مذبحة «قانا»: شمعون بيريس لم يكن «صانعًا للسلام» - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مذبحة «قانا»: شمعون بيريس لم يكن «صانعًا للسلام»

نشر فى : السبت 1 أكتوبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 1 أكتوبر 2016 - 9:30 م
نشر موقع CounterPunch مقالا للكاتب بصحيفة The Independent «روبرت فيسك» يتحدث فيه عن وفاة «شمعون بيريس» وما تلاها من نعى وصف فيه «بيريس» بـ«صانع السلام». يحاول الكاتب خلال المقال التذكير بممارسات «شمعون بيريس» وانتهاكاته لحقوق الإنسان وعدم اهتمامه ووضعه لأى اعتبارات لحقوق اللاجئين فى سبيل الوصول لمبتغاه. يتطرق الكاتب لمجزرة «قانا» وما نتج عنها؛ بناء على مشاهدته ومعاصرته وحضوره للحدث ضمن قافلة لمساعدات الأمم المتحدة هناك.

يبدأ فيسك مقاله متعجبا من رد فعل العالم عند سماع خبر وفاة «شمعون بيريس» حيث صرخوا وصاحوا: «صانع السلام!»، بينما أول شىء حضر إلى ذهن الكاتب عند سماع الخبر هو الدماء والحرائق والمذابح. يفسر فيسك ذلك بأنه رأى نتائج المذبحة: أطفال ممزقون ولاجئون مشردون وجثامين محروقة. ويحكى فيسك أنه فى مكان يدعى «قانا» كانت هناك 106 جثث معظمهم من الأطفال ــ وتقع جثامينهم الآن تحت معسكر الأمم المتحدة بعد أن مزقت الغارات الإسرائيلية أجسامهم إلى أشلاء فى عام 1996. فقد كان فيسك فى ذلك الوقت فى قافلة مساعدات للأمم المتحدة خارج القرى اللبنانية الجنوبية مباشرة، وقد شهد هذا الحدث التى كانت فيه القذائف تمر من فوق رءوسهم وتخترق معسكرات وخيام اللاجئين، والذى استمر لمدة 17 دقيقة.

كان شمعون بيريس حينها مرشحا لمنصب رئيس الوزراء عقب اغتيال سلفه «إسحق رابين»، وكان قد قرر قبل يومين من موعد الاقتراع ــ فى ضوء سعيه لزيادة مؤهلاته وإنجازاته العسكرية ــ الاعتداء على لبنان. فهذا الحائز على جائزة نوبل للسلام ــ شمعون بيريس ــ استخدم إطلاق صواريخ كاتيوشا على الحدود اللبنانية من قبل حزب الله كحجة له، والحقيقة أن تلك الصواريخ كانت بدافع الانتقام لمقتل طفل لبنانى صغير بواسطة قنبلة ظنوا أنها من دورية إسرائيلية. بالطبع هذا لا يهم.

***

يضيف الكاتب من وحى مشاهداته أنه بعد أيام قليلة قامت قوات الجيش الإسرائيلى فى لبنان بشن هجوم بالقرب من قانا وانتقموا بفتح النيران على القرية. أصابت الطلقات الأولى مركز ــ أو مقبرة ــ تستخدمه قوات حزب الله، ولكن اخترقت طلقاتهم التالية معسكر الأمم المتحدة الذى يحتمى به مئات المدنيين. صرح بيريس بعدها بأنهم «لم يكونوا على دراية بوجود مدنيين فى المعسكر، وأنها كانت بمثابة مفاجأة بالنسبة لهم».

لكن فيسك يؤكد أن «تلك لم تكن إلا كذبة»، ويبرهن على ذلك بأن الإسرائيليين احتلوا قانا لسنوات بعد اجتياح عام 1982، ولديهم أفلام تسجيلية للمعسكر، وكانوا قد أرسلوا طائرة ــ بدون طيار ــ تحلق فوق المعسكر أثناء مجزرة 1996، وهى حقيقة أنكروها حتى قام جندى من قوات الأمم المتحدة بإعطاء فيديو تسجيلى للكاتب عن طائرتهم التى حلقت فوق المعسكر، وأكد الكاتب أنهم قاموا بنشره فى The Independent. كما أكد أن الأمم المتحدة قد أبلغت إسرائيل عدة مرات أن المعسكر مكدس باللاجئين.

إن «قانا» هى اسهام بيريس للسلام اللبنانى، وقد خسر الانتخابات حينها ولم يعد بعدها يفكر كثيرا بما سببه. ويضيف الكاتب «إلا أننى لم أنس قط»؛ «فعندما وصلت لبوابات الأمم المتحدة كانت سيول الدماء تتدفق. كنت أشم رائحتها، ثم اجتاحت تلك الدماء أحذيتنا والتصقت بها كالغراء. رأيت أرجلا وأذرعا منفصلة، ورأيت أطفالا بدون رءوس، ورءوس رجال كبار دون أجسام، كما رأيت جسد رجل مقسوما لنصفين ومعلقا على شجرة، وما تبقى منه كانت تحرقه النيران».

«على بعد خطوات من الثكنات كانت هناك فتاة جالسة على ركبتيها تسند إلى كتفها رجلا ذا شعر رمادى، وتحيط كتفيه بذراعها، وتهزه يمينا ويسارا بقوة وهى تبكى وتنتحب وتصرخ «والدى ــ والدى» عله يسمعها ويكون على قيد الحياة. ويجزم الكاتب بأنه إذا كانت تلك الفتاة على قيد الحياة ــ وشهدت المجزرة الأخرى التى وقعت بعد ذلك بسنوات من قبل قوات الجو الاسرائيلية ــ فلن تأتى على شفتيها كلمة «صانع السلام» بتاتا.

***
فى تحقيق أجرته الأمم المتحدة عن الواقعة أعلنت بطريقتها أنها لا تعتقد بأن المذبحة كانت مجرد حادثة. اعتبر التقرير بعد ذلك معاديا للسامية. وبعدها بفترة نشرت مجلة إسرائيلية مقابلة مع جنود سلاح المدفعية الإسرائيلى، ممن كانوا يطلقون النيران فى قانا. يشير أحد الضباط فى المقابلة إلى قاطنى القرية بـ«حفنة من العرب» فيقول إن «مجرد حفنة من العرب ماتوا، ليس هناك ضررا فى ذلك» ويبدو أن كبير موظفى بيريس كان مبتهجا ومتفقا مع ذلك فيقول: «أنا لا أعرف أى قوانين أخرى للعبة، لا للجيش الإسرائيلى ولا للمدنيين».

أطلق بيريس بعد ذلك على عملية اجتياح قانا «عناقيد الغضب» وإن لم يكن الاسم مستوحى من جون شتاينباك فسيكون مستوحى من سفر التثنية، والذى يقول فيما معناه «لابد من تدمير الشباب والعذراوات، والرضع مع الشيوخ» وهنا يتساءل فيسك: «هل هناك توصيف أفضل من ذلك للـ17 دقيقة التى شهدتهم قانا؟».

بالطبع تغير بيريس فى السنوات التالية. وكان قد تم الادعاء بأن آرييل شارون ــ والذى شهد جنوده مذبحة صبرا وشاتيلا فى عام 1982 ــ على يد حلفائهم من الجنود المسيحيين اللبنانيين ــ كان «صانعا للسلام» أيضا عند وفاته. لكنه على الأقل لم يتسلم جائزة نوبل.

كما أصبح بيريس بعد ذلك مدافعا وداعيا «لحل الدولتين» حتى فى ظل استمرار بناء المستعمرات اليهودية ــ التى دعمها بشدة من قبل ــ على الأراضى الفلسطينية.

يختتم الكاتب ساخرا من الموقف فيقول فعلا«الآن لابد أن نطلق عليه«صانع السلام». يجب أيضا أن نحسب ــ إن كنا نستطيع ــ عدد المرات التى سيطلق فيها على بيريس خلال الأيام القليلة القادمة لقب «صانع السلام». ثم نحسب بعدها كم مرة ذكرت أو ظهرت كلمة «قانا» فى تلك الحوارات.

النص الأصلى: http://bit.ly/2cG3EhX
التعليقات