وطنيات ثورة 1919 (24): حافظ إبراهيم يلهب حماس المتظاهرين ويشيد بالثائرات ويندد بإلغاء دستور 1923 - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 1:36 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنيات ثورة 1919 (24): حافظ إبراهيم يلهب حماس المتظاهرين ويشيد بالثائرات ويندد بإلغاء دستور 1923

حسام شورى:
نشر في: الأحد 24 مارس 2019 - 2:03 م | آخر تحديث: الأحد 24 مارس 2019 - 2:03 م

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر.

••••••••••••


إذا كان أحمد شوقي، كما ذكرنا في الحلقات السابقة، قد عايش الأمة المصرية أيامها خلال ثورة 1919 وما تلاها، وتميز بالزعامة من خلال شعره، فإن حافظ إبراهيم يعد نظيره في هذه الفترة المهمة من تاريخ مصر؛ فكان معروفا عنه أن نشأته وحياته كانت شعبية محلية، في حين نشأة شوقي أرستقراطية.

وكان حافظ أقرب إلى روح الشعب ومشاعره، وأقدر على تصوير آلامه التي شاركه فيها، واكتوى بلهيبها، فكان لذلك أبلغ في التعبير عنها، وكانت عباراته أسهل وأقرب إلى إدراك معانيها، لأنه كان يحس إحساسا قويا أنه يخاطب الشعب في مجموع مثقفيه وقارئيه، بحسب تعبير المؤرخ عبد الرحمن الرافعي.

أضفت الوطينة على شعر حافظ هالة من العظمة والمجد، فقد كان بلا مراء خير ترجمان للشعب في أحاسيسه وآماله، وخير مواسٍ له في مآسيه وآلامه، وتغنى بمصر والنيل في قصائده ولعل بقاءه في السودان عدة سنوات، ومشاهدته غدر وفظائع الإنجليز هناك، وتدابيرهم في تحقيق أغراضهم الاستعمارية، قد زاده سخطا على الاستعمار واستكمساكا بوحدة وادي النيل، وتجلت هذه المواهب في شعره في شتى المناسبات حتى سمي بحق «شاعر النيل».

ونجح حافظ في أن يرتفع بشعره في كثير من المواطن إلى التجديد واقتباس المعاني والأفكار والأساليب الحديثه، ما جعله مميز وله رنينا موسيقيا محببا إلى النفوس، وهو ما جعل بعض قصائده قابلة لأن تتحول إلى أغانٍ فيما بعد.

ولقد وجدت الحركة الوطنية في قصائده قوة تستمد منها الحماسة والصمود في الجهاد، والثورة على الاحتلال، فقال في قصيدة «ملجأ الحرية» التي نظمها في 1919:


فتعاهدنا على دفع الأذى.. بركوب الحزم حتى نظفرا
وتواصينا بصبر بيننا... فغدونا قوة لا تزدرى
أنشرت في مصر شعبا صالحا.. كان قبل اليوم منفك العرا
كم محب هائم في حبها.. ذاد في أجفانه سرح الكرى
وشاب وكهول أقسموا.. أن يشيدوا مجدها فوق الذرا

كما حيا حافظ ثورة 1919 في قصيدة نظمها عن أول مظاهرة للسيدات قمن بها يوم 16 مارس احتجاجا على عسف الإنجليز حيال المظاهرات السابقة وما ارتكبوه مع المتظاهرين من فظائع القتل والتنكيل، وقد مجد حافظ شعور السيدات المتظاهرات وشجاعتهن، وحمل في قصيدته حملة لاذعة على مسلك الجنود الإنجليز حيالهن، فقال:


خرج الغواني يحتججن ... ورحت أرقب جمعهنه
فإذا بهن تَخذن من ... سود الثياب شعارهنه
فطلعن مثل كواكب ... يسطعن في وسط الدجنه

للمزيد: اضغط هنا


وأنشأ قصيدة حيا بها جمعية المرأة الجديدة، وألمح فيها إلى بطولة المرأة في ثورة 1919:


