في بلاد الرافدين.. الجفاف يحكم قبضته على مياه الشرب - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 1:15 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في بلاد الرافدين.. الجفاف يحكم قبضته على مياه الشرب

(وكالة أنباء العالم العربي)
نشر في: الجمعة 25 أغسطس 2023 - 9:57 م | آخر تحديث: الجمعة 25 أغسطس 2023 - 9:57 م

ينظر محمد سهيل البالغ من العمر 54 عاما إلى صنبور المياه في منزله، وهو يطلق صفيرا كلما حاول فتحه، فيقلب بيأس المفتاحه يمينا وشمالا، ويقول بمرارة "لقد نضبت المياه".

يقول سهيل، الذي يسكن منطقة "المؤجرين" في ناحية الحفرية بمحافظة واسط (نحو 170 كم جنوب بغداد) على نهر دجلة: "الجفاف أثر كثيرا على الحياة في مناطقنا، فأزمة المياه وصلت إلى مرحلة شح مياه الشرب التي باتت قليلة".

ويضيف: "بدأنا نشتري حتى مياه الشرب عبر سيارات كبيرة بسعر 25 ألف دينار (نحو 15 دولارا) لكل سيارة، طالبنا وناشدنا المسئولين المحليين إلا أننا لم نجد آذانا صاغية رغم تفاقم وضع الجفاف".

وتابع قائلا: "الحكومة المحلية أصدرت قرارات تتعلق بضخ المياه، إذ أصبح الماء مجدولا، ويأتي في الأسبوع نحو 3 أيام، وفي باقي الأيام يتم قطعه، حتى وصل الحال إلى التسبب بهجرة بعض الأهالي إلى مناطق أخرى، بحثا عن المياه سواء للزراعة أو الشرب".

ويواجه العراق أزمة جفاف كبيرة، دفعته إلى تقليص أراضيه الزراعية، وذلك بسبب خفض الحصة المائية لنهري دجلة والفرات من قبل دول الجوار.

ومن جهته، يشير قائممقام قضاء الصويرة في محافظة واسط، سلام المعموري، في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إلى أن "بعض المناطق في القضاء لا تصلها المياه إلا بالمراشنة بسبب الشح الحالي".

ويوضح المعموري آلية "المراشنة" بالقول "يتم إعطاء المياه يومين بالأسبوع وأثناء الليل فقط"، لافتا إلى أنه "خلال انقطاع التيار الكهربائي (في اليومين)، فإن الاستفادة منها قليلة جدا خاصة للأراضي التي تبعد بنحو 15 كيلومترا عن الأنهر".

ويضيف: "مياه الشرب تأثرت أيضا، فبعض المجمعات لم تصلها المياه ونعمل على إيصال مياه الشرب للمواطنين حاليا عبر الحوضيات (صهاريج المياه) خاصة البعيدة عن حوض نهر دجلة".

وطبقا لبيان سابق لوزارة الموارد المائية، خسر العراق 70 بالمئة من حصصه المائية، وأن الانخفاض بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا.

* مشكلة عامة

يقول علي مجيد، مدير ناحية سيد الشهداء في محافظة واسط: "قضية قطع المياه ليست خاصة بالمحافظة، بل هي مشكلة عامة يعاني منها عموم العراق. بالنسبة لناحيتنا العمل جارٍ على مد أنبوب مباشر من نهر دجلة للناحية للقضاء على أزمة شح المياه وانقطاعها"، لافتا إلى أن "المشروع متوقف على وصول تخصيصات الموازنة للمحافظة".

ويشير مجيد خلال حديث مع وكالة أنباء العالم العربي إلى أن "قطع المياه يأتي ضمن برنامج محدّد، وذلك لمحاولة توفيرها إلى كل المناطق بشكل عادل"، داعيا "المواطنين إلى الالتزام بإرشادات الحفاظ على المياه".

