كيف ساهمت ثورة 1919 في التعبير عن الشخصية المصرية وتطويرها؟ - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 6:43 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف ساهمت ثورة 1919 في التعبير عن الشخصية المصرية وتطويرها؟

تصوير دنيا يونس
تصوير دنيا يونس
حسام شورى:
نشر في: الثلاثاء 26 مارس 2019 - 4:07 م | آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2019 - 9:45 ص

• زكي: ثورة 19 عبرت عن الشخصية المصرية ومفرادتها وأبرزت تنوعها
• طموم : الإحساس الجمعي في الثورة أثر على الفن ليظهر الغناء الجمعي
• صفي الدين: العمارة في مصر كانت متأثرة بطبائع كل قلة أجنبية ساكنة في كل حي
• السطوحي: «تشكيل الهوية» ليست مسؤولية أحد.. وإنما المسؤولية تقع في استثارة جذور الهوية الموجودة في ذاكرة الشعوب
• بثينة كامل تناشد «الثقافة» و«الآثار» والمجتمع المدني للاهتمام ببيت الأمة


نظم المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور سعيد المصري، بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور خالد سرور، أمس الاثنين، ندوة بعنوان "ثورة 1919: نقطة انطلاق لتأثير الثقافة البصرية والسمعية"، بمقر بيت الأمة "متحف سعد زغلول".

وشاركت الدكتورة هالة أحمد زكي نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام وباحثة الحضارة المقارنة، في مداخلة بعنوان "الكل في واحد في حكايات المحروسة"، ذكرت فيها القصة الشهيرة لسبب تسمية منزل سعد زغلول ببيت الأمة، أنه خلال توقيع التوكيلات وتكوين الوفد المصري للسفر إلى باريس وعرض قضية استقلال مصر، حدثت مشادة بين سعد زغلول ومصطفى الشوربجي ومحمد زكي بك‏،‏ فرد عليهما الزعيم قائلا‏:‏ "كيف تتجاسران على التحدث بهذا الأسلوب في منزلي؟" فردا عليه قائلين‏:‏ "إنه ليس بيتك‏..‏ بل هو بيت الأمة"، فضحك الزعيم وأقر هذه التسمية منذ ذلك التاريخ‏.‏

وأضافت زكي أن ثورة 1919 عبرت عن الشخصية المصرية ومفرادتها، وأبرزت تنوعها، حيث شارك فيها جميع أطياف الشعب، مشيرة إلى أن المواطنين في هذا التوقيت أصبحوا أكثر فهما لمعنى الوطنية، ما ساعدهم في الوقوف أمام ألاعيب الإنجليز للوقيعة بينهم وبين عنصرين الأمة.

فيما تحدثت الدكتورة رشا طموم أستاذ التأليف والنظريات ومقررة لجنة الموسيقى، والدكتورة هبة صفي الدين مدير بيت المعمار المصري وعضو لجنة العمارة، حول "تأثير الثقافة السمعية والبصرية على تشكيل الشخصية المصرية 1919-2019"، تعرضتا فيها لثورة 1919 باعتبارها نقطة زمنية خلال عرض أهمية الثقافة السمعية والبصرية التي تطورت عبر قرن وأثرت في الشخصية المصرية.

وقالت رشا طموم: قبل ثورة 1919 كان يوجد شكل موسيقي يعتمد على مطرب أو مطربة الفرد، بمشاركة مجموعة صغيرة من الآلات تسمى "تخت"، وكان الجمهور يتكون من النخبة، ومضمون الأغاني يخاطب الوجدان وموضوعات الغزل كانت تسيطر على الكلمات معتمدين على الموسيقى بشكل كبير، مشيرة إلى أن في هذا الوقت كان يوجد موسيقى لفئة العامة أيضا، ولكنها كانت على شكل فواصل في القهاوي أو الأفراح وكان محتواها ركيك.

وأضافت أستاذ التأليف والنظريات أن مع بداية أحداث ثورة 1919 حدث ازدهار للمسرح الغنائي ليحدث تحول للموضوعات لتعبر عن الاحتجاج والمقاومة ولتعبر عن الحياة؛ فالإحساس الجمعي في الثورة أثر على الفن ليظهر الغناء الجمعي (الكورال).

في السياق نفسه، عرضت هبة صفي الدين بعض الصور التي تعبر عن المشهد البصري لأحياء مصر في هذه الفترة، قائلة إن العمارة في مصر كانت متأثرة بطبائع كل قلة أجنبية ساكنة في كل حي، فتجد مشهد متنوع متأثر بالعمارة الإنجليزية والإيطالية والبلجيكية، مشيرة إلى أن قبل هذه الفترة كانت قد ظهرت أحياء جديدة مثل شبرا والمنيرة، ثم العمران في الغرب والجنوب ليظهر الزمالك والمعادي.

وعن تطور الموسيقى في الفترة التي تلت ثورة 1919، تقول رشا طموم إن فنانيي هذه المرحلة تأثروا بالنسق الغربي، مثل محمد عبدالوهاب الذي كان يجمع في ألحانه بين الشرقي والغربي، وكذلك استجابة أم كلثوم لتطويرات القصبجي، مشيرة إلى أن هذا المزج كان يعبر عن الشخصية المصرية في هذا التوقيت.

لتذكر هبة صفي الدين أن المشهد البصري تأثر أيضا بهذه الفكرة، حيث كانت الحضارات الشرقية والروح القومية وتأثيرات الأجانب يسيرا جنبا إلى جنب، كذلك تطور العمارة والأزياء في أواخر الثلاثينيات والأربعينيات.

لتنتقلا في عرضهما إلى فترة ثورة 1952، فتصبح الموسيقى أداة من أدوات الدولة لتؤكد بها على الروح البطولية والجماعة، وتشير رشا إلى أن كل عيد لثورة 1952 كان يقدم نشيدا، يبرز الاتجاه الجماعي للموسيقى، وبحيث يكون اللحن بسيطا حتى تستطيع الجماهير حفظه وتريده بغض النظر كانوا نخبة أو عامة، مؤكدة أن الدولة استعانت أيضا بأدوات نجاح الماضي مثل صوت أم كلثوم ومشاركة أصوات جديدة واعدة أثرت على الشعب لتعبئته بالحماس، مشيرة إلى الموسيقى التي صاحبت هذه الفترة كانت أقل تطريبًا تخاطب الهمم وليس الوجدان.

وعلى الناحية العمرانية، تذكر هبة أن المفاهيم الاشتراكية أثرت في شكل العمران، لتأخذ أغلب مباني الأحياء الجديدة شكل أحياء أوروبا الشرقية، موضحة أنه حدث توسع عمراني ومركزية في القاهرة بعد أن أتت إليها الهجرات العاملة.

ومع فترة السبعينيات والانفتاح، تظهر موسيقى جديدة عرفتها رشا طموم بـ"موسيقى الميكروباص" تزعمها مغنيين شعبيين مثل أحمد عدوية، وصاحبها موجة مشابهة في السينما بما يعرف بـ"أفلام المقاولات"، يظهر معها طريقة جديدة في الحديث معبرة عن تطورات جديدة في الشخصية المصرية، مشيرة إلى أن النخبة المثقفة في هذا التوقيت كانت تنظر إلى هذه النوعية من الفنون بأنها "غير راقية".

وتستكمل رشا هذا التطور في الثقافة السمعية للمصريين مرورا على حقبة التسعينات وانتشار “أغاني الكاسيت” بقوة، وصولا إلى بداية القرن الذي نعيش فيه وهذه الفترة التي فيها الإنسان أقل تفاعلا مع الطبيعة وأصواتها، ومحاط بالضوضاء في كل مكان، مؤكدة أنه من الطبيعي تؤثر على الموسيقى التي ينتجها فيخرج نوع جديد يعتمد على الصخب والمعروف بأغاني “المهرجانات”.

وعن الثقافة البصرية، تقول هبة صفي الدين إن فترة السبعينات تميزت بتقسيم مناطق "الفيلات" وصعود العمارات، إلى جانب وفود العاملين في الخليج لتنقسم بذلك الشخصية المصرية من جديد تتكون طبقة وسطى، وطبقة غنية غير مثقفة، مشيرة إلى أنه حدث "ترييف" للمدن الكبرى، واستمرت فترة الثمانينات بنفس الطريقة.

لتصل مدير بيت المعمار المصري في نهاية عرضها إلى الفجوات الطبقية التي حدثت في المجتمع المصري، ونمو القيم الاستهلاكية وتراجع الإنتاجية، ومن ثم التأثير على الثقافة البصرية، فتقول إن الفكر العشوائي والثقافة العشوائية بين الناس أثمرت عن مناطق عشوائية غير مخططة، على الجانب الآخر ظهرت “الكامبوندات” ذات الأسوار العالية لتزيد بذلك الفجوة بين المصريين.

فيما تحدث المعماري حمدي السطوحي، استشاري المتاحف وعضو برنامج عمل التراث والهوية بالاتحاد الدولي للمعماريين، حول: تراث المستقبل.. وهل "مفيش فايدة؟!"، بادئا بتوضيح أن الزعيم الراحل سعد زغلول لم يقل "مافيش فايدة" ليوصف بها الحالة السياسية أو يعبر من خلالها عن الحالة الاجتماعية، وإن انتشار هذه الجملة أمر مغلوط، مشيرًا إلى أن زغلول قالها عندما كان على فراش الموت ويخاطب زوجته صفية قائلا إن “مافيش فايدة” من العلاج.

وأكد السطوحي أن "تشكيل الهوية" ليست مسؤولية أحد لأنها أمر غير ملموس، وإنما المسؤولية تقع في استثارة جذور الهوية الموجودة بالفعل في ذاكرة الشعوب، ومن ثم يخرج المنتج الثقافي وبناء الإنسان المسؤول عن تشكيل الحضارة وبناءها، ويترك بهذا المنتج تراثًا للأجيال القادمة.

وعلى هامش الندوة، أجرت الإعلامية بثينة كامل مداخلة شكرت فيها وزارة الثقافة على الفعاليات التي نظمتها للاحتفال بمئوية ثورة 1919، مناشدة وزارتي الثقافة والآثار الاهتما ببيت الأمة الذي لم يلق نصيبه من الاهتمام، حيث إن الإهمال يضرب واجهته، مطالبة المجتمع المدني بأن يتكفل بمثل هذه المبادرات التي تحفظ شكل مصر أمام العالم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك