- جيمي كارتر: الاتفاقية غيرت واقع الشرق الأوسط .. والولايات المتحدة لم تعد وسيط نزيها للسلام
- جيهان السادات: فشل مفاوضات كامب ديفيد كان سينهي أفاق السلام فى المستقبل المنظور.. وغياب أي حل عادل للفلسطينيين لن يحقق السلام
- شبلى تلحمي: السياسة الأمريكية في المنطقة تمر بـ"لحظة حرجة"
- المستشار السابق لكارتر لشؤون الشرق الأوسط: توافق الرؤى بين كارتر والسادات أثار شكوكًا لدي رئيس الوزراء الإسرائيلي
- ويليام كوانت: بيجين لم يكن مستعدا لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين.. والسادات كان محبط للغاية من ذلك
- نائبة رئيس المخابرات الأمريكي الأسبق: كامب ديفيد قصة نجاح دبلوماسي رغم المشاكل التي واجهتها.. والبنتاجون والمخابرات لاعبان مهمان داعمان للدبلوماسية الأمريكية
شهدت جامعة ميريلاند الأمريكية، احتفالية بمناسبة الذكرى الأربعين لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، نظمها كرسي أنور السادات للسلام والتنمية بالجامعة، ناقش خلالها نخبة من الاساتذة والدبلوماسيين عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط.
وشارك فى الاحتفالية كل من البرفيسور شبلي تلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية فى جامعة ميريلاند، وبعث الرئيس الأمريكى الأسبق جيمي كارتر برسالة للاحتفالية، فيما شاركت السيدة جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل أنور السادات عبر مقطع مصور، فضلا عن ويليام كوانت، كبير مساعدي كارتر في الشرق الأوسط والذي يعتبر لاعب مهم في إنجاز إتفاقية كامب ديفيد.
واشاد رئيس جامعة ميريلاند، والاس لو، خلال افتتاحه الفاعلية، بالعمل الفذ الذى قام به الرئيس السادات وجهوده من أجل السلام والتنمية، ثم منح الكلمة للبروفيسور شبلي تلحمي الذي قرأ رسالة بعثها الرئيس كارتر.
وأكد كارتر فى رسالته أن اتفاقية كامب ديفيد قبل 40 عاما كانت إنجازاً هامًا للسلام وغيرت واقع الشرق الأوسط، موضحا "في مثل هذا اليوم منذ أربعين عامًا، جمعت بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن لإجراء محادثات سلام في كامب ديفيد".
وتابع: "كان من المقرر أن نُجري - نحن ومستشارونا - على مدى 13 يومًا مفاوضات صعبة ومكثفة، الأمرى الذى تطلب شجاعة وتضحية من جانب الموقعين (السادات وبيجين)".
ومضي قائلا: "لقد أُغتيل السادات قبل أن تتحقق أهداف الاتفاقية بالكامل. لدي شعور قوي أنه إذا لم يمت أنور السادات، حالنا كان سيكون أفضل اليوم، في بعض الأحيان كنت متفائلاً بأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين كان في متناول أيديهم".
وأعرب كارتر عن أسفه بأن التفاؤل اليوم صعب للغاية في ظل الظروف السائدة، مشيرا ًإلى أن المستوطنات الإسرائيلية توسعت في الضفة الغربية بشكل كبير خلال العقود الأربعة الماضية والفلسطينيون لديهم اختلافات جوهرية بين أنفسهم والديمقراطية الإسرائيلية معطلة بشكل كبير بسبب الاحتلال.
وأضاف: "عندما قابلت السادات لأول مرة، كان دائم القول بإن 99% من الأوراق في أيدي الولايات المتحدة، كان مبالغًا بالتأكيد، لكنه كان على حق بأن الولايات المتحدة لديها دور هام، ليس فقط كقوة عظمى مؤثرة ولكن أيضا بسبب تأييدها القوي لإسرائيل التي لديها أيضا مصالح في المنطقة".
وشدد كارتر على أنه لكي تنجح الولايات المتحدة في هذا الملف، يجب أن تكون وسيطا صادقا وأن تسترشد بشعور من الإنصاف واحترام حقوق الإنسان والاتفاقيات والالتزامات الدولية، معربا عن أسفه بأن الولايات المتحدة لا تمارس حاليًا دور الوسيط النزيه.
من جانبها، قالت السيدة جيهان السادات -في رساله متلفزه- إن "غياب حل عادل للقضية الفلسطينية لن يحقق السلام الراسخ، مشيرةً إلى أن "رحلة الرئيس السادات من أجل السلام الشامل في الشرق الأوسط أنهت حياته".
وأضافت أن البند الثاني من إطار اتفاقية كامب ديفيد للسلام والتي تتعلق بالتعامل مع القضية الفلسطينية لم يتحقق حتى الآن، فلم يتحقق الاستقلال الفلسطيني والاحتلال "الإسرائيلي" للضفة الغربية مازال قائما، مشددةً على أن السلام في المنطقة لا يتحقق إلا بعد التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، وفق قناعات الرئيس السادات.
ووصفت قرينة الرئيس الراحل، المفاوضات التي جرت قبل 40 عاماً، بين السادات وبيجين في كامب ديفيد بوساطة الرئيس كارتر، بـ"الحرجة".
وأوضحت السادات أن تلك المفاوضات باتت ممكنة لأن السادات فاجئ العالم كله بمد يده بالسلام وإنهاء دائرة الحرب التي دامت ثلاثة عقود بين البلدين، مشيرةً إلى أن فشل المفاوضات كان سينهى آفاق السلام فى المستقبل المنظور، ما كان سيولد حروب أخرى ومعاناة أكثر.
وأكدت أن اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية "الإسرائيلية" اللاحقة أنهت سلسلة من الحروب المدمرة بين البلدين واستطاعت مصر أن تستعيد كل شبر من أرضها التى احتلتها إسرائيل فى 1967.
وتابعت: "بينما حصلت إسرائيل على ضمانات للسلام، فإن كل حكومة مصرية أو إسرائيلية طوال الأربعين عام الماضية اللاحقة على الاتفاق، أبقت عليه رغم الاضطرابات الاقليمية و الدولية غير العادية".
وأوضحت أن رحلة السادات من أجل السلام الشامل في الشرق الاوسط أنهت حياته، مضيفةً:"كثيراً ما كنت أفكر كيف كانت ستصبح الرحلة لو أتيحت له الفرصة لاستمرار مسيرته للسلام".
من جهته، قال البروفيسور شبلى تلحمي "إنها لحظة حرجة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عند النظر في الأربعة عقود السابقة بعد اتفاقية كامب ديفيد، والتى لم يتحقق فيها السلام (بين الفلسطينيين والإسرائيليين)، فقد بات صعب فعله ولكن يجب أن يتحقق.
وأضاف: "مبادرة الرئيس السادات جريئة وغير عادية للذهاب إلى الكنيست بعد أربعة حروب بين مصر واسرائيل ويمد يده للسلام. ولكن منذ هذه اللحظة حتى اتفاقية كامب ديفيد فلم تكن الأمور بهذه السهولة".
من جهته، أوضح البروفيسور جرجيري بول، عميد كليات العلوم السلوكية والاجتماعية في جامعة ميريلاند، أن الرئيس السادات ضحى بحياته بسبب شجاعته ورؤيته، مضيفا: "اليوم ندرك ونكرم دور السادات وجهده من أجل السلام والتنمية".
من جانبه، تطرق البروفيسور ويليام كوانت المساعد السابق للرئيس كارتر لشؤون الشرق الأوسط، فى كلمته إلى تفاصيل متعلقة بالمفاوضات السابقة على عقد قمة كامب ديفيد.
وقال كوانت: "أتذكر بوضوح الأمور التي أدت إليها اتفاقية كامب ديفيد وبالطبع الثلاثة عشر يوما هناك وأريد أن يعلم الجميع أنها كانت إنجازا تاريخيا كبيرا ولم يكن حدوثه أمر مسلم به أو استنتاج واقعى".
وتابع: "لقد واجهنا عثرات بعد زيارة السادات لإسرائيل فى نوفمبر1977، والمحاولات اللاحقة للمفاوضات التي حدث أغلبيتها على مستوى وزراء الخارجية ولكنها لم تجر بصورة جيدة".
