شارع البهلوان - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شارع البهلوان

نشر فى : الجمعة 2 أبريل 2021 - 8:55 م | آخر تحديث : الجمعة 2 أبريل 2021 - 8:55 م

صلاح أبوسيف، تلميذ نابغ فى مدرسة استاذه كامل سليم الذى عمل معه مساعدا فى فيلم العزيمة، ويكاد يكون من القلائل الذين تعاملوا بجدية شديدة فى موضوعات افلامه، ولم يكن هناك من يماثله سوى كمال الشيخ، حيث بدأ حياته كمخرج بفيلم مأساوى كمخرج فى فيلم دايما فى قلبى عام 1946، والفيلم الوحيد الذى اخرجه فى حياته الفنية ينتمى إلى الكوميديا يحمل اسم شارع البهلوان، الذى قام ببطولته كاميليا أمام كمال الشناوى واسماعيل يس وحسن فايق.

وفى قائمة أفلام المخرج هناك حيوات قاسية للغاية فى كل من ريا وسكينة، الوحش، الفاتنة، الطريق المسدود، السقا مات، المواطن مصرى.

والغريب أيضا انه انهى حياته كمخرج فى فيلم تلفزيونى كوميدى هو السيد كاف الذى بدأ غريبا عن جميع مسيرته.

يعتبر فيلم شارع البهلوان حالة نشاز او تفرد فى سينما صلاح ابو سيف، وهو ايضا صاحب افلام منها لك يوم يا ظالم، وشباب امراة، ولا تطفئ الشمس، ما يعنى أن أبوسيف لم يكن يصلح ابدا فى عمل أفلام مضحكة، واعتقد انه لجأ إلى هذا النوع بسبب بزوغ نجم المخرج حلمى رفلة الذى صنع فى تلك السنوات مزيجا كوميديا غريبا مع نجوم ونجمات تلك الفترة وعلى رأسهم محمد فوزى وفريد الأطرش واسماعيل يس وشادية، باعتبار أن السينما ايرادات والناس تذهب لتضحك وليس مطلوبا منها ان تفكر ويبدو ان صلاح ابو سيف تعلم من صدمة هذا الفيلم فلم يعد مرة اخرى إلى الكوميديا قط.

ما يعكس ان مخرج الواقعية قد نزل إلى البيئة الاجتماعية باكثر انتشارا ليحكى عن همومها فى افلام منها ايضا بداية ونهاية والقاهرة 30 بالإضافة إلى بعض الرومانسيات منها انا حرة والوسادة الخالية.

فيلم اليوم أقرب إلى المسرحيات الفودفيل الفرنسية حيث المقالب والمواقف المتناقضة داخل بيوت الأزواج فنحن هنا امام رجل شرقى متعلم يشعر بالغيرة الشديدة من مكياج زوجته، ويمنعها عنه، وعليه فإنه يسبب لها المتاعب فى كل مجتمع تذهب إليه، مثل الحفلات والنوادى ورغم ان الزوجة تحبه فإنها لا تبادله الشعور بالغيرة لكنها تضعه فى مواقف محرجة، لأنه أيضا جميل المحيا ناعم الشعر جذاب النساء وعلى المقابل يوجد رجل من اثرياء الحرب ذوى الأصول المتواضعة، يتفاخر دائما ان زوجته تطيعه بلا حدود 

تؤدى دور الزوجة هنا لولا صدقى ذات القوام الفرنسى الممشوق هذه الزوجة تجد نفسها فى ورطة بعد ان قامت احدى صديقاتها برسم قوامها العارى دون كشف الوجه والاشتراك باللوحة فى معرض عام، وهنا يبدو غباء الرجل ونظرته القاصرة، فالزوج لا يعرف ان المرسومة هى زوجته التى لم تنكشف سوى عليه، اللوحة تسبب العديد من المتاعب مع أزواج آخرين منهم مراد الذى يعتقد انها زوجته فتشتعل الغيرة حتى يؤكد الفيلم ان الغيرة ليست وقائع ولكنها وهم فى الرأس او فكرة ليس لها يقين.

محور الفيلم هنا التناقض بين الأشخاص ولا شك ان كل زوج فى عام 1949 سوف يكتشف انه مخطئ فى نظرته وان زوجته هى زوجته، سواء شك فيها ام تيقن من وفائها. 

فى هذا الفيلم دخل ابوسيف إلى عالم الطبقة البرجوازية بجميع اشكالها دون ان يكون لديه مشكلة فى توصيف هذا العالم، مثلما فعل مع الأحياء الشعبية، ولإننا أمام قصة بسيطة أو مسرحية تعتمد على الحوار فإن أبوسيف يلجأ هنا إلى الاغنية الساخرة، فإذا كان المخرج قد سجل لنا بضع أغنيات جسدتها عقيلة راتب فى فيلم دائما فى قلبى فإن المغنى هنا إسماعيل يس الذى قام بدور خميس وهو طباخ فى أحد البيوت الغنية ينتظر أن تأتيه فرصة لاكتشاف مواهبه كمطرب وبالفعل فإنه فى الحفل يقدم اكثر من مونولوج غنائى ليس له أى علاقة بالقصة الاصلية ولكنها أجواء مبهجة تتناسب مع الفيلم الكوميدى، كما أن صلاح أبوسيف استعان لمرة وحيدة بالممثل الكوميدى حسن فايق الذى قام بدور الاب الذى يدافع عن ابنته ضد مشاعر الغيرة التى تنتاب مراد زوج الابنة. 

يجب مشاهدة هذا الفيلم من هذا المنظور، والغريب أن القليلين هم يعرفون هذا الفيلم وانه من اخراج ابوسيف. 

هذا الفيلم لم يأت من فراغ، فعام 1949 هو أيضا السنة التى تم فيها عرض غزل البنات ما شجع مخرجين عديدين على العمل بالكوميديا التى ليست هى صنعتهم الاصلية ومنهم عبدالفتاح حسن مخرج فيلم صاحبة العمارة تمثيل محمد فوزى وسامية جمال وايضا اسماعيل يس، وفيلم صاحبة الملاليم بطولة محمد فوزى وكاميليا وشادية وفى هذا العام ولد فيلم فاطمة وماريكا وراشيل كى يصنع ظاهرة مع ابطاله فوزى ومديحة واسماعيل يس الذى ولد بطلا ايضا فى هذا العام على يدى حلمى رفلة، يعنى هذا ان كل المخرجين المذكورين تركوا الساحة لرفلة وحده كى ينفرد بالكوميديا الغنائية ويتجه صلاح ابوسيف إلى مأسى الحياة كما صورها لنا فى تلك الفترة ابتداء من «لك يوم يا ظالم» و«الأسطى حسن» و«الوحش» و«شباب امراة».

وهى كلها أعمال تبدو مختلفة عن سينما تلك الفترة. 

ونكرر القول إن المخرج كان لا يخرج عن قناعته عكس الكثير من المخرجين الآخرين من جيله ومنهم يوسف شاهين الذى اتجه إلى الكوميديا لفترة، بالاضافة إلى الفيلم الوطنى ومنهم أيضا أحمد بدرخان وبركات وعز الدين ذو الفقار.

التعليقات