خصص مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، ماستر كلاس نوعي بعنوان "مفهوم الشخصية الدرامية والفرق بين الأداء المسرحي والسينمائي" قدمته المخرجة التونسية جيهان إسماعيل، وأدارها الناقد والمخرج جمال عبدالناصر؛ ضمن فعاليات الدورة الحالية للمهرجان.
وخلال كلمته، أكد عبدالناصر، حرص المهرجان على تطوير مهارات الجيل الجديد وصقل وعيه بعلوم الأداء والتمثيل، من خلال جلسات متخصصة تمنح المشاركين فهما أعمق لطبيعة الشخصية الدرامية وأساليب بنائها وتجسيدها في المسرح والسينما، مشيرا إلى أن هذا الماستر كلاس يمثل “نافذة عملية على آليات العمل الاحترافية” باستضافة واحدة من أبرز المخرجات العربيات اللواتي جمعن بين التجربتين المسرحية والتلفزيونية.
تناول اللقاء مسيرة المخرجة جيهان إسماعيل، التي بدأت في تونس العاصمة وسط بيئة مسرحية وثقافية غنية أثرت رؤيتها الفنية، حيث عشقت المسرح منذ الصغر وشاركت في نوادٍ ثقافية قبل أن تتجه لدراسة الإخراج السينمائي وتتتلمذ على يد المخرج الكبير علي بدرخان، وتواصل دراستها في إحدى الأكاديميات المصرية، مقدمةً مشروع تخرج حصد عدة جوائز.
وأكدت جيهان إسماعيل، أن اهتمامها ينصب على الأفلام الروائية التي تعالج قضايا المرأة وتسلط الضوء على دورها المحوري في المجتمع.
وخلال الجلسة، طرح عبدالناصر مجموعة من الأسئلة الجوهرية حول مفهوم الشخصية الدرامية والذاكرة الانفعالية وآليات تحويل النص المكتوب إلى شخصية تنبض بالحياة، إضافة إلى علاقة المخرج بالممثل وطرق توجيهه داخل العمل.
من جانبها، أوضحت المخرجة جيهان إسماعيل، أن أصل الدراما يعود إلى المحارب الإغريقي إسخيليوس الذي أسس مفهوم الدراما من تجاربه ومعاناته، مؤكدة أن علماء النفس لم يتفقون على تعريف واحد للشخصية الدرامية لتعقُد أبعادها.
وأشارت إلى أن بناء الشخصية يتطلب تشييدها من الداخل والخارج، وأن مظهر الممثل وشكله يجب أن يتوافقا مع وصف الشخصية المكتوبة من حيث الطول واللون والنوع، وهي ما وصفتها بالأبعاد الجسدية والفسيولوجية.
وبينت أن التمثيل أمام الكاميرا يتعلق أيضا باختيار حجم اللقطة وتركيز المخرج على الجزء الأكثر أهمية داخل الكادر، إضافة إلى ضرورة اختيار ممثل يتوافق نفسيا مع عمق الشخصية، مع وجود لغة تفاهم وحوار متبادل بين المخرج والممثل، إلى جانب التواصل البصري بوصفه أداة أساسية لإنجاح العمل.
وقدمت جيهان مثالا بالنجم الراحل أحمد زكي، باعتباره نموذجا لمدرسة تمثيلية متفردة تعتمد على التعايش الكامل مع الشخصية من الداخل قبل الخارج، وهو ما ظهر بوضوح في أدواره المتنوعة في السينما، ومنها شخصية الرئيس السادات وشخصيات العامل البسيط والسياسي والمهمش.
وأكدت أن الممثل يبدأ التعايش مع الشخصية منذ القراءة الأولى للنص، ليدخل تدريجيا إلى أعماقها النفسية، مشددة على ضرورة اهتمام الممثل بلياقته الجسدية والصوتية، وبالتدريب المستمر، وخصوصا للمبتدئين، مع أهمية وجود مدرب تمثيل يساعد الممثل على التعامل مع الكاميرا.
شهدت الجلسة مجموعة من المداخلات المهمة؛ حيث تساءلت الفنانة هاجر النحراوي حول علاقة الممثل بالمخرج وحدود تأثير النجوم على بعض الاختيارات الفنية، فيما طرح الكاتب ميشيل منير سؤالا حول حماية النص الأصلي للمؤلف من الإضافات التي قد يدخلها المخرج.
أكد الفنان سامح الصريطي، أن النجم يمتلك خبرات ورؤى تجعل إضافاته متسقة مع تطوير العمل الفني ورفع جودته، موضحا أن مناهج التمثيل المسرحي يمكن تطويعها للوسائط الأخرى، وأن الممثل الحقيقي “يصبح هو الشخصية التي يقدمها”، فيما أشار الكاتب مجدي محفوظ، إلى تأثير البيئة المحيطة بالممثل على أدائه وتجسيده للشخصية.
واختتمت فعاليات الماستر كلاس بنصائح قدمتها المخرجة جيهان إسماعيل، شددت فيها على أهمية المشاهدة المستمرة للأعمال المسرحية، والقراءة المتنوعة في مختلف الفنون، باعتبارهما أساسا لتوسيع آفاق الممثل وصقل أدواته الفنية.
ويقام مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برعاية وزارة الثقافة المصرية برئاسة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ووزارة السياحة والآثار برئاسة الوزير شريف فتحي، والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي برئاسة المهندس أحمد يوسف، تأكيدا على دعم الدولة للفعاليات الثقافية التي تبرز الوجه الحضاري لمصر وتعزز مكانتها على خريطة السياحة العالمية، في إطار تكامل البعدين الثقافي والسياحي لخدمة أهداف التنمية الشاملة.
ويحظى المهرجان بدعم كامل من محافظة جنوب سيناء بقيادة اللواء الدكتور خالد مبارك، في إطار التعاون بين المؤسسات الوطنية لتحقيق التنمية الثقافية والسياحية المتكاملة، وبرعاية ذهبية للبنك الاهلي المصري، وشركة عين للإنتاج الفني، وبلدية ظفار بسلطنة عمان.
وتتولى إدارة الدورة العاشرة للمهرجان الدكتورة إنجي البستاوي، وتحمل الدورة اسم الفنانة إلهام شاهين تكريما لمسيرتها الفنية الثرية ودعمها المستمر لقضايا المسرح والفنون، فيما يرأس اللجنة العليا للمهرجان المنتج هشام سليمان، وشاركت في تأسيس المهرجان الفنانة الراحلة سميحة أيوب سيدة المسرح العربي، والتي شغلت منصب الرئيس الشرفي لدوراته السابقة.