وأضاف: "في مرحلة ما قام السادات بسحب وفده من المفاوضات. فقد كان عازما على تحقيق السلام بينما لم يكن بيجين عازما على التنازل للفلسطينيين، الأمر الذى دفع كارتر لعدم التركيز في المحادثات على الحل الشامل وانما على السلام بين مصر واسرائيل".
وأشار إلى أنه عندما وجد كارتر ان المحادثات على مستوى وزراء الخارجية ليس لها جدوى، قرر عقد اجتماع مع السادات وبيجين في كامب ديفيد وكان لديه نفس رؤية السادات، ما ولد شكوك لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن بينهما شيئا ولكنه لم يستطع أن يرفض حضور القمة.
وأضاف كوانت: "قرر كارتر استخدام ثقل الولايات المتحدة، فالسادات يريد بعض الربط ما بين المعاهدة المصرية الاسرائيلية وبين حل القضية الفلسطينية، بينما لم يكن بيجين يرغب في ذلك مطلقا".
وحول كواليس الاتصالات بين القاهرة وواشنطن قبل قمة كامب ديفيد، قال الدبلوماسي الأمريكى المخضرم إن "السادات أخبر السفير الامريكي في مصر قبل ذهابه إلي كامب ديفيد إنه يحتفظ بمفاجأة لكارتر، وعقب وصول السادات للولايات المتحدة، قدم لكارتر عرضا مصريا لاتفاقية السلام ببنودها المختلفة من وجهة نظر المصريين، فقال له كارتر إن بيجين سوف يرفضه، فأجابه السادات بأنه يعلم ذلك وأن العرض سوف يثير غضب رئيس الوزراء الاسرائيلي، وهنا يأتي دور أمريكا أن تحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وهذا ما حدث بالفعل، ما أثار غضب بيجين".
ووفقاً لمساعد كارتر، في فبراير ١٩٧٨، حدث لقاء ما بين كارتر والسادات في كامب ديفيد، وكان السادات محبطا لأن مبادرته للسلام بالذهاب إلى إسرائيل لم تسفر عن شئ، مشيرا إلى أنه خلال اليومين أو الثلاثة التي قضاها كارتر مع السادات في كامب ديفيد كانوا معظم الوقت بمفردهم.
وأضاف كوانت أنه "خلال المحادثات، أوضح السادات أنه عازم على ارساء سلام مصري اسرائيلي وأي شيء آخر يمكن أن يحصل عليه للفلسطينيين ولكن ليس على حساب فقد الفرصة للسلام المصري الاسرائيلي"، على حد قوله.
وأوضح كوانت أن كارتر بعد تلك المقابلة بدأ يركز على العائد من زيارة السادات للقدس على الأقل في سلام مصري إسرائيلي وأي شيء يمكن الحصول عليه وكان هذا انتقال من استراتيجيتنا الأصلية، مشيرا إلى أن بيجين لم يكن مستعدا لإعطاء أي شيء للفلسطينيين، وأصبح السادات محبط جدا لأن الأمور لم تكن تسير على ما يرام بالنسبة إليه.
ولفت كوانت إلى أن السادات وبيجين لم يتحدثا مره أخرى حتي موعد التوقيع على الإتفاقية، ولكن وفودهم هي التي كانت تعمل معنا، مشيرا إلي أن كل من أسامه الباز وإيهود باراك عملا معا عن قرب من أجل التوصل للإطار العام للإتفاقية والتي كانت الجزء الأسهل وبذل كارتر مجهودا كبيرا من أجل تحقيق ذلك .
بدورها، قالت إلين لايبسون، نائبة رئيس مجلس المخابرات الوطنية الأمريكي الأسبق، فى كلمتها إن "كامب ديفيد مازالت قصة نجاح دبلوماسي رغم المشاكل التي واجهتها".
وأضافت لايبسون أنه من المفيد معرفة اللاعبين الآخرين في الفريق الأمريكي، منوهة بأهمية إشراك المخابرات والبنتاجون كلاعبين داعمين للدبلوماسية، لفتح آفاق جديدة للسلام ولفهم الحقائق الموجودة في أرض الواقع وتحليلها لدعم الدبلوماسية، وتحديد الفرص المتاحة، واستخدام المعلومات المتوفرة لديهم وخبراتهم المتراكمة عبر السنين في الشرق الاوسط.