يبدأ موسم بيع فاكهة اليوسفي في مصر، تلك الثمرة الشتوية الشهيرة التي تنافس البرتقال على اختلاف أذواق محبي الفاكهة، بينما تجلب للاقتصاد المصري عوائد كبيرة من العملة الصعبة، ما يعكس أهمية هذه الفاكهة التي عرفها المصريون منذ فجر الدولة الحديثة، إذ ارتبط اسمها بمحمد علي باشا الذي أطلق عليها اسم يوسف أفندي في واقعة طريفة.
وتسرد "الشروق" حكاية اليوسفي المصري بين التاريخ والقوة الاقتصادية ومنافسته للبرتقال، نقلاً عن كتاب "فواكه المناطق الدافئة" لجوليا مورتن وصحف نيويورك تايمز، ولوس أنجلوس تايم، والأهرام اليومية، والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
نشأة اليوسفي
ظهرت ثمار اليوسفي منذ آلاف السنين وكانت تُعرف باسم المندرين نسبة إلى منطقة مندرين في جنوب الصين، حيث جرت عمليات تهجين ثمار الحمضيات البرية مع الليمون الهندي لتخرج ثمرة المندرين، التي يعني اسمها أيضًا "الوزير" في إحدى اللغات الصينية، لتنتشر في دول شرق آسيا مثل الصين واليابان وفيتنام، كأحد أشباه البرتقال المميزين.
حكاية طريفة بين اليوسفي ومحمد علي باشا
تشتهر زراعة اليوسفي في مصر، إلا أن هذه الفاكهة الشتوية وصلت البلاد متأخرة في القرن التاسع عشر، وبصدفة خلال عودة بعثة من الطلاب المصريين الدارسين في أوروبا، إذ تعطلت السفينة في مالطا، وأعجب يوسف أفندي الأرمني بشتلات ثمرة المندرين وقرر شرائها وزراعتها في مصر.
عادت البعثة إلى مصر والتقت بمحمد علي باشا، الذي كان حزينًا على وفاة ابنه طوسون باشا، وشهد لقاء الطلاب مع الباشا محاولة يوسف أفندي الترويج للثمرة، فأعجب الباشا بطعمها وسأل عن اسمها، ونسي يوسف الاسم فقرر بذكاء أن يقول طوسون باشا، ما أضحك محمد علي رغم حزنه.
قرر محمد علي مكافأة يوسف أفندي على موقفه الطريف وأوكل له أراضي شاسعة في الدلتا لزراعة اليوسفي، وأطلق الباشا على الثمرة اسم "اليوسفي" وأمر بزراعتها في حديقة القصر.
منافس شرس للبرتقال
يملك اليوسفي طعماً أكثر حلاوة ونكهة أشد فوحانًا من البرتقال، نتيجة تدخل جينات الليمون الهندي، ويتميز بقشرة رقيقة سهلة الإزالة وفواصل ضعيفة بين الفصوص، مع تقليل كمية البذور مقارنة بالبرتقال، ووزنه مناسب رغم صغر حجم الثمرة.
يستخدم قشر اليوسفي المجفف كنوع من التوابل، وزيته كمكسب نكهة للشيكولاتة والحلويات، بينما تُستخدم ثمرة اليوسفي لإعداد العصائر في بعض الدول.
على عرش الصادرات المصرية
يستحوذ اليوسفي على المرتبة الثالثة بين الفواكه المصرية المصدرة، حيث بلغت عائداته من العملة الصعبة عام 2024 نحو 214 مليون دولار، وبلغت كمية الصادرات عام 2023 نحو 150 ألف طن من إجمالي 2.2 مليون طن من البرتقال المصدّر، وفق هيئة رقابة الصادرات، ويصل اليوسفي المصري إلى 65 دولة أبرزها بريطانيا والبرازيل والسعودية، في منافسة مع اليوسفي المغربي والتركي.
مضاد لأمراض الشتاء ومفيد للبشرة
يحتوي اليوسفي على فيتامين سي، حيث توفر ثمرة واحدة ثلث حاجة الإنسان اليومية، وهو يقوي المناعة ضد الفيروسات الشتوية، ويساعد في الحفاظ على البشرة، كما تحتوي ثمرة اليوسفي على ألياف تساعد على تحسين حركة الأمعاء وخفض الشهية بفضل تأثيرها في الجهاز الهضمي.