إليكن يهدي النيل ألف تحية.. معطرة في أسطر عطرات
ويثني على أعمالكن موكلي.. بإطراء أهل البر والحسنات
أقمتن بالأمس الأساس مباركا... وجئتن يوم الفتح مغتبطات
صعنتن ما يعبى الرجال صنيعه.. فزدتن في الخيرات والبركات
يقولون: نصف الناس في الشرق عاطل.. نساء قضين العمر في الحجرات
وهذى بنات النيل يعملن للنهى.. زيغرسن غرسا دانى الثمرات
وفي السنة السوداء كنتن قدوة.. لنا حين سال الموت بالمهجات
وقفتن في وجه الخميس مدججا.. وكنتن بالإيمان معتصمات
وما هالكن الرمح والسيف مصلتا.. ولا المدفع الرشاش في الطرقات
تعلم منكم الرجال فأصبحوا.. على غمرات الموت أهل ثبات

كتب قصيدة غراء قالها في عام 1921 على أثر قطع مفاوضات عدلي – كيرزون، حين سفرت نيات الإنجليز في العدوان على مصر، وقد أشاد فيها بمجد مصر وعظمتها، ثم أشار إليها وهي تستنجد ببنيها البررة على غدرات الأيام ويهيب بهم أن ينظروا من تليد مجدها إلى المثل الأعلى ليحتذوه، ويتعاونوا على التمسك بالحق كاملا حتى يبلغوه، وقد أجرى الخطاب في القصيدة على لسان مصر لينصت الجميع لصوتها؛ إذ هي فوق الجميع، وكان عنوان القصيدة حين نشرت «مصر فوق الجميع» إلى أن غنتها السيدة أم كلثوم في عام 1951 لتصبح «مصر تتحدث عن نفسها» واحدة من أروع أغانيها.


للمزيد: اضغط هنا


وعندما أعلن تصريح 28 فبراير عام 1922، والذي ترتب عليه رفع الحماية الإنجليزية عن مصر وإلغاء السلطنة وإعلان المملكة المصرية، قال:

أَصبَحتُ لا أَدري عَلى خِبرَةٍ.. أَجَدَّتِ الأَيّامُ أَم تَمزَحُ؟
أَمَوقِفٌ لِلجِدِّ نَجتازُهُ.. أَم ذاكَ لِلّاهي بِنا مَسرَحُ؟
أَلمَحُ لِاِستِقلالِنا لَمعَةً.. في حالِكِ الشَكِّ فَأَستَروِحُ
وَتَطمِسُ الظُلمَةُ آثارَها... فَأَنثَني أُنكِرُ ما أَلمَحُ
قَد حارَتِ الأَفهامُ في أَمرِهِم.. إِن لَمَّحوا بِالقَصدِ أَو صَرَّحوا
فَقائِلٌ لا تَعجَلوا إِنَّكُم... مَكانَكُم بِالأَمسِ لَم تَبرَحوا
وَقائِلٌ أَوسِع بِها خُطوَةً.. وَراءَها الغايَةُ وَالمَطمَحُ
وَقائِلٌ أَسرَفَ في قَولِهِ.. هَذا هُوَ اِستِقلالُكُم فَاِفرَحوا
إِن تَسأَلوا العَقلَ يَقُل عاهِدوا.. وَاِستَوثِقوا في عَهدِكُم تَربَحوا
وَأَسِّسوا داراً لِنُوّابِكُم.. لِلرَأيِ فيها وَالحِجا أَفسِحوا
وَلتَذكُرِ الأُمَّةِ ميثاقَها... أَلّا تَرى عِزَّتَها تُجرَحُ
وَتَنتَخِب صَفوَةَ أَبنائِها.. فَمِنهُمُ المُخلِصُ وَالمُصلِحُ
وَلِيَتَّقِ اللَهَ أُولو أَمرِها... أَن يُسكِتوا الأَصواتَ أَو يُرفِحوا
أَو تَسأَلوا القَلبَ يَقُل حاذِروا... وَصابِروا أَعداءَكُم تُفلِحوا
إِنّي أَرى قَيداً فَلا تُسلِموا.. أَيدِيَكُم فَالقَيدُ لا يُسجِجُ
إِن هَيَّؤوهُ مِن حَريرٍ لَكُم.. فَهوَ عَلى لينٍ بِهِ أَفدَحُ
حَتّامَ وَالصَبرُ لَهُ غايَةٌ.. لِغَيرِنا مِن بِئرِنا نَمتَحُ
حَتّامَ وَالأَموالُ مَشفوهَةٌ... نَمنَحُ إِلّا مِصرَ ما نَمنَحُ
حَتّامَ يُمضي أَمرَنا غَيرُنا.. وَذاكَ بِالأَحرارِ لا يَملُحُ
وعاد يدعو إلى الوحدة والوئام ويستنكر الفرقة والانقسام:
أساء بعض الناس في بعضهم.. ظنا وقد أمسوا وقد أصبحوا
فانتهزت أعداؤنا نهرة... فينا وما كانت لهم تسنح
فالرأي كل الرأي أن تجمعوا.. فإنما إجماعكم أرجح
وكل من يطمع في صدعكم.. فإبنه في صخرة ينطح
أخشى إذا استمثرتم بينكم... من قادة الآراء أن تفضحوا
فلتقصدوا ما استطعتم فيهم.. فإنما في القلة المنجح

