تحوي بين أسطرها الكثير من المواعظ والعبر، فرغم أن أبطال حكاياتها من الحيوانات إلا أن ما فيها من مواقف وطرائف لا تغيب عن معاملات الإنسان، لتكن كل من حكايات كليلة ودمنة درسا من دروس الحياة.
وورد بكتاب كليلة ودمنة، أن ملك الهند طلب من كبير فلاسفته أن يحكي له حكاية عن عاقبة السماع لأهل النميمة فكانت حكاية الأسد والثور شتربة.
وكان أسدا يقود الوحوش في ناحية من الأرض لفترة حتى قدم على تلك الأرض ثور وكان مجهدا.
وكان الأسد لم يرَّ ثورًا من قبل أو يسمع له صوتا فخاف منه فانتهز الفرصة ابن آوي كان مقيم عند الأسد، وكان يدعى دمنة ليتقرب من الأسد الملك فعرض عليه أن يجلب له الثور، ويثبت له بأن الثور لا يشكل خطرًا.
وكان دمنة يرجو من تلك المهمة أن يرقيه الأسد فيكون وزيرهن وذهب ابن آوي للثور وأقنعه بالقدوم للأسد، ولكن كانت النتيجة أن أحب الأسد الثور لما رأى من أخلاقه وقربه منه، وجعله مستشاره ولم يقرب دمنة كما كان يتوقع.
وفكر دمنة في حيلة للإيقاع بين الأسد والثور، وكان أخوه كليلة حذره من عواقب بث الفتنة بين الأصحاب، ولكن دمنة لم يتراجع.
وذهب دمنة للأسد وزعم له بأن الثور يحيك مؤامرة مع جنود الأسد ضده للانقلاب عليه، وأخذ دمنة يدعم كلامه بالأمثلة والحكايات والحكم حتى اقتنع الأسد.
وعاد دمنة لزيارة الثور ليلقي في نفسه بأن الأسد يخطط لأكله طمعا لما في الثور من لحم وأخذ دمنة يزين فتنته للثور بالحكايات والأمثال ليزيد اقتناعه حتى عزم الثور على قتال الأسد، حفاظا على نفسه.
ودخل الثور على الأسد الملك الذي كان طلب حضوره فلما رأى الثور الأسد متأهبا غاضبا ينوي على الشر تذكر مقالة دمنة، وتحذيره له من نية الأسد على الغدر فبادر الثور الأسد، بالقتال ليدور عراك دامي بينهما انتهي بأن قتل الأسد الثور.
وشعر الأسد بالندم حين زال عنه الغضب وتذكر ما كان للثور من أخلاق ولطيف الكلام ورزانة العقل.
وقال الفيلسوف راوي القصة لملك الهند، إن ما فعله دمنة يبين كيف أن لحيوان معروف بين السباع بحقارته أن يوقع بين الأصحاب والملوك، ويشتت شملهم بالنميمة والفتنة.
أقرأ أيضاً: