخاصة بالفنون التشكيلية من ورش ومعارض في المواقع التابعة للهيئة، ورحب عطوة بالفكرة، ونحن الآن في سبيل الاتفاق على بروتوكول للتعاون مع الهيئة التي تملك قاعات عرض في كل ربوع مصر، وبهذا التعاون يمكننا تقديم خدمة لأكبر شريحة ممكنة من المجتمع المصري وهذا دورنا كجهاز دولة.
• وكيف يمكن أن يكون لقطاع الفنون التشكيلية دورا فيما يخص التجميل بمشروعات الدولة الكبرى؟
يوجه اللوم دائما لقطاع الفنون التشكيلية عندما حدوث أي أزمة تتعلق بتمثال ميداني أو جدارية بموقع ما، وتبدأ التساؤلات حول دوره كجهة استشارية لأجهزة الدولة، والحقيقة أن القطاع مدان وغير مدان في نفس الوقت، فهو غير مدان لأنه لم يتم إشراكه في القرار من قِبل المؤسسات فيما يتعلق بأسس التجميل وضوابط الذوق العام، وفي نفس الوقت مدان لأنه لم يبادر بعرض خدماته.
أما عن الفترة المقبلة سنتبع سياسة الأخذ بزمام المبادرة، ومخاطبة الجهات المختلفة في الأمور التي تخص تجميل الميادين والشوارع والمرافق العامة، وعقد شراكات مع تلك الجهات بما يمكننا من تقديم المشورة.
• وماذا عن استعادة القطاع لموقعه على خريطة المعارض الدولية؟
نعمل حالياً على استعادة بينالي الإسكندرية باعتباره النشاط الدولي الأقدم على أجندة قطاع الفنون التشكيلية، ومن المنتظر إقامة دورته الجديدة خلال العام الجاري، وفي العام المقبل سيقام بينالي القاهرة الدولي في موعده المقرر، وذلك بعد أن استعادت الوزارة في الفترة الأخيرة جميع أنشطتها على كل المستويات، ونعمل أيضاً على إعادة ترينالي الحفر وترينالي الخزف للحياة تباعًا، خاصة وأن الدولة ترغب في استعادة هذه الأنشطة، وهو ما بدى واضحا مع بينالي القاهرة، والذي توصلت وزارة الثقافة لتخصيص ميزانيات مناسبة له من وزارتي التخطيط والمالية.

• وكيف نحفاظ على المستوى الفني لتلك الأنشطة الدولية في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم؟
أزمة المعارض الدولية تكمن في السياسة المتبعة في دعوات الفنانين الأجانب للمشاركة، حيث كانت تتم من خلال 3 محاور، المحور الأول توجه الدعوة للدول للمشاركة بشكل رسمي عبر قطاع العلاقات الثقافية الخارجية، وذلك للاستفادة من اتفاقيات التبادل الثقافي، أيضا كان يدعوا القطاع الفنانين العالميين بشكل مباشر لضمان المستوى الفني للأعمال المعروضة، إضافة إلى ما يخص بتقدم الفنانين بطلبات للمشاركة في البينالي، ولكل من هذه الاتجاهات طريقة للتعامل معها فيما يخص تحمل النفقات.
ونظرا لأن الميزانيات أصبحت محدودة، فإن تحمل نفقات استضافة الفنانين والأعمال المشاركة بالكامل لم يعد أمراً متاحاً، فيمكننا أن ندعو الدول لترشيح أكثر من فنان أو أكثر من مشروع فني يمثلهم في البينالي، وتختار اللجان المختصة العمل المناسب الذي يضمن مستوى مقبول لبرنامج العرض، كذلك يمكن الاتفاق مع الفنانين المدعوين على أن يتحملوا نفقات شحن أعمالهم وتذاكر السفر، وفي المقابل يتحمل القطاع نفقات الإقامة، وهذا معمول به في كثير من الأنشطة الدولية حول العالم.
**مقتنيات الدولة
• وجود أعمال كبار الفنانين المصريين في متاحف خارجية يثير الشكوك حول مقتنيات متاحفنا الفنية.. فما تعليقك على هذا؟
لم نتلقى ما يفيد بوجود أعمال مفقودة من مقتنيات متاحفنا، ووجود أعمال لفنانين مصريين في متاحف خارج البلاد لا يعني أنها مسروقة، فهناك أعمال خرجت بعلم الفنانين أنفسهم أو الورثة، والقطاع يراجع سجلات مقتنياته بشكل مستمر، وهناك أعمال معارة لمؤسسات الدولة يتم مراجعتها من خلال لجان فنية تقوم بمعاينة الأعمال والتأكد من وجودها بحالة جيدة، ومعروضة في أماكن مناسبة، وفي حالة وجود خلل في شروط الإعارة يتم استرداد الأعمال فورا، أما إذا تعرض تلك الأعمال للتلف أو الضياع يتم اتخاذ الإجراءات القانونية وتحميل الجهة الحائزة للأعمال المسئولية كاملة، وسحب ما في حيازتها من أعمال أخرى.
وأود الإشارة إلى إنجاز هام، حيث تم تشكيل لجان فنية على أعلى مستوى من المتخصصين والأكاديميين لتوثيق وتسجيل مقتنيات الدولة، وكذلك إعادة تسعيرها وفق القيمة الحقيقية لها وسعر السوق الحالي في بورصة الفنون التشكيلية.
• وكيف تتعاملون مع الأعمال الموجودة في سفارات مصر بالخارج؟
معظم الأعمال المعروضة في السفارات المصرية خرجت قبل عام 1994، ومن بعد هذا التاريخ أصبح هناك تدقيق في خروج الأعمال الفنية، ولكن إدارة القطاع تتابع هذه الأعمال عبر تقارير من وزارة الخارجية، تبين حالتها، وصور حديثة لها، وأماكن عرضها، وبناءً عليها يتم تجديد الإعارة، وفي النهاية هي في أمان لأنها في حيازة الدولة المصرية، فالسفارات هي أرض مصرية وفق الأعراف والقوانين المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.

**وحدات منتجة
• هناك توجه لوزارة الثقافة نحو تحويل المراكز الثقافية التابعة لها إلى وحدات منتجة.. فهل يمكن تحقيق هذه السياسة بقطاع الفنون التشكيلية؟
أعمل منذ أن صدر قرار وزيرة الثقافة بتكليفي بمهام رئيس قطاع الفنون التشكيلية على دراسة ملف تعظيم الموارد، ونحن الآن بصدد تفعيله، وهو ملف يحوي دراسات اكتوارية، تمثل خططا استراتيجية نحو تقليل النفقات، وتعظيم الواردات، والفارق بين الاثنين سيظل موجوداً بالنسبة لقطاع له دور خدمي، وهو الدور الذي وجدت حرصاً شديداً عليه حتى من الجهات التي لا تتعامل إلا بالأرقام، فالقطاع سيواصل دوره في الوصول إلى الفئات المستهدفة خاصة الشباب، من خلال بروتوكولات مع الجامعات والمدارس، وإحياء مشروع المتحف الجوال ليصل إلى الأقاليم.
وأوضح قانوش خلال حديثه، أن القطاع إلى الآن لا يحقق أي عائد مادي من إقامة المعارض في قاعاته، وفكرة تحمل القطاع لكل نفقات إقامة المعارض لم تعد مناسبة، كما أن الجهاز الإداري للقطاع بشكله الحالي غير مؤهل لتحقيق هذا التحول، والحل سيكون في شراكات مع القطاع الخاص، مشيرا إلى أن إشراك القطاع الخاص في تقديم منتج ثقافي أصبح متاحا وفق الاستراتيجية الجديدة للدولة، والأمر يحتاج حزمة من الإجراءات والقوانين التي تتيح هذه النقلة.
• ولكن هناك مخاوف من تأثير دخول القطاع الخاص على هوية المعارض التي تنظمها الدولة؟
هذه النقلة سيكون من شأنها سد الفجوة بين هوية المعارض التي تنظمها قاعات الدولة، وتلك المعارض التي تنظمها القاعات الخاصة وفق معايير السوق، والتي تتجاوز كثير من الاتجاهات الفنية التي يلتزم أصحابها بمعايير قد تكون غير جماهيرية، والشراكة مع القطاع الخاص ستتيح إيجاد منطقة وسطى تهتم بالقيم الفنية والجمالية، وتقدم تجارب فنية في قوالب جاذبة لجمهور الفن التشكيلي.
• يرى المتابعون لأنشطة القطاع أن قاعات العرض فقدت هويتها الخاصة، وتحتاج لإعادة توجيه.. ما ردك على هذا الرأي؟
نحن الآن بصدد مراجعة شاملة لمعايير إقامة الأنشطة الفنية والثقافية داخل المواقع التابعة للقطاع، والحقيقة أن الإدارات تقوم بعملها، ولكن تقييمي للأنشطة أنها تعد إخلال بدور القطاع سواء على مستوى المعارض أو الورش الفنية، وكذلك الأنشطة المصاحبة من ندوات ومحاضرات وعروض موسيقية ومسرحية، ومن هنا ندرس حاليا مع مجموعة العمل أفكارا جديدة لتطوير الآليات والفعاليات، وتحديد هوية لكل موقع في ضوء طبيعته وطبيعة محيطه الجغرافي، وعلى هذه الأساس يتم تحديد نوع الأنشطة التي يمكن تقديمها بهذا الموقع لخدمة المجتمع المحيط به، وهناك خطة سنعلن عنها قريبا لتحديد شكل الأنشطة، وما سيتم تقديمه مجانا أو نظير رسوم بسيطة يتم تحصيلها من المشاركين.
ولدينا أيضا مبادرات لتنمية الذائقة الفنية نسعى لتعميمها في الفترة المقبلة، منها التربية المتحفية، وتنظيم الورش الفنية في المدارس، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، لذا نتطلع لدور أكبر من وسائل الإعلام لإلقاء الضوء على هذه الأنشطة ليستفيد منها الجميع، وسنسعى لعقد بروتوكولات مع المؤسسات الإعلامية، وذلك ضمن خطط لتسويق المنتج الثقافي الفني.

**بنية أساسية
• كثير من المواقع التابعة لقطاع الفنون التشكيلية تخضع لعمليات ترميم وتطوير معماري.. فماذا عن خطة استعادة نشاط هذه المواقع؟
بدأنا في تنشيط أعمال الصيانة والترميم للبنية الأساسية لعدد من المواقع والمتاحف، ونركز الآن على مشروع متحف الجزيرة المغلق لسنوات طويلة، واستطعنا تحريك ملفه بعد الزيارة التي قامت بها وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، وتوجيهها بضرورة سرعة تذليل العقبات، والعمل على الانتهاء من هذا المتحف في أقرب وقت ممكن، كذلك نقوم برفع كفاءة متحف الفن المصري الحديث، وذلك مع إغلاق جزئي للمناطق التي يتم فيها تركيبات أجهزة الإطفاء والتكيفيات، مع عزل الأسطح ضد مياة الأمطار.
ولكن لدينا مشكلة في البنية التحتية لقاعات قصر الفنون بسبب المياه الجوفية، ويجرى الآن التعامل معها وحلها، وهناك أيضاً أعمال صيانة في بيت الأمة، ومتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، فيما تم الانتهاء من أعمال تجديد مجمع الفنون بمدينة 15 مايو، ومن المنتظر افتتاحه قريبا، وكل هذا يسير وفق معايير محددة تتيح لنا إدراج هذه المواقع الهامة على خريطة المزارات السياحية.