وقال في قصيدة في عام 1923 يستنهض الهمم ويدعو إلى توحيد الكلمة:

وَيَدُ الإِلَهِ مَعَ الجَماعَةِ فَاِضرِبوا.. بِعَصا الجَماعَةِ تَظفَروا بِنَجاحِ
كونوا رِجالاً عامِلينَ وَكَذِّبوا.. وَالصُبحُ أَبلَجُ حامِلَ المِصباحِ
وَدَعوا التَخاذُلَ في الأُمورِ فَإِنَّما.. شَبَحُ التَخاذُلِ أَنكَرُ الأَشباحِ
وَاللَهِ ما بَلَغَ الشَقاءُ بِنا المَدى.. بِسِوى خِلافٍ بَينَنا وَتَلاحي
قُم يا اِبنَ مِصرَ فَأَنتَ حُرٌّ وَاِستَعِد.. مَجدَ الجُدودِ وَلا تَعُد لِمَراحِ
شَمِّر وَكافِح في الحَياةِ فَهَذِهِ.. دُنياكَ دارُ تَناحُرٍ وَكِفاحِ
وَاِنهَل مَعَ النُهّالِ مِن عَذبِ الحَيا.. فَإِذا رَقا فَاِمتَح مَعَ المُتّاحِ
وَإِذا أَلَحَّ عَلَيكَ خَطبٌ لا تَهُن.. وَاِضرِب عَلى الإِلحاحِ بِالإِلحاحِ
وَخُضِ الحَياةَ وَإِن تَلاطَمَ مَوجُها.. خَوضُ البِحارِ رِياضَةُ السَبّاحِ
وَاِجعَل عِيانَكَ قَبلَ خَطوِكَ رائِداً.. لا تَحسَبَنَّ الغَمرَ كَالضَحضاحِ
وَإِذا اِجتَوَتكَ مَحَلَّةٌ وَتَنَكَّرَت.. لَكَ فَاِعدُها وَاِنزَح مَعَ النُزّاحِ
في البَحرِ لا تَثنيكَ نارُ بَوارِجٍ.. في البَرِّ لا يَلويكَ غابُ رِماحِ
وَاُنظُر إِلى الغَربِيِّ كَيفَ سَمَت بِهِ.. بَينَ الشُعوبِ طَبيعَةَ الكَدّاحِ
وَاللَهِ ما بَلَغَت بَنو الغَربِ المُنى.. إِلّا بِنِيّاتٍ هُناكَ صِحاحِ
رَكِبوا البِحارَ وَقَد تَجَمَّدَ ماؤُها... وَالجَوَّ بَينَ تَناوُحِ الأَرواحِ
وَالبَرُّ مَصهورَ الحَصى مُتَأَجِّجاً.. يَرمي بِنَزّاعِ الشَوى لَوّاحِ
يَلقى فَتِيُّهُمُ الزَمانَ بِهِمَّةٍ.. عَجَبٍ وَوَجهٍ في الخُطوبِ وَقاحِ
وَيَشُقُّ أَجوازَ القِفارِ مُغامِراً.. وَعرُ الطَريقِ لَدَيهِ كَالصَحصاحِ
وَاِبنُ الكِنانَةِ في الكِنانَةِ راكِدٌ.. يَرنو بِعَينٍ غَيرِ ذاتِ طِماحِ
لا يَستَغِلُّ كَما عَلِمتَ ذَكاءَهُ.. وَذَكاؤُهُ كَالخاطِفِ اللَمّاحِ
أَمسى كَماءِ النَهرِ ضاعَ فُراتُهُ.. في البَحرِ بَينَ أُجاجِهِ المُنداحِ
فَاِنهَض وَدَع شَكوى الزَمانِ وَلا تَنُح.. في فادِحِ البُؤسى مَعَ الأَنواحِ
وَاِربَح لِمِصرَ بِرَأسِ مالِكَ عِزَّةً... إِنَّ الذَكاءَ حُبالَةُ الأَرباحِ
وَإِذا رُزِقتَ رِآسَةً فَاِنسُج لَها.. بُردَينِ مِن حَزمٍ وَمِن إِسجاحِ
وَاِشرَب مِنَ الماءِ القَراحِ مُنَعَّماً.. فَلَكَم وَرَدتَ الماءَ غَيرَ قَراحِ

تكاد تكون مسيرة حافظ إبراهيم مماثلة لنظيره أحمد شوقي في تلك الأيام، فقال في عام 1924 يحذر سعد زغلول من خداع الإنجليز، ويهنئه بنجاحه من محاولة اغتياله، وكان إذ ذاك معتزما السفر إلى لندن لمفاوضة الحكومة البريطانية في القضية الوطنية.


للمزيد: اضغط هنا
في عام 1930 كانت الأفكار تتناقل الإشاعات المختلفة عما تبيته حكومة إسماعيل صدقي باشا للحياة الدستورية، وكان الضن أن تلجأ إلى تعديل قانون الانتخاب لتضمن تدخلها وضغطها على حرية الناخبين، أو توقف الحياة الدستورية، كما فعلت وزارة محمد محمود ولكن وزارة إسماعيل صدقي كانت أمعن في العدوان مما ظنه الناس؛ إذ استقر عزمها على إلغاء الدستور ووضع دستور آخر يضيق من سلطة الأمة، وسن قانون انتخاب يجعل الانتخاب على درجتين ويحصر حق الانتخاب في أضيق الحدود.

 

وفي 22 أكتوبر 1930 صدر أمر ملكي بإلغاء دستور 1923، وبحل مجلسي النواب والشيوخ، وإعلان الدستور الجديد، ووقع الملك فؤاد على هذا الأمر وعلى الدستور الجديد، ووقع معه عدد من الوزراء على رأسهم إسماعيل صدقي، وصدر في نفس اليوم قانون الانتخاب الجديد منسجما مع الدستور الذي ابتدعته الوزارة.

 

وعرضت الوزارة خفية أمر هذا الدستور علي الحكومة البريطانية قبل إصداره وأطلعت وزارة الخارجية البريطانية علي نصوصه وكانت هذه علي علم باليوم المحدد لصدوره، فكان جوابها أن هذه من المسائل الداخلية التي لا شأن لها بها ومدلول الجواب موافقتها علي هذا الاعتداء فمضت الوزارة مطمئنة إلي إنفاذه وكان موقف الحكومة البريطانية تحت ستار «الحياد» ينطوي علي الانتقام من الأمة لعدم قبول حكومتها البرلمانية مشروع المعاهدة، فسياستها هي إما قبول السيطرة البريطانية وإما حرمان الأمة حقوقها الدستورية بواسطة الوزارات الرجعية.

 

من هنا ثارت روح المعارضة في نفس حافظ إبراهيم، فهاجم الإنجليز بقصائد رائعة نعى فيها عليهم بغيهم وعدوانهم، وكشف فيها الستار عن حيادهم الكاذب، وطعن على سياسة الاستعمار عامة، وعبر عن آلام الشعب وآماله، وأعاد بحملاته ذكرى قصائده الوطنية الخالدة التي نظمها في تمجيد الحركة الوطنية ومهاجمته الاحتلال في عهد مصطفى كامل ومحمد فريد وخلال أحداث ثورة 1919.

 

وقال في مارس 1932 مخاطبًا الإنجليز، منددا بسياسة الحياد ناعيا عليهم ظلمهم وإخلافهم وعودهم للأمة:


بنيتم على الأخلاق آساس ملككم.. فكان لكم بين الشعوب ذمام
فمالي أرى الأخلاق قد شاب قرنها.. وحل بها ضعف ودب سقام
أخاف عليكم عثرة بعد نهضة... فليس لملك الظالمين دوام
اضعتم وداد لو رعيتم عهوده.. لما قام بين الأمنين خصام
أبعد (حياد) لا راعي الله عهده.. وبعد الجروح الناغرات وئام؟
إذا كان في حسن التفاهم موتنا.. فليس على باغي الحياة ملام

وقال في هذا المعنى:


لا تذكروا الأخلاق بعد (حيادكم).. فمصابكم ومصابنا سيان
حاربتمو أخلاقكم لتحاربوا... أخلاقنا فتألم الشعبان

وقال عن «الحياد الكاذب»:


قصر الدبارة قد نقضت... العهد نقض الغاصب
أخفيت ما أمرته.. وأبنت ود الصاحب
الحرب أروح للنفوس.. من (الحياد) الكاذب

