إضراب عام تشهده كولومبيا منذ يوم الخميس الماضي، دفعها لعدم الاستقرار، بعدما خرج أكثر من 250 ألف شخص في تظاهرات عمت أرجاء البلاد؛ احتجاجا على سياسات الحكومة الكولومبية خلال الفترة الماضية، فضلا عن فرض حظر للتجول في العاصمة بوجوتا وعدد من المدن الأخرى في البلاد، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وبشكل خاص، دفعت الضرائب المتصاعدة من حكومة الرئيس إيفان دوكي، في خروج المواطنين الى الشارع، في أعقاب انتشار الوعود عن الإصلاحات الاقتصادية، بتقاعس الحكومة عن التصدي للفساد، بالإضافة لمقتل بعض نشطاء حقوق الإنسان، حسبما يقول المتظاهرون.
ودفعت التظاهرات والإضراب العام، الذي يستمر لليوم الثالث على التوالي، رئيس كولومبيا إيفان دوكي، يوم السبت، إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لضمان الأمن في جميع الأنحاء، من بينها نشر مزيد من أفراد الشرطة والجيش في أماكن الإضراب العام، بالإضافة لفرض حظر للتجول في العاصمة بوجوتا وعدد من المدن الأخرى، بحسب "روسيا اليوم".
• مطالب برحيل الرئيس وسقوط قتلى
وقفت النقابات في كولومبيا وراء التظاهرات، التي آلت إلى الإضراب العام، منذ انطلاقها الخميس الماضي، فكان للاتحاد العام للعمل، واتحاد عمال كولومبيا، والوحدة الموحدة للعمال، دورا قياديا في دعم حركات المعارضة للتظاهر ضد الحكومة، مطالبين برحيل الرئيس إيفان دوكي، وهو ما ترتب عليه غلق حدود البلاد وانتشار الجيش وحظر التجوال.
ومنذ اندلاع التظاهرات، سقط 3 من رجال الشرطة وجرح 7 آخرين، في هجوم على مركز للشرطة، بقوارير الغاز، في مدينة تقع بمنطقة كاوكا التي تشهد اضطرابات، فيما أعلنت السلطات الكولومبية عن مقتل 3 آخرين إثر اشتباكات مع الشرطة خلال عمليات النهب التي جرت يوم الجمعة، فيما قال وزير الدفاع الكولومبي كارلوس هولمز تروجيلون، إن ذلك وقع على إثر تعامل قوات الشرطة مع أعمال نهب لأحد المجمعات التجارية الكبرى، بحسب "فرانس 24".
• أعمال سرقة ونهب وسط المدينة
خلال الجمعة الماضي، وبينما كان يحتشد الآلاف في ساحة بوليفار في العاصمة بوجوتا، تعرضت عدة متاجر للنهب والسرقة، إلى جانب حافلة عامة؛ ما دفع قوات الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع، وتفرق المتظاهرون بالشوارع الضيقة في الحي التاريخي القديم، في الوقت الذي فرضت فيه السلطات حظر التجول الليلي في العاصمة للسيطرة على السرقات.
• أوضاع تقشفية ومشاكل اقتصادية
ترجع الاحتجاجات الواسعة في كولومبيا لعدة أسباب، أهمها حزمة التدابير التقشفية التي أعلنتها الحكومة، منها بيع بعض شركات القطاع العام؛ ما يؤثر بشكل قوي على العاملين في الدولة، بالإضافة لبعض المشكلات التي تتعلق بقلة الاستثمار في التعليم الجامعي، عوضا عن أعمال قتل للسكان الأصليين والقادة الاجتماعيين، حسبما يقول المتظاهرون، بالإضافة لمقاطعة كاوكا، التي تعيش في دوامة من العنف بسبب وجود الجماعات المسلحة، والقوات شبه العسكرية، والقوات المنشقة عن القوات المسلحة الثورية الكولومبية، وعصابات المخدرات، الذين يعيشون في صراع دائم هناك.
• سياسة «النيوليبرالية» سر التظاهرات
انتهجت الحكومة الكولومبية -ولا تزال- سياسة "النيوليبرالية" أي "اقتصاد الرأسمالية"، وهي استراتييجة تتبعها الأنظمة الحكومية في العديد من دول العالم، وتعني أن تتخلى الدولة عن دورها في الاقتصاد والاستثمار بنسبة واسعة للغاية، وبالتالي يتم تحويل السيطرة على الاقتصاد من يد الحكومة إلى القطاع الخاص.
وبشكل عام، تعتبر السياسات النيوليبرالية فكر أيديولوجي مبني على الليبرالية الاقتصادية، المكون الرئيسي لليبرالية الكلاسيكية، التي تعني تأييد الرأسمالية المطلقة وعدم تدخل الدولة في الاقتصاد، بدعوى أن ذلك سيرفع من كفاءة الحكومة ويحسن الاقتصاد، وهو ما يمثل سر التظاهرات الضخمة التي اندلعت في كولومبيا لرحيل الرئيس.