نصف المعادلة الناقص! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأحد 13 يوليه 2025 2:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

نصف المعادلة الناقص!

نشر فى : الجمعة 11 يوليه 2025 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 11 يوليه 2025 - 8:50 م

«هل توجد معارضة فى مصر؟».. الباعث وراء هذا السؤال، يتمثل فى مسارعة بعض الأحزاب التى تعتبر نفسها «معارضة» إلى المشاركة فى القائمة الوطنية «من أجل مصر» لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة، والتى تضم أحزابًا وقوى سياسية موالية للحكومة!

ربما كان هذا التوجه أو تلك المشاركة مقبولة إلى حد ما لدى البعض قبل عشر سنوات، عندما استدعت الظروف فى مصر حدوث ذلك؛ حيث مرت البلاد بثورتين كبيرتين خلال ثلاث سنوات، تشكل على أثرهما نظام حكم جديد كان يحتاج إلى «اصطفاف» جميع القوى خلفه سواء موالاة أو معارضة، حتى يجابه التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التى أفرزتها تلك الحقبة، ويعيد بناء مؤسسات الدولة التى تضررت جراء مرحلة الربيع العربى.

خلال تلك الفترة، كان يصعب على المواطن العادى التمييز بين الأحزاب المعارضة وبين الموالية للحكومة؛ حيث تبنى الجميع نفس اللغة والتوجهات والأفكار والمواقف، إزاء الكثير من السياسات والقضايا التى تسمح بهامش واسع للاختلاف والتباين فى وجهات النظر، لاسيما وأنها لا تتعلق بالأمن القومى للبلاد.

أما الآن وبعد أن تمت عملية إعادة بناء الدولة واستعادت مؤسساتها عافيتها وقوتها، وفقًا لتأكيدات كبار المسئولين، فقد أصبح من الضرورى إعادة رسم الخطوط الفاصلة بين الموالاة والمعارضة مرة أخرى.. فوجود معارضة حقيقية يعد أمرًا مهمًا للغاية لاستقرار النظام السياسى فى أى دولة، وغيابها يخلق فراغًا كبيرًا تستطيع أى قوى متطرفة التمدد فيه بسهولة، مثلما حدث بعد ثورة يناير ٢٠١١.

وليس صحيحًا تمامًا أن مشاركة المعارضة والموالاة فى القائمة الوطنية «من أجل مصر»، يعد «نموذجًا ناضجًا فى الممارسة الديمقراطية تقدمه مصر»، كما صرح بذلك النائب علاء عابد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، ولكنه أمر يخل بأسس الاستقرار السياسى فى أى بلد، والذى يتحقق فقط عبر معادلة لها طرفان.. أحدهما يدعم ويساند الحكومة ويمثل ظهيرها السياسى، والآخر يعارض ليصوب سياساتها ويجعلها دائما تشعر بسيف الرقابة على عملها، مما يدفعها إلى تقديم أفضل ما لديها لصالح الوطن والمواطن.

لا يمكننا استيعاب أو فهم أن يكون السبب الرئيسى للأزمة الحادة التى نشبت بين رئيس حزب معارض وبين أعضاء الهيئة العليا لحزبه، هو قبوله وموافقته خلال الاجتماع مع الأحزاب الموالية للحكومة على منح حزبه العريق فى الساحة السياسية المصرية مقعدين فقط فى القائمة، وليس على المبدأ نفسه، أى المشاركة أو عدم المشاركة فيها!

أليس هذا الخلاف دليلًا على غياب الفهم الحقيقى لدى البعض من أحزاب المعارضة، والتى لا تعى أن دورها الأساسى يتمثل فى تقديم بديل حقيقى وسياسات مختلفة تستطيع إقناع الناس بها، وأن يكون هدفها الوصول إلى الحكم، لا أن ينصب اهتمامها أو تركيزها على اللهث وراء مقعد هنا أو منصب هناك؟

بنفس القدر من الدهشة والاستغراب، لا نستطيع فهم أو استيعاب تصريح لممثل حزب معارض آخر شارك فى القائمة، ذكر فيه أن «الانتخابات ليست مجرد وسيلة للحصول على مقاعد فى البرلمان، لكنها فرصة للتأكيد على أهمية المشاركة السياسية، والتعريف بالأحزاب وبرامجها».. فإذا كانت الأحزاب، وفقًا لممثل هذا الحزب الذى ترشح رئيسه فى السباق الرئاسى الأخير، تنتظر موسم الانتخابات لتعريف الناس ببرامجها، فماذا كانت تفعل طوال السنوات التى تفصل بين الاستحقاقات الانتخابية؟ أليس من المنطقى والطبيعى أن تستغل تلك الفترة للنزول إلى الشارع وإقناع المواطنين ببرامجها، وبالتالى عندما يأتى موعد الانتخابات تكون مستعدة للتنافس بقوة، وحصد أغلبية تمكنها من تنفيذ ما وعدت به؟

على أى حال، التنوع والتعدد والاختلاف من سنن الحياة، وبالتالى فإن نقص أو غياب نصف المعادلة اللازمة والمطلوبة لاستقرار المجتمع، ونعنى بذلك المعارضة القوية الواعية لدورها ورسالتها والراغبة فى إحداث تأثير حقيقى لن يكون فى صالح أحد، لكن حتى يتحقق ذلك على أرض الواقع، فإنه ينبغى العمل الجاد على إحياء السياسة وفتح المجال العام وتوفير المناخ الملائم الذى يسمح للأحزاب بالتعبير عن رأيها بكل حرية وشفافية، وأهم عناصر هذا المناخ، ألا تكون ممارسة السياسة تهمة، أو أن يصبح الاهتمام بالشأن العام جريمة.

التعليقات