صحيفة المغرب ــ تونس: التونسيون والتونسيات و«المسؤولية الاجتماعية» - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صحيفة المغرب ــ تونس: التونسيون والتونسيات و«المسؤولية الاجتماعية»

نشر فى : الجمعة 1 يوليه 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 1 يوليه 2022 - 8:50 م
نشرت صحيفة المغرب التونسية مقالا للكاتبة آمال قرامى بتاريخ 28 يونيو، تناولت فيه مفهوم المسئولية الاجتماعية، وسبب تراجع دور المؤسسات المدنية العربية عن النهوض بأعباء المسئولية الاجتماعية.. نعرض من المقال ما يلى.
أظهرت دراسات عديدة اهتمت برصد التحولات التى تمر بها المجتمعات «العربية» المعاصرة وجود ضعف فى الشعور بالمسئولية لدى الكثيرين، ويتجلى ذلك فى التقاعس عن أداء الواجبات واللا مبالاة والإهمال والفوضى وعدم الاهتمام بما يعانيه الآخرون، وكذلك شيوع أنماط من السلوك السلبى كإفساد الممتلكات العامة، وإلحاق الأذى بالناس إلى غير ذلك من التصرفات. وقد حاول عدد من الباحثين من اختصاصات مختلفة كعلم الاجتماع وعلوم التربية وغيرها من العلوم الإنسانية اقتراح مفاهيم ومصطلحات ونظريات جديدة قادرة على تغيير أشكال التنشئة، وكفيلة بالنهوض بالفرد حتى يبلغ النضج والوعى الإنسانى بقضايا مجتمعه فيصبح مواطنا فاعلا ومسئولا. ومن أكثر المصطلحات التى شاعت وأثارت اهتمام عدد من الفاعلين فى السنوات الأخيرة، لاسيما بعد التحولات التى مرت بها المنطقة مفهوم «المسئولية الاجتماعية». ويمكن تبرير كثرة تداوله بالحاجة الماسة إلى تغيير السلوك والعقليات بعد ارتفاع منسوب العنف والتطبيع مع عدد من أشكاله واستشراء ظواهر كثيرة كالانتحار والتعصب والعنصرية وغيرها.
وتُعرف «المسئولية الاجتماعية» بأنها بلوغ الفرد درجة من النضج والوعى بمسئوليته عن الجماعة التى ينتمى إليها، واستعداده لتحمل أعباء تحقيق مصلحة ما للمجتمع، وسعيه إلى أن يضطلع بدور هام حتى يغير الواقع المأزوم. ومعنى هذا أن «المسئولية الاجتماعية» هى إحساس أفراد المجتمع بمسئوليتهم تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين من أفراد المجتمع والتزامهم بأداء واجباتهم المواطنية. وتتجلى هذه «المسئولية الاجتماعية» من خلال مؤسسات متنوعة كالمؤسسات التربوية والجامعية (العمل التطوعى الاجتماعى) والدينية (بث التوعية وحث الناس على تغيير سلوكهم، والتصدى للعنف...) والثقافية والاقتصادية، وفى جمعيات متعددة تعمل مثلا على الاستعداد للعودة المدرسية بتلبية حاجات بعض التلاميذ أو ترميم المدارس أو تهيئة الشواطئ قبل «موسم» السباحة إلى غير ذلك من الأنشطة الميسرة لحياة الناس والمعبرة عن التضامن الإنسانى وأخلاق الرعاية.
غير أن المتابع لنسق الأنشطة فى بلادنا فى الأشهر القليلة الماضية، يلاحظ تقلص هذه الحملات، وهو أمر لا يعزى فى نظرنا، إلى عدم الاقتناع بضرورة تحمل المسئولية الاجتماعية بل نقدر أنه راجع إلى المناخ العام السائد الذى يؤثر فى الأمزجة والأداء فيجعل أغلبهم غير قادرين على استيعاب ما يحدث من تحولات وفهم القرارات التى تتخذ نيابة عنهم. وعندما تضيع البوصلة ويهيمن الغموض والضبابية على الأفراد ويسود التشويش الاصطلاحى (قانون، دستور، أوامر، قرارات، أمة، شعب...) تخفت الرغبة فى العمل والتغيير.
ولكن هل بات المجتمع المدنى يعيش حالة من السلبية والركون والتكلس فى ما يتعلق بالنهوض بأعباء مسئوليته الاجتماعية تجاه ما يحدث؟ وهل للحد من التمويل الأجنبى انعكاسات على مستوى تنظيم الأنشطة الرعائية؟ وهل فقد مفهوم المسئولية الاجتماعية فاعليته ونجاعته فى البيئة التونسية فلم يستطع أن يتجذر فى سياق مأزوم ومع أفراد باتوا يؤمنون بالخلاص الفردى لا الجماعى، ولا يرون فى التعلق بالوطن والصمود والتضحية إلا شعارات لا تسمن من جوع؟ وهل تشهد المسئولية الاجتماعية فى الوضع التونسى حالة أزمة مخبرة عن أزمات هيكلية؟ وهل أضحت الفردانية بديلا عن المسئولية الاجتماعية؟ إن هذا السعى الدؤوب إلى البحث عن مخرج للفرار من البلاد والاستقرار بالخارج يثير أكثر من سؤال حول الإصلاح والتغيير واستشراف المستقبل وبناء الوطن وتحقيق التنمية. فالمتأمل فى هجرة المهندسين والأطباء وأساتذة الجامعة وغيرهم من المنتمين إلى قطاعات حيوية لا يسعه إلا أن يقر بحجم المخاطر التى تترصد بنا والمتابع لسلوك الذين كفروا بالقانون والقيود والحدود والضوابط بدعوى «سقوط دولة القانون والمؤسسات» يدرك هول الفاجعة.
التعليقات