ولفت أيضا إلى أن "مشاريع عديدة ستدخل الخدمة، بعضها يتعلق بالمياه وإدامتها وتوفيرها لكل المناطق، وأن ذلك سيتم بعد وصول التخصيصات المالية للمحافظة".

وفي ذي قار، التي تبعد نحو 345 كيلومترا جنوبي بغداد على نهر الفرات، لم يكن الوضع أفضل. فبعد أن فتك الجفاف بمساحات زراعية واسعة وتسبب في نزوح عشرات الأسر من سكان الأهوار ونفوق مواشيهم، زحف الآن نحو المدن الحضرية، مهددا المشاريع المائية المغذية للسكان بالتوقف عن العمل.

ويقول نائب محافظ ذي قار عباس الجابري: "على الرغم من أن مجمعات المياه في ذي قار، تعمل بصورة طبيعية، وتحظى بتغطية كافية، لكن بصورة عامة على مستوى المحافظة، هناك خلل في توفير المياه".

وعزا الجابري ذلك خلال حديثه لوكالة أنباء العالم العربي إلى "شح الحصص المائية التي لا تقارن بالحجم الحقيقي لحاجة المحافظة، لا سيما مع امتلاكها أهوارا وأنهارا عديدة".

* موجات نزوح

لكن الحال مختلف على مستوى المناطق النائية أو البعيدة التي تعتمد على الجداول والأنهار، حيث يشير الجابري إلى أن "الأهالي هناك يواجهون مشاكل، بسبب مناسيب المياه المنخفضة، وهذا ما أدى إلى حصول موجات نزوح وهجرة من تلك المناطق بسبب شح المياه ونفوق حيواناتهم".

وتقع محافظة ذي قار، في "ذنائب الأنهر"، على حد تعبير خبراء المياه، وبدأت المناسيب المائية فيها تنخفض بشكل كبير، الأمر الذي شكّل مصدر قلق لدى الدوائر المعنية بضخ المياه للأهالي.

ويعيش في المحافظة الجنوبية نحو مليونين و200 ألف نسمة، وهم مهددون بتقليص الحصص المائية التي تصلهم بشكل يومي في الوقت الذي لا تجد سلطات الموارد المائية حلولا واقعية.

وبالاتجاه شمالاً، وفي جنوب بابل (نحو 117 كم جنوب بغداد) على نهر الفرات، كانت الهجرة مصير الكثير من العائلات للخلاص من العطش الذي ضرب مناطقهم.

ويؤكد ستار العصيبي (47 عاما)، أحد سكان هذه المناطق، أن "الجفاف استفحل في المحافظة، وبات يهدد حتى مياه الشرب"، مطالبا الجهات المختصة "بمعالجة أزمة الجفاف قبل أن تنعدم مياه الشرب بشكل تام عن بعض القرى والمدن في المحافظة".

ويضيف العصيبي: "ناحية الطليعة تعاني من شح مياه الشرب، بل وصل الأمر إلى حد انعدامها، وتسبب هذا بنزوح الكثير من العائلات إلى مناطق أخرى نتيجة للجفاف الشديد الذي بات يهدد الحياة هناك".

ويشير إلى أن "قطع المياه وصل إلى نحو 5 أيام بالأسبوع الواحد، وهذه المدة طويلة جدا قياسا بالوضع الحالي من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة".

وقدّر الجهاز المركزي للإحصاء في عام 2021 معدل نصيب الفرد العراقي من المياه الصالحة للشرب بنحو 405 لترات في الحضر و251 في الريف، أو 356 لترا يوميا للفرد إجمالا، وأن أكثر من 29.5 مليون لديهم خدمات شبكة توزيع المياه الصالحة للشرب.

وانخفض استهلاك الفرد العراقي من نهري دجلة والفرات بمقدار 38.7% للعام 2020-2021 مقارنة بالعام 2019-2020، إذ كان يستهلك 1237 مترا مكعبا في السنة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك