التقارب المصرى الصومالى فى الفترة الأخيرة ينبغى أن يحظى بأكبر قدر ممكن من الدعم والتأييد الشعبى باعتباره فى صميم الأمن القومى المصرى أولا والعربى ثانيا.
آخر مظاهر هذا التقارب كان استقبال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى يوم السبت الماضى، لرئيس الوزراء الصومالى حمزة عبدى برى.
مدبولى قال إن تحقيق وحدة الصومال ودعمه فى كافة المجالات من أهم أولويات الدولة المصرية، وإن مصر تتحرك بقوة لتعزيز العلاقات مع الصومال، وإن الفترة المقبلة تحمل خيرا كبيرا للصوماليين، وإن مصر جاهزة لتصدير أى سلع أو بضائع يحتاجها الصومال.
عبدى برى قال إن مصر بالنسبة لنا هى «الأخ الأكبر» ونشكرها على كل دعمها فى الوقت الذى يشهد محاولات بعض القوى لتقسيم الصومال.
سنعود لاحقا للحديث عن «هذا البعض» الذى يحاول تقسيم الصومال. لكن قبل ذلك نشير إلى أن اللقاءات بين كبار المسئولين فى البلدين شهدت زخما كبيرا فى الشهور الأخيرة خصوصا بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصومالى حسن شيخ محمود فى منتصف أغسطس الماضى، كما التقيا فى القاهرة أيضا فى بداية هذا العام، إضافة إلى لقاءات أخرى بين وزيرى خارجية البلدين وكذلك كبار المسئولين.
لكن التطور الأهم كان الإعلان فى الزيارة الأخيرة ولقاء الرئيسين عن التوقيع على بروتوكول التعاون العسكرى إضافة للعديد من الاتفاقيات فى مجالات كثيرة. وهناك تقارير متواترة عن أن مصر ستشارك فى قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى فى الصومال المكونة من ١٣ ألف جندى من ٩ دول إفريقية. ابتداء من أول يناير المقبل.
لكن من هو هذا البعض الذى يحاول تقسيم الصومال وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار فيه؟!
الإجابة يعرفها الجميع والطرف الرئيسى المقصود الذى يتحدث عنه رئيس الوزراء الصومالى هو إثيوبيا. وكان غريبا أن تصدر إثيوبيا بيانات وتصريحات تنتقد فيها استعانة الصومال بدول شقيقة وصديقة للتعاون فى مجالات مختلفة.
يبدو غريبا هذا «الهلع الإثيوبى»، خصوصا أن إثيوبيا تشارك فى قوة حفظ السلام الإفريقية منذ تكوين هذه القوة بقرار من الاتحاد الإفريقى الموجود فى أديس أبابا منذ عام ٢٠٠٧.
والغريب أيضا أن إثيوبيا وهى دولة المقر للاتحاد الإفريقى منذ تأسيسه هى التى تتآمر الآن على الصومال بصورة سافرة حينما أعلنت قبل أسابيع عن الاتفاق مع إقليم «أرض الصومال المتمرد» على استئجار ميناء بحرى هناك يمتد على مسافة ٢٠ كيلومترا على سواحل البحر الأحمر بحجة أنه يستحيل على إثيوبيا أن تظل دولة حبيسة.
ومن الواضح تماما أن إثيوبيا لا تقبل إلا بالهيمنة على منطقة القرن الإفريقى، غير مكترثة بأى مصالح لبقية دول المنطقة. هى تعتقد أنها يمكنها أن تبلطج على كل المنطقة بكل الطرق والوسائل من دون أن يكون هناك رد فعل من هذه الدول.
مصر تذهب للصومال ليس للتآمر على أحد أو الإساءة لأحد، ولكن لمساعدة دولة شقيقة هى الصومال فى مجالات متعددة.
هى لم تذهب إلى هناك للتدخل فى شئون الآخرين، بل لمحاولة إعادة الأمور إلى نصابها فى الصومال والقرن الإفريقى، خصوصا أن إثيوبيا اتضح أنها تسعى لاستدامة الفوضى هناك، باعتبار أن استقرار الصومال خطر على أحلام وأوهام آبى أحمد وبقية قادة إثيوبيا الذين يعتقدون أن الزعامة بالصوت العالى أو التدخل فى شئون الآخرين أو محاولة الهيمنة على مياه النيل والتأثير على حصص مصر والسودان، عبر إقامة سد النهضة بقرار أحادى، والاستعداد لإقامة سدود صغيرة أخرى، قد تؤثر بصورة خطيرة على الأمن القومى المائى لمصر والسودان.
مصر تذهب للصومال بهدف جوهرى هو دعم الأشقاء هناك بالتعاون مع أى دولة تدعم هذا التوجه. وبالتالى فإن المعارضين لهذا التوجه هم فقط الراغبون فى استدامة الفوضى فى الصومال. وبالتالى وفى ضوء «الهلع الإثيوبى» ينبغى على مصر والصومال التنبه الكامل لمحاولات أديس أبابا إفشال التقارب المصرى الصومالى.