وكان السير برسي لورين المندوب السامي البريطاني وقتئذ في مصر يمثل هذه السياسة، وكان يأمل أن يتم عقد المعاهدة بين مصر وإنجلترا سنة 1930 على يد الوزارة البرلمانية (وزارة النحاس الثانية)، ولكنها خيبت آماله بالتشدد في بعض نصوص المعاهدة، فانقلب عليها متظاهرا بالحياد، فكتب حافظ إبراهيم منددا بحياد الإنجليز المصطنع:


أَلَم تَرَ في الطَريقِ إِلى كِيادِ.. تَصيدُ البَطَّ بُؤسَ العالَمينا
أَلَم تَلمَح دُموعَ الناسِ تَجري.. مِنَ البَلوى أَلَم تَسمَع أَنينا
أَلَم تُخبِر بَني التاميزِ عَنّا.. وَقَد بَعَثوكَ مَندوباً أَمينا
بِأَنّا قَد لَمَسنا الغَدرَ لَمساً.. وَأَصبَحَ ظَنُّنا فيكُم يَقينا
كَشَفنا عَن نَواياكُم فَلَستُم.. وَقَد بَرِحَ الخَفاءُ مُحايِدينا
سَنُجمِعُ أَمرَنا وَتَرَونَ مِنّا.. لَدى الجُلّى كِراماً صابِرينا
وَنَأخُذُ حَقَّنا رَغمَ العَوادي.. تُطيفُ بِنا وَرَغمَ القاسِطينا
ضَرَبتُم حَولَ قادَتِنا نِطاقاً.. مِنَ النيرانِ يُعيي الدارِعينا
عَلى رَغمِ المُروءَةِ قَد ظَفِرتُم.. وَلَكِن بِالأُسودِ مُصَفَّدينا

وقال في هذا المعنى في أبريل 1932 إلى المحايدين:


أمحايد أم حائد ... عن منهج الحق المبين ؟
نازلت شعباً أعزلاً... بمدرعين مدججين
وأمنت عقبي الظالمين.. وبئس عقبي الظالمين
مهما تصب منا فلسـ... ـنا الجازعين اليائسين
إنا بجبار السماء.... وبالعقيدة نستعين
إن العقيدة لا تزلـ ... ـزلها حراب الغاصبين
فلئن ملكتم يومكم... لغد لرب العالمين
أأمنتمو صرف الزمـ ...ـان وفتكه بالغاشمين؟

 

وقال في أبريل 1932 تحت عنوان «إلى الإنجليز»، وهي من أبلغ ما قيل في تحدي القوة الغاشمة والصمود أمام الشدائد مهما عظمت:


حولو النيل واحجبوا الضوء عنا.. واطمسوا النجم واحرمونا النسيما
واملأوا البحر إن أردتم سفينا... واملأوا الجو إن أردتم رجوما
وأقيموا للعسف في كل شبر.. كومستبلا بالسوط يفرى الأديما
إننا لن نحول عن عهد مصر.. أو ترونا في التراب عظما رميما

وقال أيضا:


لقد طال الحياد ولم تكفوا.. أما أرضاكم ثمن الحياد؟
أخذتم كل ما تبغون منا.. فما هذا التحكم في العباد؟
بلونا شدة منكم ولينا.. فكان كلاهما ذر الرماد
وسألتم وعاديتم زمانا.. فلم يغن المسالم والمعادي
فليس وراءكم غير التجني.. وليس أمامنا غير الجهاد

وقال في 1932 أيضا يندد بكاتب فرنسي زعم أن جلاء الإنجليز سيكون في أكتوبر من ذلك العام:


كم حددو يوم الجلاء الذي.. أصبح في الإبهام كالمحشر
وسن قوم الطيش من جهلهم.. كذبة (أبريل لأكتوبر)

كما ندد بسياسة صدقي باشا رئيس الوزارة، ولكن القصيدة لم تنشر وقتها:

قد مر عام يا سعاد وعام .. وابن الكنانة في حماه يضام
صبوا البلاء علي العباد فنصفهم.. يجبي البلاد ونصفهم حكام
أشكو إلي قصر الدبارة ماجتي.. صدقي الوزير وماجبي علام

ودعا عليك الله في محرابه.. الشيخ والقسيس والحاخام
لا هم أحى ضميره ليذوقها.. غصصا وتنسف نفس الآلام

غداً حلقة جديدة.....



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك